قوتنا الناعمة وخلاياهم النائمة!
الدور الريادي لمصر في المجال الإعلامي لا يمكن لعاقل أن يجهله، أو يتجاهله، أو ينكره، أويتجاوزه، قد يخفت الضوء قليلاً، أو مؤقتاً، ولكنه أبداً لا يغيب، فسرعان ما يظهر ليسطع ويتوهج من جديد، طالما خلصت النوايا، وشحذت العزائم، واستنهضت الهمم.. والريادة الإعلامية لمصر ليست وليدة أو جديدة، لا بل أصيلة ومتجذرة، عبّر عنها نائب رئيس الجمهورية العراقية في زمن صدام حسين بعبارة قالها قبل ٣٣ عامًا، عندما حل ضيفاً على مصر وجلس عن يمين الرئيس مبارك "عليهم جميعاً رحمة الله" أثناء حضوره عرض الكابوكي الياباني يوم افتتاح دار الأوبرا المصرية "الجديدة" في العاشر من أكتوبر عام ١٩٨٨، حيث التفت المسئول العراقي إلى الرئيس مبارك قائلاً: أتدري يا فخامة الرئيس..
إن أي دولة عربية باستطاعتها بناء دار كبيرة للأوبر، فليس هذا بالأمر العسير، ولكنهم سيكونون مضطرين إلى استقدام الشعراء والأدباء والكتاب والمخرجين والممثلين من مصر، كذا المطربين والمؤلفين والملحنين والعازفين، وهذه هي قيمة مصر.
قد تكون العبارة موجزة، ولكنها جداً منجزة، ربما قالها الرجل من قبيل المجاملة، ولكنه اختصر خلالها عشرات الصفحات ومئات الكلمات في سطر واحد، وصف به مكانة مصر ودورها، على الصعيدين العربي والإقليمي.
هذه هي مصر التي يعرف الجميع قدرها، مهما تباينت توجهاتهم، وتعددت قومياتهم، أو اختلفت طوائفهم.. نائب الرئيس العراقي هذا لم يكن بالأصل عربياً، بل كان كردياً اسمه طه محيي الدين معروف، وهو سياسي محنك، ظل نائباً لصدام من ١٩٧٥ حتى ٢٠٠٣.
أقول هذا بعد قراءتي خبرين مفرحين، أو قرارين مهمين، كان ثانيهما ما أعلن بالأمس عن اعتزام الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية إنشاء قناة مصر الإخبارية التي ستنطلق بعون الله في الربع الأول من العام القادم، والتي ستضاهي- حسبما أعلن- قنوات الأخبار العالمية من حيث طريقة وأسلوب العمل، والتقنيات والأدوات المستخدمة.. المفرح في الأمر هو الإقدام على اتخاذ خطوة كهذه، لأنها حتى وإن بدت متأخرة، "ولم نكن يوماً متأخرين"، ولكن تظل جيدة، بل رائعة وواجبة وناجعة، تضيف لقوتنا الناعمة، في عصر السماوات المفتوحة وما تبعه ورافقه من ظهور للمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، التي استغلتها جماعة الأشرار المارقين أسوأ استغلال، من بث لأخبار كاذبة تحرض ضد بلدنا وتنقل تكليفات قادة الإخوان المجرمين لخلاياهم النائمة في الداخل.
وعلى ذكر الخلايا النائمة، وما تم اتخاذه مؤخراً تجاه نفر منهم، وكان هذا "هو الخبر الأول المفرح" الذي نشر قبل أيام على أحد المواقع، والذي يفيد باستبعاد عدد من قائدي قطارات مترو الأنفاق "من التشغيل" على خلفية كونهم عناصر إثارية داخل الشركة، وعلاقتهم بجماعة الإخوان المسلمين.
نحن إذن بصدد قرارين مهمين، قرار بالتطهير وآخر بالتطوير، قرار التطهير هذا نادينا به مراراً ، وطالبنا به كثيرا في مقالات سابقة، قلنا يا اخوانا طهروا المؤسسات والمصالح والهيئات من خلايا الإخوان النائمة، لأنهم بمثابة السوس الذي ينخر في عصب الدولة.. وأخيراً تمت الااستجابة، وكانت المبادرة والبداية من وزارة النقل، فمن القلب التحية للوزير كامل الوزير، الذي نأمل في أن يحذو الجميع حذوه، ويطهروا وزاراتهم من أذناب الجماعة وذيولها وخلاياها.
وأما قرار التطوير، والذي كان أحد بنوده إنشاء قناة الأخبار، فالخطوة ممتازة.. قناة إخبارية جديدة، تليق بحاضنة العرب مصر، وشعبها، وزعيمها الذي استطاع تخليصها من بين أنياب وأظافر الأشرار قبل ٨ سنوات، وعاد بها من بعيد ليجلسها من جديد في مكانها المستحق، لتقوم بدورها الذي غاب عنها لعقدين كاملين أو يزيد .
تحية لوزارة النقل، وكل التمنيات بالتوفيق للشركة المتحدة، والقادم أفضل بإذن الله..
حفظ الله مصر وشعبها، وأعان قائدها وزعيمها قائد جمع الحق والإيمان .