«ألوان ثانوية» رواية تطرح هموم وحياة أمهات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
صدر حديثا عن دار بن رشد للنشر والتوزيع رواية "ألوان ثانوية: للروائية سارة شحاته، وتعد الرواية الثالثة في مشروعها الأدبى، بعد روايتي "أبصار، وخمس نجوم"، كما صدر لها من قبل مجموعة قصصية بعنوان "سنية هسى" و"رائحة نعناع" الحائزة على جائزة الدولة التشجيعية.
تتناول الرواية حياة خمس أمهات لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين تتفاوت درجات إعاقتهم البدنية والعقلية. إلى جانب شخصيتين ثانويتين تظهران خلال فصلين من الرواية.
(رغدة) هي سيدة أعمال وابنة لرجل أعمال كذلك.. عاشت حياتها كلها مترفة وتزوجت ممن أصرت عليه رغم معارضة والدها لتواضع خلفيته الاجتماعية تبدأ حياتها بالتغيير، بعد إصابة ابنها بمرض نادر يؤدي لإعاقة، ومن ثم يستدعي علاجا مكثفا فتجد نفسها تخرج من فقاعتها المجتمعية لتحتك بنماذج مختلفة من الأمهات في مثل حالتها من مختلف الثقافات والمستويات المادية المختلفة لتتسع بصيرتها شيئا فشيئا وتتغير داخلها تدريجيا.
تراقب زوجها في صمت وهو يخونها المرة تلو الأخرى حتى تقرر الانتقام منه بهدوء وبطريقة مؤلمة. تقرر الاهتمام بمشاكل الأطفال الذين بحاجة لنوع مختلف من الرعاية غير متوفر في كافة الأماكن العلاجية التعليمية لتستثمر جزء من اموالها من أجل تلك القضية ولتجد ذاتها التي تبحث عنها.
(بيان) شابة سورية من النازحين الذين استطاعوا الفرار من سوريا قبل اشتعال الحرب وانتشار الدمار بها. رحلت بملابسها مع زوجها ورضيعها مودعة كل ممتلكاتهم وذكرياتهم في سوريا ليبدأوا من الصفر في مصر.عانى ابنها كذلك من إعاقات نتيجة ظروف ولادته وقت الحرب والحصار في سوريا ونقص العناية الطبية. تبدأ في الاختلاط التدريجي في المجتمع المصري ونراه بأعينها بشكل مختلف . نختبر معها حياتها قبل وبعد الحرب في سوريا ونعرف عن الشتات الذي أصاب عائلتها فأمها وشقيقها في دمشق بينما اختها تزوجت في (الرقة ) لتحمي أملاك الأسرة لتقع في براثن أحد أعضاء "داعش" ندخل في حياتها المثيرة حتى تنجح في الفرار لتركيا وتبدأ حياة جديدة هناك بينما كل فرد من العائلة في ناحية مختلفة من العالم.
(سهام) سيدة في الأربعينات من أسرة متوسطة الحال يعاني زوجها من مرض الكلى ويحتاج لغسيل كلوي .تحمل في سن متأخرة مما يؤدي أن ترزق بابن "داون" لكنها لاتتقبل الأمر وتنقل نقمتها وسخطها من القدر والحياة على الجميع وعلى ابنها الذي يعاني إهمالا كبيرا منها شخصية جافة عاطفيا في ظاهرها شديدة القسوة لكن قشرتها قابلة للنزع لنكتشف ابعادا انسانية لا يعرفها أحد عنها إلا عندما تصاب بشدة تزلزل كيانها وتبدل حياتها.
(هبة) مهندسة نشطة ناجحة وأم لطفلين شديدي الحيوية والذكاء لكن يتعرض أحدهما للسقوط من الطابق الثالث وتكتب له الحياة بعد كم مهول من العمليات لكنه يحيا معاقا بعد ذلك. تتحول حياتها بشكل جذري بعد تلك الحادثة وتتبدل العلاقات بينها وبين زوجها لتتراوح بين قرب وبعد . تحاول اعتياد حياتها الجديدة وتحاول مساعدة باقي الأمهات في التواصل وتشكيل جمعية للتكافل والمساعدة والوصول للأفضل من تعليم وعلاج لأبنائهم حتى يتقبلهم المجتمع ويدمجهم داخله دون عزلة ولا استغراب. تتقارب علاقتها مع رغدة وتساعدها في مشروعها لتحقيق مستقب أفضل للأطفال.
(دعاء) فتاة صعيدية نزحت مع أسرتها للقاهرة بعد تجربة زواج شديدة السوء والمهانة حيث أخفى زوجها انه لديه تاريخ وراثي مرضي بالعائلة ومما أدى لولادة ابنتها بمرض وراثي اعاقها عن الكثير من المهارات في الحياة . عاشت تجربة زواج مريرة وتجاهد كي تحقق الأفضل لابنتها التي تخلى عنها طليقها . تتسم بالطيبة الشديدة ومحاولة التقرب لباقي الأمهات وتقديم شتى أنواع المساعدة. شخصية عاطفية تحركها عواطفها وتسبب لها المشاكل في كثير من الأحيان.
تتقارب كل الشخصيات في مكان مشترك ونرى كل واحدة من وجهة نظر الأخرى فنرى تباينا شديدا في المرآة التي يرانا بها الآخرون. ندخل في عالم الأمهات ونعيش معهن معاناتهن اليومية من أجل القيام بأمور نعتبرها في حياتنا روتين لكنها هي حلم بالنسبة لهن. يتبعد النص عن الميلودراما أو المبالغة في مشاعر الحزن ليكون واقعيا معبرا عن حياة يويمة تتقابل فيها المصائر والحيوات بشكل متداخل ومتصاعد لتكون نهاية سعيدة للبعض وواقعية للبعض كطبيعة حياتنا المتخبطة دوما بين فرح وحزن.