رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى «دنشواي»... ننشر شهادة متهم بالحادثة: الإنجليز كانوا سيعدمون 52 شخصا لولا هذا الشخص

حادثة دنشواي
حادثة دنشواي

حادثة دنشواي مر عليها 115 عاما منذ وقوعها في الثالث عشر من يونيو عام 1906 في قرية دنشواي التابعة لمحافظة المنوفية غرب الدلتا؛ عندما تطور الأمر بين خمسة ضباط إنجليز وفلاحين مصريين إلى مقتل عدد من المصريين بالنار بينهم امرأة، ووفاة ضابطٍ بضربة شمس. 

الأهم في القضية - وهو ما خلدها تاريخياً- رد الفعل الغاشم للسلطة الإنجليزية التي كان مضى ربع قرنٍ على احتلالها مصر وعلى رأسها اللورد كرومر والطريقة المتعجرفة الشنيعة في تنفيذ الأحكام. أدت التفاعلات إلى عزل كرومر وتأجيج الغضب الشعبي ضد المحتل وكل من يتعاون معه.

كتاب «أشهر القضايا المصرية» للكاتب الدكتور محمود كامل الصادر عن «كتاب اليوم»، كشف عن شهادات شهود عيان حادثة دشنواي، حيث كشفوا أن عمدة دنشواى ابن الشيخ محمد الشاذلى لم يكن موجوداً في البلدة عند وقوع الحادثة، وقال عزب عمر محفوظ أحد المتهمين في الحادثة ممن حكم عليهم بالجلد: "الضباط الإنجليز اعتادوا أن يحضروا إلى القرية قبل الحادثة بسنتين أو ثلاث سنوات فينزل الأهالي للتفرج عليهم دون أن يتعرضوا لهم، وفى السنة الرابعة – وهي سنة الحادثة – جاءوا كعادتهم وكان منزل عمي حسن محفوظ قريبا من السكة الزراعية.

وتابع: كنت في الظهر جالساً معه أمام بيته فسمعنا طلقات نارية. عندئذ اتجه عمي حسن واتجهت معه إلى الناحية البحرية من البلدة عند السكة الزراعية. وأشار إلى الضباط الإنجليز أن يبتعدوا قليلا عن منازل القرية وأجرانها. ولما تبين أنهم لم يفهموا كلامه طلب من المترجم الذى كان يرافقهم أن يفهمهم ذلك. ثم عاد إلى بيته وأنا معه. فاتجه الضباط إلى الشرق وقسموا أنفسهم قسمين. الأول اتجه إلى الناحية البحرية والآخر إلى الناحية القبلية حيث أجران القمح التي كانت ممتلئة بالغلة واستمروا فى الصيد ولم نشعر إلا والنار تشتعل في الجهة القبلية بجرن محمد عبد النبي المؤذن وسمعنا الأهالي يحذرون الإنجليز "النار طارت في الجرن ما تضربوش سلاح"، وطلعت أم محمد زوجة "عبد النبي" تصريخ فضربها أحد الضباط الإنجليز، وبعدين بدأت في تحديف الطوب على الإنجليز.

عزب محفوظ، أجاب عن سؤال مؤلف الكتاب: "كيف اتهمت في الحادثة إذن؟"، رد: كان أحد أعمامي شيخاً من مشايخ البلد فلما حضر رجال الحكومة كلفوا كل شيخ من مشايخ البلد بأن يخرج من يشتبه فيه من حصته. فأخرج نفرا وعندئذ قال له هذا النفر "أنت يا عم على بتجيبني ونسيت ابن أخوك عزب يعني هو ماكانش فيها، وكان المفتش الإنجليزي مارا حينذاك فقال لعمي هات ابن أخيك فاحضروني وسجنت في شبين الكوم خمسة عشر يوما ثم قدمونا إلى المحكمة المخصوصة التي استمرت أيام وقضت علينا بالجلد. فبيتنا في السجن ثم نقلونا في العربات إلى دنشواي ونفذوا الحكم فينا. فأعدم عمي حسن محفوظ شنقا.. وجلدت أنا".

المحامي إبراهيم الهلباوي الذى كلفته الحكومة المصرية وقتها بالمرافعة بقضية حادثة دشنواي، كشف أن الإنجليز كانوا سيقومون بإعدام 52 من أبناء حادثة دنشواي وهو ما وقف ضده حتى انتهى كبار الموظفين الإنجليز لخضوع لرأيه وقبلوا أن يقتصر طلب الإعدام على عشرة فقط، بحسب شهاداته التي رصدها مؤلف الكتاب.