حيثيات إعدام «سفاح الجيزة» المتهم بقتل فتاة الإسكندرية
أودعت محكمة جنايات الاسكندرية، برئاسة المستشار جمال جمعة عقرب، وعضوية كل من المستشارين ايمن مصطفي الصحن، واحمد محمود عوض، حيثيات الحكم الصادر بالإعدام في القضية رقم 2340 لسنة 2021 جنايات المنتزه ثان، والمقيدة برقم 79 لسنة 2021 كلي المنتزه، والمتهم فيها قذافي فراج عبد العاطي عبد الغني، والملقب اعلاميا بـ "سفاح الجيزة" بقتل المجني عليها ياسمين نصر ابراهيم، عمداً مع سبق الاسرار بأن جمع رأيه وبيت النية وعقد العزم والمصمم علي قتلها.
وأيقنت المحكمة أن المتهم لبث بعزمه في هدوء ورويه وفكر مطمئن بتدبير أمر جريمته وما اعتصر عقله من خطة شيطانية محكمة لملاحقتها بتهديده بالابلاغ عن واقعة استيلائه على أموالها بدون وجه حق والتي خشي منها نذير انكشاف امره وسائر أفعاله الاجرامية السابقة فدبر مخططا محكما واستدرجها للعين محل الواقعة وما إن ظفر بها حتى أطبق بكلتا يديه عنقها بقوة ولم يفلتها حتي ايقن وفاتها فاحدث بها اصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى اودت بحياتها قاصدا من ذلك ازهاق روحها ثم وارى جثمانها بالتراب بعد أن أعد قبرها بذات العين محل ارتكاب الواقعة علي النحو المبين بالتحقيقات.
ـ المحكمة:
وقالت المحكمة إنه بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة ودفاع المتهم والمرافعات الشفوية والمداولة قانونا، حيث تخلص وقائع الدعوي حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمان اليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من سائر اوراق الدعوي وما تم بها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في ان المتهم قد اسلم وتله للشيطان وسار علي خطاه متقمصا شخصيته وقد نزع الله الرحمن من قلبه ولم يسلم من براثنه كل من قرب منه فلم تسلم منه حبيبة ولا صديق ولا زوجة ففي خلال ثلاثة اشهر في غضون عام 2015 بمحافظة الجيزة كان هناك ثلاثة ضحايا له قتلهم بدم بارد فاستهل جرائمة بقتل محبوبته ندين السيد سيد علي واتبعها بقتل صديقه رضا محمد عبد اللطيف واختتمها بقتل زوجته فاطمة الزهراء السيد سيد علي ورغبة منه في الهروب من ملاحقه ذوي ضحاياه قرر النزول الي مدينة الاسكندرية وبدا حياة جديدة واسس حانوتا لتجارة الادوات الكهربائة وتقدمت المجني عليها ياسمين نصر علي للعمل لديه وحينما علم بانها تمتلك من حطام الدنيا شقة سكنية سال لعابه وتحركت نفسه المنهمة والمطعتشة للمال ايا كان مصدره واحتال عليها واستطاع بدهائه ان يقنعها بتحرير توكيل رسمي له وقام ببيع تلك الشقة مستوليا علي ثمنها.
وأضافت الحيثيات عندما ادركت المجني عليها المكيدة استفاقت من غفلتها بعد ان علمت بانها وقعت ضحية لذلك المتهم طالبته بثمن تلك الشقة الا انه اخذ في مراوغتها والتهرب منها فقامت بتهديده بالابلاغ عنه فعند ذلك خشي نذير افتضاح امر جرائمه السابقة فاجتر من ذاكرته طريقة التخلص من ضحاياه ففكر وتدبر امره في هدوء وعقد العزم وبيت النية علي التخلص من المجني عليها بقتلها.
وأشارت المحكمة إلى أن المتهم عقد النية ففي غضون شهر يناير عام 2018 اتفق مع المجني عليه علي ان يلتقيا بشقة مستأجرة كائنة بالدور الارضي بعقار بشارع عمر المختار بالعصافرة يستخدمها المتهم كمخزن لبضائعه بحجة اعطائها اموالها وما ان حضرت حتي اوصد باب تلك الشقة واطبق علي رقبتها بكلتا يدية قاصدا من ذلك قتلها حتي ان فاضت روحها ولم يتركها الا جثه هامده، وقام باستئجار عمالا وقاموا بحفر حفره باحدي غرف تلك الشقة بزعم وجود مشكلات في صرف تلك الشقة وقام بمواراة جثه المجني عليها فيها ثم واري عليها الثري واعاد الحال ما كان عليه ثم قام بانهاء عقد ايجار تلك الشقة واعادها لمالكها واقر المتهم تفصيليا بارتكاب الواقعة وارشد عن مكان اخفائه لجثه المجني عليها.
وتابعت الحيثيات ان الواقعة علي السياق المتقدم في استقام الدليل علي صحتها ونسبتها الي المتهم وثبوتها في حقه ثبوتا يقينيا قاطعا، حيث شهد اشرف نصر ابراهيم، شقيق المجني عليها، بان شقيقته متغيبة عن مسكنها منذ ثلاثه سنوات وقد ابلغ بواقع تغيبها في المحضر رقم 12609 لسنة 2017 اداري المنتزه اول، وان الخاتم المعدني والملابس التي عرضت عليه خاصين بشقيقته المجني عليها، كما شهدت والدتها يامنة كيلاني، وشقيقة المجني عليها ندي، بمضمون ما شهد به شقيقها سالف الذكر، كما اكدت التحريات السرية ان المجني عليها كانت تعمل لدي المتهم بحانوته وقد قام المتهم بالاحتيال عليها والاستيلاء علي اموالها وحينما طابته برد تلك الاموال فعقد العزم وبيت النيه علي قتلها، كما ثبت بتقرير الصفة التشريحية للمجني عليها ياسمين نصر، ان الجثة المستخرجة لانثي طولها 163 سم الي 165 سم جاوزت الثامنة عشر من عمرها وقاربت علي الثلاثين وان الوفاة بها شبهه جنائية وانه حكما علي ما تبين من ظروف الواقعة وموقع دفن الجثمان وغياب عدد من العظم اللامي وسلامة باقي العظام فلا يوجد ما يمنع من حدوث الوفاة وفق التصوير الوارد علي لسان المتهم وحدوثها بطريق الخنق.
واكدت الحيثيات أن المتهم اقر تفصيليا في تحقيقات النيابة العامة بارتكابه للواقعة حيث قرر انه وفي خلال 3 اشهر في غضون عام 2015 بمحافظة الجيزة قتل كلا من ندين السيد سيد علي، وصديقه رضا محمد عبد اللطيف، وزوجته فاطمه الزهراء السيد سيد علي، ورغبته منه للهروب من ملاحقة ذوي ضحاياه وقرر النزوح الي مدينة الاسكندرية وبدأ حياة جديدة واسس حانوت لتجارة الادوات الكهربائية وقتل المجني عليها ودفنها بارضية الشقة المستأجرة.
كما قام المتهم بتمثيل واقعة القتل المجني عليها تفصيليا، وبجلسة المحاكمة مثل المتهم وانكر وترافعت النيابة العامة مطالبة بتوقيع اقصي العقوبه عليه ومثل محامي انتدبته المحكمة للدفاع عن المتهم كما حضر محام ورثه المجني عليها وادعي مدنيا قبل المتهم بمبلغ مليون وواحد جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت كما صمم علي طلباته لتوافير الخطأ والضرر وعلاقه السببية وانضم للنيابة في طلبها بتوقيع اقصي عقوبة علي المتهم الماثل.
كما طلب الدفاع الحاضر مع المتهم البراءة بعد شرح ظروف الواقعة وملابساتها تأسيسا علي انتفاء جريمة القتل العمد بركنيها المادي والمعنوي وانتفاء نيه ازهاق الروح لدي المتهم وعدم توافر ظروف سبق الاسرار كظرف مشدد لواقعة المتهم تحت تأثير التهديد والاستفزاز من قبل المجني عليها وبطلان الاعتراف المنسوب للمتهم لتناقضة مع تقرير الطب الشرعي ووقوع المتهم تحت تأثير مادي ومعنوي فمردودا عليه بان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي اطمانت المحكمة الي صدقه ومطابقته للواقع، ولما كان ذلك الاعتراف الذي ادلي به المتهم في تحقيقات النيابة قد جاء مفصلا متماشيا مع كافة ادلة الدعوي ومادياتها فضلا عن تمسكه بذلك الاعتراف حينما اعلمته النيابة بالجريمة وعقوبتها، كما ارشد المتهم عن مكان دفنه لجثة المجني عليها، وكانت المحكمة تطمئن الي سلامة الاعترافات التفصيلية التى ادلي بها المتهم في تحقيقات النيابة وتري انها صدرت منه طواعية وعن ارادته حره دون ضغط او كراه ومن ثم فيكون ذلك الدفاع ظاهر البطلان ويعوزه الدليل وتلتفت عنه المحكمة.
وتابعت المحكمة في حيثياتها ان الدفع في جدية التحريات كزنها جاءت ترديدا لاقرار المتهم بمقارفته للجريمة المسنده اليه فمردودا عليه بما هو مقرر من ان تقرير التحريات وكفايتها هو من المسائل الموضوعية التى يوكل فيها الامر لسلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع وانه متي اقتنعت المحكمة بجدية الاستدلالات التي بنى عليها وكفايتها فانه لا معقب عليها واذ كانت هذة المحكمة بما لها من سلطه في هذا الصدد تري في التحريات التي قام بها الضابطين شاهدي الاثبات انها قد بنيت علي اسس سليمه واسباب سائغه ومقبوله وتتفق مع التصوير الوارد بالاوراق علي نحو ما اقر به المتهم ومع ما انتهي اليه الطب الشرعي في تقريره ومن ثم فالمحكمة تطمئن الي تلك التحريات بما يضحي معه ما اثاره الدفاع في هذا الشأن غير سديد ترفضه المحكمة، وحيث انه الدفع ببطلان اعتراف المتهم لتناقضه مع ما جاء بتقرير الطب الشرعي فمردودا عليه بانه وفضلا كون ذلك الدفاع من مرسل القول حيث ان دفاع المتهم لم يبين مواضيع ذلك التناقض فان ذلك الدفاع ظاهر البطلان حيث جاء تقرير الصفة التشريحية للمجني عليها متطابق مع اعتراف المتهم. حيث اثبت في تقرير الصفة التشريحية انه هناك فقد بالعظم اللامي بجثة المجني عليها مما يوجد جواز حدوث الوفاة عن طريق الخنق كما قرر المتهم وهو ما تلتفت عنه المحكمة، وحيث ان نيه القتل فهي امر خفي لا يدرك بالحس الظاهر انما تستنبطه المحكمة من المظاهر والظروف المحيطة بالدعوي والامارات والمظاهر الخارجية التي ياتيها الجاني ثم وتنم عما يضمره في نفسه، وكانت جرائم القتل العمد والشروع فيه تتطلب توافر قصدا جنائيا خاصا لدي الجاني وهونيه ازهاق روح المجني عليها ولما كانت النية من خائنة الاعين وما تخفي الصدور ــ وتستخلصها المحكمة استخلاصا سالفا من ظروف الدعوي ووقائع الحال الصدور وقائع الحال ان هذه النية متوافره وبحق في نفس المتهم.
حيث انه سبق له ارتكاب وقائع قتل سابقة بمحافظة الجيزة وانه هرب الي الاسكندرية لبداية حياة جديدة وكان حريصا علي عدم تداول اسمه بثمه وقائع جنائية حتي لا ينكشف امر جرائمه السابقة فحينما هددته المجني عليها بالابلاغ عن واقعة احتياله عليها فتدبر امره في رويه وهدوء وعقد العزم وبيت النيه ووضع خطته لتنفيذ نيته الاجرامية فاستدرجها الي الشقة المستأجره والتي يستخدمها كمخزن بحجة تسويه خلافاتهما المالية واعطائها اموالها وقام بقتلها، وحيث انه عن ظروف سبق الاصرار فمن المقرر ان سبق الاصرار هو التفكير الهادئ في الجريمة قبل التصميم عليها وتنفيذها فهو يعني ان فكرة الجريمة قد خطرت للجاني قبل ان ينفذها بوقت كاف اتيح له فيه ان يفكر بهدوء وسيطره علي نفسه وان ينتهي الي التصميم علي ارتكابها بعد تقاليب الامر علي وجوهه المختلفه ورتب وسائل وتدبير عواقبه ورسم خطة واقدم علي مقارفتها وقد استخلصت المحكمة من ظروف وملابسات الدعوي ان المتهم قد توافر له الوقت المناسب للتفكير الهادئ والتروي والتدبير للجريمة بعد ان استقرت فكرة قتل المجني عليها في وجدانه للخلاص من تهديدها له بالابلاغ عنه وانكشاف امر جرائمه السابقة.
واوضحت المحكمة انها قد اقتنعت بصدق وصحة ادله الثبوت في الدعوي ووجدتها مطابقة للحقيقة والواقع وارتأت توقيع عقوبه الاعدام علي المتهم جزاءا وفاقا لما اقترفته يداه فقررت باجماع الاراء ارسال الاوراق الي فضيله مفتي الجمهورية لابداء الرأي الشرعي فيما نسب الي المتهم عملا بالمادة 382/2 اجراءات جنائية، حيث ان فضيله المفتى قد اودع رأيه الشرعي المؤرخ في 31 مارس 2021 بما فحواه "ان المقرر عند فقهاء الشريعة الاسلامية ان من خنق شخصا بيده قاصدا القتل ونجم عن فعله القتل غالبا فذلك من قبيل القتل العمد الموجب للقصاص شرعا فمتي كان ذلك فان ما اقيمت الدعوي بالطريق المعتبرة قانونا من قبل المتهم ولم تظهر في الاوراق شبهه تدرء القصاص عنه كان جزاؤه الاعدام قصاصا لقتله المجني عليها".
وتابعت المحكمة انه عما اثاره من اوجه دفاع حاصلها التشكيك في الدليل الذي اطمئنت اليه المحكمة بقاله انتفاء جريمة القتل العمد بركنيها المادي والمعنوي وانتفاء نيه ازهاق الروح لدي المتهم وعدم وجود شاهد رؤيا علي الجريمة في غير محله اذ هو في حقيقتة لا يعدو ان يكون جدلا موضوعا في تقرير الادلة واستخلاصها المحكمة من اقوال شهود الاثبات وسائر الادلة الاخري لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولها صداها واصلها في الاوراق فلا يجوز منازعاتها في شانه ويكون منعي الدفاع في هذا الصدد ويعيد عن محجه الصواب وتعرض المحكمة عن انكار المتهم بجلسة المحكمة والذي لم يقصد به سوي الافلات من العقاب بما يتعين الالتفات عنه، لذا حكمت المحكمة حضوريا وباجماع الاراء في جلسة 5 ابريل 2021 بمعاقبة المتهم قذافي فراج بالاعدام شنقا واحالة الدعوي المدنية الي المحكمة المدنية المختصه وابقت الفصل في المصاريف.