زعيم جبهة بوليساريو يعود للجزائر وسط استمرار الأزمة بين الرباط ومدريد
عاد زعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي إلى الجزائر، الأربعاء، آتياً من إسبانيا التي كان قد وصلها سراً بغرض العلاج في شهر ابريل ما أثار أزمة دامت عدّة اسابيع بين مدريد والرباط.
واكد مصدر حكومي إسباني أن زعيم جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) غادر إسبانيا ليلا متوجها إلى الجزائر، الداعمة الرئيسية للجبهة.
وقال المصدر "إنه في الجزائر".
ونقلت الإذاعة الجزائرية عن السفير الصحراوي لدى الجزائر عبد القادر طالب عمر، أنّ غالي وصل حوالى الساعة الثالثة فجراً (02,00 بتوقيت غرينتش) "لاستكمال فترة النقاهة".
وأضاف طالب أنّ حالته الصحية "في تحسن ولم يعد هناك اي داع لبقائه في المستشفى الاسباني".
كما زاره الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مستشفى عين النعجة العسكري في الجزائر العاصمة، وكان برفقته رئيس أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة.
ونقلت الإذاعة الجزائرية وصف الرئيس الجزائري لزيارته بالواجب، وتجديده موقف بلاده "الداعم للقضية الصحراوية".
وكانت وزارة الخارجية الإسبانية قالت مساء الثلاثاء إنّ غالي "خطّط لمغادرة إسبانيا هذه الليلة من مطار بامبلونا" في شمال البلاد، من دون أن تحدّد وجهة الطائرة.
وكانت سلطة الطيران المدني الاسباني أكدت أن "طائرة مدنية جزائرية" متجهة إلى لوغرونيو دخلت الثلاثاء المجال الجوي الاسباني ثم عادت أدراجها بناء على "أمر من المراقبين الجويين العسكريين".
وجاءت مغادرة ابراهيم غالي بعد امتناع قاض اسباني استمع اليه الثلاثاء في إطار شكويين قدّمتا ضدّه في ملفّي "تعذيب" وارتكاب "إبادة"، عن اتخاذ أي إجراء بحقّه فيما كان مقدمو الدعوى يطالبون بمصادرة جواز سفره وتوقيفه احتياطيا.
وبرر القاضي قراره بأن "تقرير الادعاء لم يقدم أدلة" تثبت ان زعيم بوليساريو "مسؤول عن جنحة".
وكان وصول غالي إلى إسبانيا فيما "حياته بخطر" وبسرية تامة في 18 أبريل على متن طائرة طبية وضعتها في تصرفه الرئاسة الجزائرية وفق صحيفة "إل باييس" الإسبانية، أثار أزمة كبيرة بين مدريد والمغرب.
وردا على استقبال الرجل الذي تعتبره الرباط "مجرم حرب"، تراخت القوات المغربية قبل أسبوعين في مراقبة الحدود مع سبتة ما أفسح المجال لموجة هجرة غير مسبوقة.
ومن غير المعروف إذا ما كانت مغادرة غالي لاسبانيا ستساهم في خفض التوتر بين الجانبين.
وقالت نائبة رئيس الوزراء الاسباني كارمن كالفو "نريد علاقات قائمة على الاحترام، وبناءة للغاية لأن مصالحنا مشتركة"، في تصريحات تميّزت بنبرة هادئة مقارنة باتهام وزراء في حكومة بيدرو سانشيز الرباط في أوج الأزمة ب"الابتزاز".
وفي الرباط، التزمت السلطات الصمت منذ الإعلان الثلاثاء عن الرغبة الملكية في "تسوية نهائية" لقضية القاصرين المغاربة الموجودين في وضع غير قانوني في أوروبا.
وكان المغرب اعتبر الاثنين أن الأزمة "غير مرتبطة باعتقال شخص أو عدم اعتقاله، لم تبدأ الأزمة مع تهريب المتهم الى الأراضي الاسبانية ولن تنتهي برحيله عنها، الأمر يتعلق بثقة واحترام متبادل جرى العبث بهما وتحطيمهما".
وقال مصدر دبلوماسي رفض الكشف عن هويته إنّ المغاربة "يروّجون منذ أيام للتهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسبانيا لكنّ المسألة تكمن في معرفة ما إن كانوا سيبلغون هذه النقطة، وبخلاف ذلك فما هي الخيارات المطروحة على الطاولة بعد التصعيد الكلامي في الأيام الأخيرة؟".
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كمبلوتنسي في مدريد اساياس بارينييدا أنّ الرباط "لا يمكنها التشبّث" طالما أنّ غالي غادر، في وقت أنّ وجوده في اسبانيا شكّل "ذريعة سهلة" بهدف "الضغط على مدريد بشأن موقفها في مسألة الصحراء".
ويعتبر عدد من المحللين أنّ أصل الأزمة مرتبط في الواقع برغبة الرباط في إقناع إسبانيا والاتحاد الأوروبي بتعديل موقفهما بشأن الصحراء الغربية في اتجاهٍ أكثر ملاءمة للمصالح المغربية خصوصاً في أعقاب قرار الولايات المتحدة في نهاية ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب بالاعتراف بالسيادة المغربية على مجمل الأراضي المتنازع عليها.