صدور «المتاحف المصرية» لـ«محمد جمال راشد»
صدر حديثا عن دار العربي للنشر والتوزيع، كتاب المتاحف المصرية، قراءة في فلسفة نشأتها وتطورها وتنوعها للكاتب والأكاديمي الدكتور محمد جمال راشد.
يقدم الكتاب قراءة جديدة في نشأت المتاحف المصرية وتطورها عبر قرنين من الزمان. وفيها يسعى المؤلف لتقديم رؤية مختلفة حول أسباب النشأة والتطور، والدوافع التي ربطت فيما بين المتاحف المصرية والآثار المصرية القديمة كعلم من حيث النشأة في العصر الحديث، ومجموعة كان لها الأثر الأكبر في تشكيل توجهات أكبر المتاحف حول العالم وليس في مصر فقط.
هذا إلى جانب الدوافع والأطماع الاستعمارية وأثرها الثقافي على المجتمع المصري وتراثه؛ وتوجهات الاستعمارية بالتدخل في تشكيل النظرة الشاملة للتاريخ المصري القديم وتقسيمه لفترات تاريخية شبه منفصلة، وإبعاد كل محاولة لوضع نظرة شاملة لتجسيد الشخصية المصرية الفريدة والمتفردة في صناعة هذا التاريخ والتراث الهائل، خوفًا من أن تقوم لها قائمة مرة أخري سببا جوهريا في محاولة كسر هذه الوحدة وتفتيت العلاقة الناشئة بين المصريين وتاريخهم الطويل؛ خاصة بعد ما لمسه الغرب من ذكاء وتخطيط لمحمد علي باشا والي مصر في النصف الأول للقرن التاسع عشر، والذي كاد أن يعيد مصر لمكانته القيادية في السبق الحضاري للعالم.
وكذلك تأكيدا على الأطماع الشرسة للغرب في سرقة الآثار المصرية ونقلها لمتاحفهم الغربي. وهو أمر كشفته أفعالهم وخططهم على مر العقود الطويلة، وكما سوف نستعرض خلال هذا العمل.
لم يذهب المؤلف للتطرق لرصد التطور التاريخي للمتاحف المصرية بتقديم قراءة تاريخية؛ ولكن بالأحرى حاول جاهدا تقديم قراءة جديدة تطرح الأسئلة والافتراضات حول كل حادثة وموقف؛ فيما تناقش وتعلل الأسباب أحيانا وتطرق الباب مفتوحا لدراسات ومناقشات مستقبلية في بعضها الآخر.
ولما كانت المتاحف المصرية – ولا تزال – شديدة الصلة بالآثار المصرية القديمة ونشأة علم المصريات في القرن التاسع عشر، فقد رأى المؤلف الغوص أكثر في استعراض قراءة متكاملة لنشأة المتاحف المصرية دون الوقوف فقط عند نشأتها في العصر الحديث؛ ولكن تقديم قراءة متوازية لنشأتها في العالم القديم متمثلة في مُتحف الإسكندرية القديم كأول مُتحف شيد وفقا – لغرض محدد – أن يقوم بالدور والغرض المعني به المُتحف وفق مفهومنا الحديث، ولكن منذ أكثر من (2300 سنة)، ليس هذا فحسب، بل ولتأصيل الفكرة في الحضارة المصرية القديمة، والوقوف على الإرهاصات والمقدمات لنشأة المتاحف فيها. والتقديم لدور المعابد المصرية والقصور الملكية في القيام بوظائف المتحف من الاقتناء والحفظ والعرض لكل ما هو ثمين من الأعمال الفنية، ودورها كذلك في توثيق التراث الثقافي واستدامته عبر القرون طويلة من خلال الممارسات التي استمر إقامتها في باحات المعابد والقصور في المناسبات الدينية والوطنية المختلفة.
وفي سبيل هذا الطرح، قُسم المجلد المؤلف من أحد عشر فصل لقسمين متساوين، الأول يتناول نشأة وتطور المتاحف المصرية في الحضارة المصرية القديمة، ثم إحياء نشأتها مجددا في العصر الحديث ارتباطا أيضا بالحضارة المصرية القديمة والاهتمام العالمي بها ليكون بمثابة إعادة إحيائها ثانية من خلال علم المصريات والصورة التي قدمت بها الحضارة المصرية القديمة حديثا غازية العالم أجمع ثقافيا، ومن ثم باتت تشغل موضع الصدارة في كل المتاحف الكبرى حول العالم.
فيما يأتي القسم الثاني ليتناول نماذج للمتاحف المصرية في قراءة تعريفية تشتمل على تصحيح بعض المعلومات المتوارثة خطأ خاصة فيما يتعلق بتصنيف هذه المتاحف وجوهر الاختلاف فيما بينها. ومن ثم فكان التوزيع بناء على تصنيفها وفق لمعيار طبيعة المجموعة المتحفيه باعتباره أهم المعايير القياسية لتصنيف المتاحف، وسوف يتطرق المؤلف للمتاحف المصرية من زواية ورؤى مختلفة في المجلد الثاني لهذا العمل.
ويبدأ المجلد بالفصل الأول بعنوان "المُتحف ووِلاَدَةُ الفكرة من رحم المعابد المصرية"؛ وهو يتناول الصورة التاريخية لمصر كمُتحف مفتوح قديما وحديثا إنعكاسا على الصورة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية لمصر؛ وتلك التي تصورها المتاحف المختلفة حول العالم من خلال مجموعات الآثار المصرية القديمة. ثم عودة لهذه الصورة في التاريخ المصري القديم وكيف رسمها المصري بريشته وأزميله على جدرات المعابد والمقابر الخالدة. ومنها يستاق المؤلف البراهين على قيام المعابد المصرية القديمة بنفس وظائف المتحف المتعارف عليها حديثا. وينتهي بقراءة في تاريخ مُتحف الإسكندرية كأول متحف بني بغرض أن يكون متحفا.