صور الطفولة في حياتهم| سما يحيي: الخيال أهم من المعرفة
عن صورة الطفولة في حياتهم، والسنوات الأولى، عن الجنة والجحيم، عن التطرف الجميل في اللعب مع الوقت، عن ما وراء الصورة من حكايات، تحدث الكثير من الأدباء لـ«الدستور» عن هذه الفترة.
تقول الفنانة التشكيلية سما يحيي، إن الخيال أهم من المعرفة مقولة شهيرة لأينشتين تلخص أهمية ما يبنيه المبدع فى مخيلته بالنسبة لمنتجه الفنى ومن هنا تأتى أهمية مخزونات الطفولة من الصور والأحداث والتجارب بالنسبة للفنان فهي المرحلة الأكثر خصوبة فى الخيال كل أداة أو تجربة أو صورة بصرية جديدة بالنسبة للطفل هي عالم ساحر مليء بالأسرار.
وتضيف سما يحيي أن المغامرة والبهجة داخل كل فنان والتي تجعله دوما طفل لم يكبر، ما يكبر فقط هو مخزونه من الصور والحكايات والعوامل السحرية وأحلامه بالأدوات والصور التي في مخيلته تملك قوة خفية ومفاتيح لعوالم موازية واقتراحات جديدة للجمال.
وتستكمل: "بدون هذا المخزون البصرى للصور والمواقف والتشكيلات والتصورات لا يمكن إنتاج عمل فنى من الأساس فهي الأساس لاقتراح هذا العالم الموازي الأجمل الذى نسميه بالفن فالكون الممثل فى عمل فنى ليس إلا صورة كما يقول شوبنهاور وهذه الصورة لا تأتى من فراغ بل هي نتاج لآلاف الصور المختزنة في ذهن الفنان".
وتلفت يحيي: "كلما كانت الصور المختزنة أكثر كلما كان ثراء المبدع أكبر فالتقنيات الفنية والمهارة والحرفية وحتى الدراسة الجادة وحدها لا يمكنها أن تنتج عملا فنيا متكامل تلك الصور البصرية ومخزون التجارب والقدرة على التخيل ورؤية الأشياء والأشكال بمنظور مختلف وفى سياقات مبتكرة هي حجر السياق الذى يتم التعبير عنه من خلال الخبرة والمعرفة".
وتشير: "فى معرضى الماضى "حكاوي القهاوي" استحضرتنى أدوات المقهى وعالمها لكي أصنع من هذه الأدوات وهذا العالم المحرم وصوره الساحرة الذى كنت أراقبه من بعيد وانطبع فى ذاكرتي عالم حميمي وقريب وفى معرضى القادم عروسة الخبيز استحضر عالم أكثر قربا وحميمية بالنسبة لى صورة النساء الجالسات أمام فرن الخبيز البلدى وهن يصنعن الخبز و الكعك والقرص ويحمين الأفران بحطب القطن وحولهن الأطفال يلعبون ببواقي العجين ويشكلوها على هيئة عرايس واحصنة وفرسان وأحلام كثيرة جدا محشوة بالسكر تنضجها النار، هذه الصورة انطبعت في ذاكرتي لعالم جميل جدا لم أره إلا لمرات قليلة".
وتتذكر سما يحيي: "بالنسبة للميلاد أنا من مواليد مصر محافظة الشرقية لكن السنين الأولى من حياتي حتى سن ١٤ سنة كانت في الكويت بحكم عمل ووالدي ووالدتي هناك لم يكن هناك أي محظورات على ما أذكر بالعكس كان لك كامل الحق في الاكتشاف وإرضاء فضولك كاملا على أن تتحمل مسؤولية أعمالك.. بالنسبة لي كانت فترة الاجازة الصيفية فعلا هي الوقت الأكثر تأثيرا في الصورة البصرية والذهنية لمصر فترة الاجازة بيت جدي البلد الريف الجنينة.. الدار التحتانية الفرن الطين والخبيز وغرف الخزين أبراج الحمام سقف البيت الخشب وعروقه الباب وقرمته الحديد.. المولد ولعب العيال طراطير أراجوز خشب رمضان الفوانيس".
وختمت "كل هذه صور يمكن ركزت لدرجة كبيره في ذهني لأني كنت بشوفها بعين الزائر أو السياح فكل تفاصيل المكان والأحداث محفورة في ذهني لان كل ده كان عالم مدهش ومبهج وجذاب لأي طفل.. أظن إن دي الفترة الأكثر تأثيرا وانعكاس على فني وهو ما اكتشفته ويتأكد لي أنا نفسي بعد كل معرض سنين التكوين الأولى والصورة الأولى هي التي تحدد رؤية المبدع فيما بعد لأنها صور مطبوعة أو بالأصح محفورة في عقله الباطن ارتبطت بالاكتشاف واللعب في انتظار اللحظة التي يعاد فيها صياغتها في إطار إبداعي لتخرج للنور.. تتحول الصورة لفكرة تطاردك أحيانا في انتظار ان تخرج للحياة ففي عروق سقف منزل جدي الخشبية مثلا كنت اتخيل عرايس وبنات وفرسان وموكب فرح أحيانا وهو ما قمت بتنفيذه فعلا في أكثر من معرض على مدى ٣سنوات".