باحث بـ«المصري للدراسات»: مصر حرصت على جمع شمل العرب تجاه القضية الفلسطينية
قال شادي محسن، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن حزب الليكود الإسرائيلي واجه أزمتين اثنتين تتعلق ببقائه سياسيا وأيديولوجيا في إسرائيل، وهما: انفكاك الارتباط السياسي بين الليكود والأحزاب الدينية المتطرفة مثل يهودات هاتوراة وشاس ويمينا (الصهيوني الديني) من جانب، وفشل الليكود المستمر في تشكيل ائتلاف حكومي مستقر يحفظ له سيطرته النسبية على الشارع الإسرائيلي على المستوى السياسي.
وأضاف الباحث في تصريحات لـ«الدستور»، أنه لذلك جاء التحرك من المستوطنين المحسوبين على التيار القومي المتطرف والذي يدين بالولاء لحزب الليكود، بإثارة الاستفزازات القومية في القدس الشريف ضد الفلسطينيين؛ بداع إحياء ذكرى يوم توحيد القدس، وذلك من أجل تثبيت وضعه على الساحة وإطلاق الرسائل التي تشير إلى دفاعه عن هوية إسرائيل في القدس المحتلة، وتنبيه الأحزاب الإسرائيلية أنه رقم فاعل في الشارع الإسرائيلي.
وأشار إلى اندلاع المواجهات بين المستوطنين المدعومين من قوات الشرطة الإسرائيلية من جهة، والمقدسيين من جهة أخرى، حتى تطورت إلى هبّة شعبية فلسطينية عنيفة في باب العامود، وكان ذلك حقل اللغم الأول، كما سارعت الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ قرار المحكمة العليا بعدم قانونية منازل 40 عائلة فلسطينية في منطقة الشيخ جراح مما أسفر عن هبّه شعبية عنيفة أخذت طابعا وطنيا بهدف الحفاظ على حق الأرض في القدس، كما امتدت الهبة الشعبية أحياء أخرى في القدس الشرقية حتى وصلت إلى حي سلوان، ومدن متفرقة في الضفة الغربية. وكان الشيخ جراح هو حقل اللغم الثاني.
وأكد محسن أنه دخلت حماس خط المواجهة؛ بعدة دوافع تتعلق بإدارة أزمتها الداخلية في مواجهة ترديات أزمة كورونا، واستمرار الأزمة الإنسانية من فقر وبطالة ونقص في الخدمات الأساسية، ثم وقع نتانياهو في فخ التسييس مرة أخرى عند إدارته أزمة المواجهة مع حماس بطريقة هجومية عنيفة لا تقبل التنازل أو تقبل الوساطات المقدمة من دول عربية وإقليمية أو خارجية ذات صلة، ودعّمته في ذلك الولايات المتحدة التي ترى في حماس فصيلا إرهابيا وبالتالي من غير المسموح أن تقبل بمناقشة مجلس الأمن سبل التهدئة في غزة مع فصيلا إرهابيا.
وتابع أنه أصبحت غزة حقل اللغم الثالث أمام نتانياهو المحاصر بين سيناريو الاجتياح البري المخيف والذي سيعرض شعبيته إلى خطر جارف قد يفقده الكثير، وبين التصعيد المتواصل الذي يحمل إسرائيل المزيد من الخسائر، مؤكداً أن كل ذلك ولم تخرج المدن المختلطة بالعرب واليهود في الداخل الإسرائيلي من المشهد برمته، بل انتشر مناوشات عنيفة بين الإسرائيليين المتطرفين وعرب الداخل في أنحاء متفرقة من إسرائيل، في اللد، والنقب، وبئر سبع، والناصرة.
وشدد على أنه أصبح الداخل الإسرائيلي حقل اللغم الرابع، والذي يعد أصعب الحقول وأكثرها حرجا على امن إسرائيل القومي، ففي حال اشتدت المواجهات وتحولت إلى حرب أهلية مسلحة وهو ما تتضح إرهاصاته فسيجد الجيش الإسرائيلي نفسه في أزمة جادة ستعرضه إلى خطر الاستنزاف.
في السياق ذاته، أوضح شادي محسن، أنه يأتي التحرك المصري في مفاصل المشهد وفق ثوابت سياسية محددة وهي: رفع الأزمة الإنسانية عن غزة وتحييد مسبباتها من ضمنها استمرار التصعيد الأمني بين حماس والجيش الإسرائيلي. استنكار تدنيس حرمة المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، وأن التحرك يرتسم وفق مسارين اثنين رئيسيين من خلال وزارة الخارجية المصرية، والوفود الأمنية.
وأكد أنه كطبيعة الحال المصرية في التحرك، لم تتخذ مصر موقفا فرديا بل حرصت على جمع شمل العرب وهو ما تبين في قرارات مجلس الجامعة العربية، وما اتضح في كلمة وزير الخارجية سامح شكري في اجتماع وزراء خارجية العرب "بما يحدث في القدس، لهو أكبر رسالة تؤكد على أن فلسطين – كانت وستظل – هي قضية العرب المركزية، مؤكدا أن مصر تعلن إزاء هذه الانتهاكات، وأمام هذا الوضع المحتقن، رفضها التام واستنكارها لتلك الممارسات الإسرائيلية الغاشمة، وتعتبرها انتهاكاً للقانون الدولي، وتقويضاً لفرص التوصل إلى حل الدولتين، وتهديداً جسيماً لركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.