«تأشيرة الخروج».. قصة رفع سامية جمال دعوى قضائية ضد فؤاد سراج الدين
رصد صلاح الشاهد، مدير مراسم مجلس الوزراء خلال العهد الملكي في مصر، كبير الأمناء في رئاسة الجمهورية خلال العشرين عاما الأولي من عمر ثورة 23 يوليو 1952، في مذكراته الصادرة ضمن مشروع مكتبة الأسرة تحت عنوان "ذكرياتي في عهدين"، كواليس السياسة وأزماتها بين العهدين الملكي والجمهوري. كما تتضمن ذكرياته العديد من القصص اللطيفة والشائقة عن أبرز الشخصيات السياسية والفنية والعامة في مصر منذ الأربعينيات وحتي ثمانينيات القرن المنصرم.
وأشار "الشاهد" في كتابه "ذكرياتي بين عهدين" قصة غير معروفة أو شائعة عن الفنانة سامية جمال، وكيف تسببت في أزمة سياسية بين الحكومة الوفدية والقصر في بداية الخمسينيات، حيث قال: “في صيف 1951 كان الملك فاروق في دوفيل٬ ووعد جلالته أحد أصحاب الكباريهات باستقدام راقصة من القاهرة٬ تحيي ليالي ألف ليلة في المدينة الفرنسية الصاخبة”.
وتقدمت الراقصة بطلب تأشيرة الخروج من القاهرة ولكن وزير الداخلية رفض السماح لها، وحدثت أزمة بين القصر والحكومة، وفشلت الحاشية الملكية في إقناع وزير الداخلية بأن سفر الراقصة لتمثيل مصر في الخارج إرادة ملكية سامية لا يمكن للحكومة إزائها إلا الطاعة والتسليم، ولكن وزير الداخلية ــفؤاد سراج الدين ــ لم يقتنع، بل وأصر علي الرفض إصرارا شديدا.
وتابع:"أذكر أن الملك بنفسه اتصل بوزير الداخلية محاولا جعل الوزير يستجيب، ولكن الوزير رد علي الملك بقوله: إني أرفض التصريح لهذه الراقصة لأن فيه مساسا بالعرش، وأنا أدري بمصلحة العرش. واهتزت العلاقات بين السراي، وفؤاد سراج الدين باشا، وصلت إلي حد التوتر الذي ينذر بوقوع شيئ للحكومة. ولكن فؤاد سراج الدين بقي صامدا".
وواصل:"وأشار خصوم الوفد علي الراقصة "الملكية" بأن ترفع دعوي أمام مجلس الدولة ضد وزير الداخلية ضخصيا لإلغاء القرار والحكم عليه بالتعويض لمساسه بالحرية الشخصية لإحدي الراقصات. ورفعت الدعوي بالفعل الراقصة سامية جمال، وصدر حكم المجلس برفض الدعوي باعتبارها تدخلا في سلطة الإدارة التي هي أعلم بمصالح البلاد، ولم تسافر سامية جمال كما طلب الملك".
ــ سرقة حذاء النحاس باشا من الجامع في "رأس البر"
ومن الحكايات الطريفة التي يذكرها صلاح الشاهد في "ذكرياته بين عهدين" حكاية سرقة حذاء رئيس الوزراء مصطفي النحاس باشا. ففي سنة 1941 كان النحاس باشا يصطاف في رأس البر، وكان مولعا بالسباحة٬ وكان يصطحب معه كاتب هذه الذكريات "صلاح الشاهد" في رياضته المفضلة، ويضم إلي زمرة مرافقيه الرياضي الكبير "إسحق حلمي"٬ وابن دمياط البار "عبد المعم عبده".
وفي أحد أيام الجمع، والنحاس باشا ومكرم باشا عبيد يعومان في مياه الجربي، قال النحاس باشا مداعبا مكرم عبيد باشا: أمتي يا مكرم باشا تسلم عشان تصلي معانا الجمعة؟ فضحك مكرم باشا وانتهت فترة الاستحمام، وخرج النحاس باشا من البحر إلي عشته٬ وارتدي ملابسه وذهبنا جميعا لأداء الصلاة في دمياط. واستقبل النحاس باشا ومرافقيه استقبالا حماسيا حافلا .
وبعد أن أدي رفعته الصلاة٬ خرج يفتش عن الحذاء فلم يجده، وكانت حادثة من أطرف الحوادث التي مرت بالنحاس باشا. وخرج أهالي دمياط عن بكرة أبيهم ليكسروا حوانيت الأحذية بحثا عن حذاء ملائم لرفعة الباشا، ولكنه رفض، وعاد بالسيارة دون حذاء.ووجد مكرم باشا منتظرا في عشته في رأس البر، وعندما علم بهذا الخبر، استغرق في الضحك وقال لرفعة النحاس باشا مداعبا: عايزني أسلم يا باشا، علشان جزمتي تتسرق؟ .
ــ هدية الملك فاروق للنحاس باشا في عيد ميلاده "خاتم زمرد"
ومن الحكايات الأخري التي ذكرها صلاح الشاهد في مذكراته، تلك الخاصة بالهدية الملكية للنحاس باشا: وفي يوم 15 يونيو 1950 وفي الساعة الخامسة مساء وصلت إلي جناح المرحوم مصطفي النحاس باشا بفندق سان ستيفانو سلة فواكه من مزارع الخاصة الملكية مع مندوب ملكي قال لي: هذه السلة هدية من جلالة الملك لرفعة النحاس باشا بمناسبة عيد ميلاده.
وصعدت بالسلة إلي غرفة النحاس باشا الذي فتح غطائها فوجد كمية من المشمش وفوقها علبة مجوهرات، فتحها رفعته فوجد بداخلها خاتما من الزمرد فسألني: الخاتم ده حريمي ولا رجالي؟ فقلت: إنه رجالي وإن الملك أرسله هدية بمناسبة عيد ميلاد رفعتك اليوم٬ ولبسه النحاس باشا فورا ونادي علي قرينته وقال لها: شوفي هدية الملك في عيد ميلادي٬ عرف أزاي مقاس صباعي، لازم القلم السياسي بتاعه عارف كل حاجة. فقالت له: دا جميل خالص أعطه لي٬ فقال: هدية الملك لا تهدي ولا تخلع من يدي.