عمّر الأديرة وتصدى لاضطهاد محمد علي.. محطات في حياة «البابا يوأنس»
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم؛ بذكرى رحيل البابا يوأنس، البابا 103 من باباوات الإسكندرية.
ووفقا لكتاب السنكسار الكنسي، في مثل هذا اليوم 17 يونيو 1718، تنيح البابا يوأنس السادس عشر، ويعرف باسم يوأنس الطوخي، وكان والداه مسيحيين من طوخ النصارى بكرسي المنوفية، فربيا نجلهما وكان يدعى ابراهيم، أحسن تربية وزوداه بكل معرفة وأدب وعلماه أحسن تعليم، ونشأ وترعرع في الفضيلة والحياة الطاهرة.
وتابع الكتاب: “لما تنيح والده زهد العالم واشتاق لحياة الرهبنة فمضى إلى دير القديس أنطونيوس ببرية العربة وترهب فيه ولبس الزي الرهباني واتشح بالاسكيم المقدس، فلما تفاضل في العبادة والنسك اختاره الآباء الرهبان فرسمه البابا متاوس الرابع بكنيسة السيدة العذراء بحارة زويله قسا على الدير المذكور فازداد في رتبته الجديدة فضلا وزهدا حتى شاع ذكر ورعه واتضاعه ودعته، ولما تنيح البابا البطريرك مناوش وخلا الكرسي بعده اجتمع الأباء الأساقفة والكهنة والأراخنة لاختيار الراعي الصالح، فانتخبوا عددا من الكهنة والرهبان وكان هذا الأب من جملتهم وعملوا قرعة هيكلية بعد أن أقاموا القداسات ثلاثة أيام وهم يطلبون من الله سبحانه وتعالى أن يرشدهم إلى من يصلح لرعاية شعبه ولما سحب اسم هذا الأب في القرعة علموا، وتحققوا أن الله هو الذي اختاره إليه هذه الرتبة، وتمت رسامته في يوم الأحد 9 برمهات سنة 1392 ش، (5 مايو سنة 1676)، ودعي يوأنس السادس عشر، وكان الاحتفال برسامته فخما عظيما عم فيه الفرح جميع الأقطار المصرية”.
وأضاف السنكسار: “اهتم البابا بتعمير الأديرة والكنائس، فقد قام بتعمير المحلات الكائنة بالقدس الشريف وسدد ما كان عليها من الديون الكثيرة وجدد مباني الكنائس والأديرة وكرسها، واهتم خصيصا بدير القديس أنبا بولا أول السواح”.
وتابع: “في شهر أبيب سنة 1417 ش، وقع اضطهاد على الشعب الأرثوذكسي بمصر في زمن الوالي محمد علي باشا، بسبب وشاية وصلته بأن طائفة النصارى الأقباط أحدثوا مباني جديدة في كنائسهم فعين على الكنائس أغا من قبله ورجال المعمار وقضاة الشرع للقيام بالكشف على الكنائس، فنزلوا وكشفوا وأثبتوا أن في الكنائس بناء جديدا، وتدخل أمراء مصر وأكابر الدولة وشفعوا عند الوالي محمد علي، فقرر عليهم غرامة، واجتمع البابا بالأراخنة المعلم يوحنا أبو مصري والمعلم جرجس أبو منصور والمعلم إبراهيم أبو عوض واتفق الرأي بينهم على أن يطوف البابا حارات النصارى ويزور البيوت ويحصل منها ما يمكن تحصيله من هذه الغرامة”.
وتابع:"في سنة 1709 قام هذا البابا بزيارة القدس الشريف ومعه بعض الأساقفة وكثير من القمامصة والقسوس والأراخنة عن طريق البر السلطاني، وتحمل نفقة هذه الزيارة المقدسة الشماس المكرم الشيخ المكين المعلم جرجس أبومنصور الطوخي، بعد أن تكفل بنفقة ترميم وصيانة بيعة السيدة العذراء الشهيرة بالمعلقة بمصر".
وأضاف: “كان البابا يتفقد الكنائس ويزور الديارات والبيع كما زار بيعة مار مرقس الإنجيلي بالإسكندرية وطاف الوجهين البحري والقبلي وأديرتهما وكنائسهما وكان يهتم بأحوالهما ويشجعهما ورتب في مدة رئاسته الذخيرة المقدسة في الكنيسة وهي جسد المسيح ودمه لأجل المرضي والمطروحين الذين لا يقدرون على الحضور إلى الكنائس”.
وتابع: “ولما أكمل سعيه مرض قليلا وتنيح بسلام هو وحبيبه الأرخن الكريم جرجس أبو منصور في أسبوع واحد فحزن عليه الجميع وحضر جماعة الأساقفة والكهنة والأراخنة وحملوا جسده بكرامة عظيمة وصلوا عليه ودفنوه في مقبرة البطاركة بكنيسة مرقوريوس أبي سيفين بمصر القديمة في 10 بؤونه، بعد أن جلس على الكرسي إثنين وأربعين سنة وثلاثة أشهر”.