تمهيدا لمشروع تطويرها.. «الآثار» تكشف تاريخ مدينة الفسطاط والحفائر بها
قال الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بوزارة السياحة والآثار، إن مدينة الفسطاط تعد أول وأقدم العواصم الإسلامية، حيث أنها بنيت بعد الفتح العربي الإسلامي لمصر في عام 20 هجريًا الموافق 641 ميلاديًا.
وأشار «طلعت» -في بيان أصدره بمناسبة الجولة التفقدية التي أجراها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لموقع تطوير ساحة مسجد عمرو بن العاص ضمن مخطط مشروع حديقة الفسطاط- إلى أن عمرو بن العاص اختار هذا الموقع لتأسيس العاصمة الجديدة، والذي كان خاليًا من البناء والعمارة فيما عدا الحصن الروماني المعروف بحصن بابيلون.
وأوضح «طلعت»، أن عمرو بن العاص أطلق على العاصمة الجديدة اسم "الفسطاط" أي الخيمة، وتعرف حاليًا باسم «حي مصر القديمة»، وهو من أعرق الأحياء بالقاهرة الكبرى، حيث يضم العديد من المواقع الأثرية، منها جامع عمرو بن العاص الذي كان أول مبنى تتم إقامته بالمدينة، بالإضافة إلى عدد من الكنائس، منها الكنيسة المعلقة، وكنيسة أبي سرجة التي بنيت فوق المغارة التي احتمت فيها العائلة المقدسة أثناء رحلتها في مصر، وكذلك معبد بن عزرا اليهودي، وحفائر أطلال مدينة الفسطاط، ومقياس النيل بجزيرة الروضة، وقصر المانسترلي، وقصر محمد علي بالمنيل.
وعن تخطيط مدينة الفسطاط، لفت الدكتور أسامة طلعت إلى أن المصادر التاريخية تشير إلى أن أول ما تم إنشاؤه في المدينة كان مسجد عمرو بن العاص، فهو أول بناء اختط في المدينة، تلاه إنشاء دار الإمارة والتي جرت العادة على إنشائها لسكن الولاة منذ العصر الإسلامي المبكر، ثم شيدت البيوت حوله، وسرعان ما اتخذت الفسطاط مظهر المدينة بجامعها الكبير وبأسواقها التجارية التي أحاطت به، وبدور السكن، وكثرت بها الحارات والأزقة والدروب، التي تعتبر مظهًرا من مظاهر التوسع العمراني والازدهار الاقتصادي.
وأضاف «طلعت»، أنه في أواخر العصر الفاطمي، تعرضت المدينة لحريق ضخم أدى إلى احتراق نصف المدينة الشرقي، وبمرور الوقت تحول هذا النصف الشرقي إلى تلال، وظلت هكذا حتى عام 1912م، حين بدأت أولى الحفائر الأثرية بها.
وكشف «طلعت» عن تاريخ الحفائر الأثرية بالمدينة، موضحًا أن هناك حفائر ما بين أعوام 1912 و1920، حيث بدأت الحفائر في مدينة الفسطاط خلال القرن العشرين عن طريق مصلحة الآثار المصرية حينذاك، والتي قام بها عالم الآثار المصري علي بهجت والمهندس الفرنسي ألبرت جبرائيل، حيث قاما بعمل حفائر منظمة نتج عنها الكشف عن بعض بيوت ومنشآت مدينة الفسطاط ترجع لفترات متلاحقة بدءًا من العصر الطولوني وحتى العصر الفاطمي أي منذ القرن التاسع وحتى القرن الثاني عشر الميلادي.
وأشار «طلعت» إلى أن هذه البيوت تعرف بـ"بيوت الفسطاط"، وقد تم بناؤها من الطوب الأحمر، وتتكون من صحن مكشوف وقاعة رئيسية ومجموعة من الحجرات علاوة على حديقة، و كان يصل ارتفاع هذه البيوت إلى أربعة طوابق.
وتابع «طلعت»، أن بقايا هذه البيوت لا تزال موجودة حتى الآن، ولكن يتراوح ارتفاع بقاياها ما بين 50 سم وحتى 2.50 متر، كما لا يزال أغلبها محتفظا بوسائل تزويد وتصريف المياه حتى الآن.
ونبَّه الدكتور أسامة طلعت إلى أن التحف الأثرية التي تم الكشف عنها أثناء الحفائر تم حفظها وعرضها بمتحف الفن الإسلامي، ومنها برديات ونسيج وعملات وخزف وغيرها.
ولفت طلعت إلى حفائر عام 1932م التي قام بها عالم الآثار حسن الهواري، حيث قام باستكمال أعمال الحفائر التي بدأها علي بهجت، حيث اكتشف بقايا البيت الطولوني، والذي يعود تاريخه للقرن الثالث الهجري، حين تولى أحمد بن طولون ولاية مصر واستقل عن الخلافة العباسية، وكذلك بقايا الحمام الفاطمي.
ونوَّه «طلعت» بأن أعمال الحفائر بالفسطاط توالت، ومنها حفائر جمال محرز سنة 1964م، ثم حفائر كلية الآثار بجامعة القاهرة برئاسة الدكتورة سعاد ماهر فيما بين عامي 1973 و1975 في منطقة جامع الأولياء، وحفائر البعثة المصرية الأمريكية خلف جامع أبو السعود على يد العالمين جورج اسكانلون وكوبياك، وحفائر المعهد الفرنسي بمنطقة إسطبل عنتر، بالإضافة إلى حفائر البعثة المشتركة ما بين مركز دراسات الشرق الأوسط الياباني مع تفتيش آثار الفسطاط ومركز البحوث الأمريكي بمنطقة الفواخير خلف جامع عمرو بن العاص.