إصلاح يلتهم «العشوائيات».. ماذا تقدم المدن الجديدة للاقتصاد المصري؟
قال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، في وقت سابق، إن مصر هي الدولة الوحيدة على مستوى العالم التي تبني 15 مدينة في نفس الوقت، لافتًا إلى أنها كانت من أولى الدول فيما يتعلق بمعدلات النمو، لكن جائحة كورونا تسببت في تقليل وتيرة الأمور بعض الشيء، ورغم ذلك نجحت في أن تستعيد عافيتها مرة أخرى للتقدم إلى الأمام.
ويؤكد هذا التصريح قدرة القيادة على اختراق الصعاب من أجل تحقيق الهدف المنشود ضمن رؤيتها لمصر 2030 حتى يتحقق للمواطن المصري ما يطمح له في حياة كريمة، وإن كان لا يشعر إلا ببصيص الإنجازات ولكن أصبح المستقبل مرسوم ومخطط بالشكل الذي يفخر به كل مصري.
أستاذ إدارة محلية: "وعد السيسي بشقة لكل مواطن يتحقق"
قال الدكتور محمود ربيع، أستاذ الإدارة المحلية، إن تصريح الدكتور محمد معيط، وزير المالية، بأن مصر الوحيدة على مستوى العالم التي تقوم ببناء وتشييد 15 مدينة في وقت واحد، من شأنه أن يحل أزمة كبيرة من أزمات السكان ومشكلة السكن وبالتالي يحد من ظهور المناطق العشوائية.
وأوضح ربيع لـ"الدستور"، أنه كلما كانت الدولة تسبق معدل الزيادة السكانية وتكون قادرة على توفير شبكة طرق ومساكن للمواطنين، لن تظهر مشكلة هذه المناطق العشوائية، مضيفًا أنه في السابق سبب ظهور هذه المناطق في السابق عدم الإدراك المبكر الزيادة السكانية والكوارث التي شاهدناها خلال الفترة الماضية والتي تكبدت من خلالها مصر أموالا طائلة من أجل التخلص منها والأماكن الخطرة وغير الآمنة أيضًا.
وأضاف أنه في الفترة الماضية شعر المواطن بالكثير من الضغط على الدخل ومستوى المعيشة، إلا أنه عندما ينادي بحاجته إلى وحدة سكنية سيجدها متوفرة وبكل الأسعار المتاحة وفي أي مكان يريده، وهو تأكيد لتصريح الرئيس عبدالفتاح السيسي "لما قال اللي عايز شقة هنديهاله"، موضحًا أن الرئيس لم يك ليقول هذا الكلام أمام ملايين المصريين إلا إذا كان "واضع يده على أرض صلبة" أي أن هذه الوحدات السكنية موجودة بالفعل.
وأشار ربيع إلى أن بعض المناطق الخطرة وغير الآمنة تم هدمها وبناء مكانها مجموعات حضارية من المساكن والعقارات كاملة المرافق والخدمات لتوفير حياة كريمة لسكان هذه المناطق، مضيفًا أنه من خلال الملاحظ على أرض الواقع أن هذه المناطق الخطرة أصبح وضعها اليوم أكثر من رائع مثل منطقة غيط العنب وتل العقارب وأصبح لها شكل معماري، المواطن يفخر وينجذب له.
وأكد أن الضغط الذي يشعر به المواطنين سيتلاشى بمرور الوقت عندما نتهي دورة الإصلاح الاقتصادي التي تمر بها مصر وتحقق إنجازاتها، ويشعر المواطن بجودة الحياة سواء كانت طرق أو بيئة نظيفة أو مناطق سكنية جيدة يستطيع أن يحيا فيها حياة كريمة.
وختم أستاذ الإدارة المحلية أن هذه المدن الجديدة تضيف ثروة عقارية لمصر جيدة بعد أن كانت مهمشة وخطرة وليست بالقوة ولا البنيان السليم والمعماري والفني، وبالتالي لا تمثل قيمة أو ثروة، وتمثل بعد جديد للمواطنين يمكن أن يتلمسوه.
المدن الجديدة مبنية لتناسب كافة طبقات المجتمع وبتسهيلات هائلة
وقال المستشار صبري الجندي، المستشار السابق لوزير التنمية المحلية، إن المدن الجديدة لها عدة أهداف أولا حل مشكلة الإسكان التي يعاني قطاعات كبيرة من المجتمع، وتقديم سكن بطريقة صحية وبيئية ذات جودة عالية، والقضاء على الفوضى في المدن القديمة والعمران والبيئة، خاصة وأن المدن الجديدة مبنية على طراز معماري واحد ولأن تسبب التلوث البيئي الذي نشاهده ولن يكون هناك التجاوز في العمران الذي نشهده.
وذكر أن أهم هدف لهذه المدن الجديدة أنها ستفرغ المدن القديمة من الزحام، ويتم إخلاءها من التكدس خاصة التي تعاني من الضوضاء وتلوث البيئة، وعمل نوع من الراحة في المرور وبالتالي توفر سيولة مرورية.
وأوضح الجندي، في تصريح لـ"الدستور"، أن الدولة ساعدت في أن يكون بناء هذه المدن وفقا الشرائح المجتمعية بحيث توفر لكل طبقات المجتمع الوحدات المناسبة لكل منها، فكما يوجد الفلل السكنية المبنية هناك وحدات متوسطة وفاخرة وآخر اجتماعية وإسكان للشباب، فكل الشرائح موجودة، كما أن الدولة توفر التسهيلات للحصول على هذه الوحدات من خلال مبادرة التمويل العقاري بفائدة متناقصة وليس متزايدة وسعر الفائدة قليل.
وأكد أن الدليل على إقبال المواطنين على الوحدات في هذه المدن الجديدة أنها بمجرد طرحها يتم حجزها في نفس اليوم، ومعناه أن المواطنين لديهم القدرة الشرائية خاصة مع التسهيلات التي توفرها الدولة.
واستطرد، أنه بلغة الأرقام بلغ عدد المدن الجديدة داخل الدولة حتى وقتنا هذا 30 مدينة، بإجمالي استثمارات 690 مليار جنيه، وجاري حاليًا تنفيذ 22 مدينة أو تجمع عمرانى جديد، بالإضافة إلى 8 مدن أخرى مخطط تنفيذها.
المدن الجديدة لها دور في الحد من معدلات البطالة والتوسع العمراني
من الناحية الاقتصادية، خطوة يوضحها لـ"الدستور" الدكتور خالد رحومة، الخبير الاقتصادي، بقوله إنها تفتح بابا للمئات من فرص العمل وتدعم على الأقل 100 قطاع من القطاعات المغذية لقطاع التشييد والبناء، كونها تشجع العديد من القطاعات الداخلة في إنتاج المواد الخام التي يحتاجها البناء من مستلزمات عديدة، ويفتح المجال لصناعات مغذية ومكملة مثل صناعة الأجهزة الكهربائية والمفروشات (الآثاث) التي تنتعش بانتعاش القطاع.
وأوضح رحومة أن زيادة فرص العمل في هذه القطاعات تعني زيادة فرص اكتساب الدخل للعديد من الفئات العاملة، والتي تنصب في إعادة الإنفاق وتشجع العديد من القطاعات الأخرى خاصة المنتجة للسلع الاستهلاكية لتلبية الاحتياجات، الأمر الذي له دور كبير في الحد من معدلات البطالة والمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي.
أما عن البعد الأخر لهذه المدن، أوضح رحومة دورها ومساهمتها في التوسع العمراني بأشكاله المختلفة الذي يساهم في حل أزمة الكثافة السكانية في المدن المزدحمة لما لها أضرار على البنية التحتية من مرافق وشبكات الكهرباء، وبالتالي يسبب تهالك سريع فيها، والتوسع الأفقي الذي بدأت تتجه له الدولة يحد من الكثافة في الحيز العمراني الضيق قادر على المساهمة في الاقتصاد المصري بشكل كبير.
وفي نفس السياق الاقتصادي قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن مصر شهدت إقرار منظومة إصلاح تشريعية جديدة تتعلق بملف الاقتصاد المصري، فهي من ضمن الإنجازات التي جعلتها قادرة على تحقيق عشرات المشاريع، بجانب مشروعات البنية التحية الضخمة والعاصمة الإدارية ومنها بناء 14 مدينة جديدة من الجيل الرابع، وسن قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وما اشتمل عليه القانون من حوافز استثمارية للشركات الأجنبية والمستثمرين.
وأوضح الشافعي، في تصريح لـ"الدستور"، أن كل هذه الإصلاحات التي وضعت حجر أساسها الحكومة كانت قادرة على تنفيذ المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية والأساسية والمدن الجديدة، ورغم عدم شعور المواطن بها وبأهميتها مباشرة لكنها الوسائل الأهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، والتي تخلق فرص العمل وهنا تأثير هذه المشروعات على المواطن يأتى بصورة غير مباشرة وعوائدها الأكبر ستكون خلال السنوات المقبلة.