قبل الملء الثاني لسد النهضة.. كيف تحافظ «الزراعة» على رصيدنا المائي والغذائي؟
ونحن على أعتاب الملء الثاني لسد النهضة الأثيوبي مطلع يوليو المقبل، ستواجه مصر عدة سيناريوهات وجميعها على مستوى عال من الخطورة، فالسيناريو الأول يتمثل في حدوث فيضان عالي مع وجود مناسيب آمنة في بحيرة السد العالي كافية لاستيعاب صدمة الملء الثاني لسد النهضة مما سيزيد منسوب المياه حول السد ونحاول حاليًا توسعة البحيرة لاستيعابه حتى لا تغرق أسوان، والسيناريو الثاني، حدوث فيضان متوسط والذي سيتم انتقاص منه كمية المياه التي ستخزنها إثيوبيا للسد أو تحصل عليها كاملة فيقلل من رصيد مصر .
وأما السيناريو الثالث كما أعلنت وزارة الري هو الأخطر وستدفع مصر ثمنه ويحدث عندما يتزامن الجفاف مع ملء سد النهضة، لذا اتخذت كل الوزارات المعنية عدد من الإجراءات أكثر لمواجهة النقص في المياه، كتقليل مساحات الأراضي التي يتم زراعتها بالمحاصيل الشرهة للمياه، بجانب إقامة محطات لمعالجة الصرف الزراعي ومحطات خفض وسدود حصاد أمطار، بجانب مشروع تبطين الترع.
وكان لوزارة الزراعة نصيب الأسد من تلك المشروعات، فالفقر المائي مردوده الأول على هذا القطاع، فتعمل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي على تنفيذ خطة لتعظيم كفاءة استخدام المياه في الزراعة وذلك ضمن استراتيجية وزارة الزراعة لتحديث القطاع بالشكل الذي يستهدفه برنامج الإصلاحات الهيكلية لتصبح الزراعة في مصر أكثر مواكبة لتغيرات العالمية والإقليمية، ويستفيد من الفرص التي تتيحها تلك المتغيرات.
وأعلنت وزارة الزراعة أنها تعتمد على برنامج يحقق الربط بين البُعد الاقتصادي وهو استدامة القطاع وزيادة إنتاجيته وتحسين تنافسيته من ناحية وبين البُعد الاجتماعي الذي يتضمن الاهتمام بالمزارعين من خلال خلق فرص عمل جديدة وزيادة دخولهم، لكن في المقام الأول يالهدف من هذا البرنامج توفير المياه، كما يوضح الدكتور محمد القرش المتحدث باسم وزارة الزراعة لـ "الدستور" .
البداية.. الاعتماد على المحاصيل ووفرة الإنتاج سريعة الحصاد
وأساس خطة توفير المياه خلال هذا البرنامج تقوم على إعطاء أولوية في زراعة الأصناف المحسنة من المحاصيل الزراعية عالية الإنتاجية، قليلة احتياجات المياه مُبكرة النضج خاصة محاصيل الحبوب (القمح – الذرة – الأرز) وأيضاً اتباع آساليب الزراعة الموفرة للمياه (التسوية بالليزر والزراعة على المصاطب)، وهو ما سيوفر لمصر رصيد إضافي ومخزون استراتيجي من المياه لا سيما أن القطاع الزراعي يستهلك القطاع الزراعي أكبر حصة من المياه، تتجاوز أحيانًا نسبة الـ 85% من مياه النيل.
الخطوة الثانية: تقليل الزراعات الشرهة للمياه
تعمل وزارة الزراعة أيضًا على تفعيل الإجراءات المنظمة للمحاصيل الشرهة في استهلاك المياه والخاصة بتقنين زراعتها والتي يصدر بها قرار من كل من وزيري الزراعة واستصلاح الأراضي، والموارد المائية والري (محصول الأرز والموز)، فحجمت زراعة الأرز في عدد من المحافظات من بداية 2018 وأصبح لكل محافظة نشرة خاصة تضمن المساحة المنزرعة منه على حسب رصيدها المائي وملوحة تربتها، ومن يخالف يضع نفسه تحت طائلة القانون وتعرضه للغرامة المالية أو العقوبة أشد.
فحسب آخر إعلان للوزارة بدأت زراعته في المناطق التي حددتها الحكومة، في 9 محافظات فقط بجميع أنحاء الجمهورية وزعت كالتالي:
محافظة الإسكندرية 2000 فدان، والبحيرة 106 آلاف و650 فدان، والغربية 40 ألفا و600 فدان، والدقهلية 182 ألفا و550 فدان، وكفر الشيخ 189 ألفًا و800 فدان، ودمياط 42 ألف فدان، والشرقية 127 ألفًا و850 فدان، والإسماعيلية ألفان و750 فدان، وبورسعيد 30 ألف فدان، فيما منعت نحو 18محافظة آخرى من زراعة الأرز وهم باقي محافظات الجمهورية ال27.
ثالثًا: تحديث منظومة الري
الخطة تقوم أيضا على ترشيد المياه وتقليل فواقد النقل وذلك من خلال استكمال المشروع القومي لتبطين الترع مع إضافة تطوير المساقي والمراوي واتباع نظم الري الحديثة (الري بالتنقيط – الري تحت السطحي – الري بالرش)، مع البدء في تنفيذ نظم الري الحديثة فى باقي مساحة الأراضي الجديدة، وتعمل الدولة حاليًا على إطلاق مبادرة تتضمن آليات لتنفيذ نظم تطوير المساقي والمراوي ونظم الري الحديثة فى الأراضي القديمة.
وعقب الدكتورمحمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية أن خطة الوزارة لتعديل أساليب الري ، ليست لتوفير المياه وحسب فهي تقع في مصلحة المزراع، حيث تساعده على حرث الأرض والحفاظ على جودة التربة ونسب الرطوبة بها وهو ما يساعد النبات والأشجار على النمو الطبيعي خلال فترة الصيف.