نساء الحجر الصحي
أنا طبيبة وأم.. حكايات طبيبات وممرضات يقضين العيد بعيدا عن أطفالهن
مازالت أزمة فيروس كورونا المستجد تطغى بكامل قوتها للعيد الثالث على التوالي خاصة في موجته الثالثة التي يصفها الأطباء بالأشرس والأشد، لتأتي تضحيات عديدة من قبل الطبيبات والممرضات اللاتي يقضين عيد الفطر المبارك في مستشفيات العزل المخصصة لمرضى كورونا من أجل مكافحة الوباء وتقديم رعايتهم للمرضى.
في هذا الملف "الدستور" تعرض حكايات طبيبات وممرضات تركن أطفالهن وأسرهن في أيام العيد من أجل عملهن بمستشفيات العزل.
طبيبة أطفال: نوبات العمل تضاعفت.. ووالدتي وحماتي يعتنين بأطفالي
منذ بداية عمل الدكتورة أماني مصطفى، طبيبة الأطفال، في هذه المهنة منذ إحدى عشر عامًا فهي تعلم طبيعة هذا العمل الذي من الممكن أن يعطلها عن قضاء الوقت والأعياد والمناسبات مع أطفالها وأسرتها في الكثير من الأحيان وربما جميعها، لذلك كان من الطبيعي بالنسبة لها أن يتم توزيعها في جدول العمل بمستشفى صدر كفر الشيخ لتعمل في أول أيام عيد الفطر المبارك.
قالت أماني إنها اعتادت على العمل في المناسبات وكذلك أطفالها الثلاثة ومع أزمة فيروس كورونا كان أشد صعوبة لأن نوبات العمل تضاعفت وزادت لتغطية العمل بشكل كامل، "والدتي وحماتي هم من يقفن لمساندتي في الاعتناء بالأطفال حتى عودتي من العمل الذي تختلف وتتغير مواعيده دائمًا ومن الممكن أن أعمل بشكل متصل لأيام".
وعن الطقوس العائلية التي تنفذها أماني مع أطفالها حتى لا يشعرون بالوحدة بعيدًا عنها في العيد، أوضحت أنها توقظهم في موعد صلاة العيد ومع أزمة كورونا لا تسمح لهم بالصلاة ولا ترضى أن يخرجوا في أي مكان حتى لا يتعرضوا للإصابة بأي شكل، ثم يرتدي الأطفال ملابس العيد ويتناولون الإفطار سويًا وتعطيهم العديات هي ووالدهم ويلتقطون الصور سويا ثم تذهب لعملها.
تابعت: "الأمر يكون صعب علي رؤيتهم وانا أغادر وعدم قدرتهم على اللعب أو الخروج ولكن أرواح الناس وخاصة الأطفال في مثل أعمارهم واجبي ودوري للحفاظ عليهم"، مضيفة أنها إذا سمح وقتها تتصل بهم هاتفيًا للاطمئنان عليهم ومعرفة كيف يقضون الوقت.
طبيبة صدر: أطفالي لا يشعرون بطعم العيد لغيابي
لم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة إلى الدكتورة أمل زيدان، أخصائية الصدر والحساسية بمستشفى صدر كفر الشيخ، التي تحول المشفى العاملة به إلى مستشفى عزل بعد أزمة فيروس كورونا المستجد، وفرضت عليها طبيعة عملها أن تعمل في أول أيام عيد الفطر في يوم عمل لمدة 12 ساعة.
وحكت أمل عن أولادها الثلاثة الذين تتركهم من أجل عملها خاصة وأنه ليس العيد الأول "لا يشعروا بأي طعم أو إحساس للعيد لأنهم لا يستطيعون الخروج والتنزه ويصبح يوم عادي بالنسبة لهم مثل أي يوم، ويطلبون مني عدم المغادرة وأحاول أن أشرح لهم مهام عملي وأهميته حتى يكونوا أكثر وعيا وتفهمًا بطبيعة عملي ورسالته الإنسانية التي أؤديها والتي من المؤكد سيدركونها عندنا يكبرون أكثر".
وأوضحت أن الوضع الحالي أكثر صعوبة بسبب الخوف على إصابة أولادها بفيروس كورونا فتقوم بتأمين نفسها جيدًا وارتداء كافة الواقيات للأمان، وعندها وصولها إلى المنزل لا ترحب بأبنائها أو تستقبلهم إلا بعد أن تقوم بخلع جميع ملابسها وغسلها وتعقيمها وتعقيم نفسها جيدًا وأي شيء تلمسه حفاظًا عليهم "بنروح كل يوم ماسكين قلبنا في إيدينا زي ما بيقولوا مش خوفًا علينا وإنما على أطفالنا".
وأشارت أمل إلى أن طبيعة عملها تفرض عدم وجودها بشكل دائمًا وطويل مع أسرتها وأولادها بسبب أزمة فيروس كورونا التي أصبحت ضغط كبير حتى انتهاء هذا الوباء وتماثل جميع المرضى للشفاء، وكذلك طبيعة عملها بشكل عام ورسالة الدكتوراه التي تعدها خاصة أن أن كليتها في القاهرة في حين أنها من سكان كفر الشيخ.
أخصائية تمريض: "ممكن آجي على بيتي مقابل شغلي لأن دي رسالتي وواجبي"
"ربنا حطني في المهنة دي عشان الناس عشان كدا لازم أؤدي شغلي بضمير حتى أحافظ على الأرواح المسؤولة عنها في عملي" بهذه الكلمات بدأت سناء إبراهيم، أخصائية التمريض، حديثها لتسرد طبيعة عملها والذي يستلزم منها أحيانًا قضاء الأعياد والمناسبات في عملها بمستشفى حميات كفر الشيخ، بعيدًا عن زوجها وطفليها ذوو الأعوام الرابعة والثامنة.
العيد الثالث على التوالي تقضي سناء أول أيامه في عملها بالمستشفى الذي تحول إلى عزل بسبب ارتفاع إصابات فيروس كورونا المستجد، تحكي عن موعد عملها والذي يبدأ من الثامنة صباحًا وينتهي في الثامنة مساءً "نحاول أن نعدي هذه المناسبة حتى لا يحدث أي عجز لإسعاف أي مريض خاصة أن في وقت الأعياد لا تأتي الحالات لكورونا فقط بل بسبب النزلات المعوية وغيرها من الأمراض".
وعن قدرتها على توفيق أوضاعها بين المنزل والعمل خاصة في أول أيام العيد، أوضحت سناء أن اليوم يبدأ من موعد صلاة العيد تقوم بإيقاظ أطفالها وتلبيسهم ملابس العيد ثم إعطائهم العديات والفطور سويا "بحاول أحسسهم أنهم عيدوا وأنا معاهم" ثم تنطلق بهم إلى والدتها للذهاب إلى عملها وأداء واجبها ورسالتها التي كرست حياتها من أجلهم.
تابعت سناء: "ممكن أجي على بيتي لكن مجيش على شغلي لأن دي مسألة ضمير لو مأدتوش هحس إن في جزء مقصرة فيه في حياتي، لذلك مهما كان ضغط الشغل والذي زاد مع أزمة فيروس كورونا لن نتخلى أبدًا عن رسالتنا ودورنا".
مفتشة تمريض: أقضي العيد بالمرور على مستشفيات العزل
تقضي رضا توني مفتشة بإدارة الخدمات التمريضية بأمانة المراكز الطبية المتخصصة الثلاثة أيام الأولى من العيد في جولة على مستشفيات العزل في القاهرة الكبرى، بعيدا عن أسرتها ولكنها ليست المرة الأولى لها فمنذ انتشار فيروس كورونا قضت أسابيع كثيرة في العزل في المستشفى.
وقالت رضا "عيد الفطر الماضي كان أول عيد أقضيه بعيدا عن أسرتي ورغم صعوبة ذلك إلا أنني كنت أعلم أنني في خدمة الوطن دفاعا عن مرض غامض لم نكن نعلم عنه شيء، وهذا العيد سأقضيه أيضا في جولة على مستشفيات العزل".
جاء تكليف رضا بالعمل في مستشفى إسنا للعزل بمحافظة الأقصر، مع بداية انتشار فيروس كورونا، بتكليف من رئيسها بالعمل وكان دورها تدريب التمريض على كيفية التعامل مع المصابين بالفيروس، وساعدت في إخلاء المستشفى من المرضى وتجهيز كل المستلزمات وبعد ما أنهت عملها تم تكليفيها باستقبال حالات العزل في المستشفى بعد تحويلها لمستشفى عزل، وظلت به لأربعة أشهر كاملة.
وتابعت: "خلال فترة مواجهة كورونا كانت أول مرة أقضي فيها المناسبات الدينية والاجتماعية بعيداً عن أسرتي ولكن حبي للعمل وإدراكي بأهمية دورنا لحماية مصر من العدوى، هون علينا مرارة البعد، وكان التواصل بيننا عن طريق التليفون فقط"، مستطردة "خلال العيد الحالي وبسبب زيادة أعداد الإصابات بفيروس كورونا مع الموجة الثالثة للفيروس سأقضي العيد بالمرور على 4 مستشفيات عزل".
أخصائية تمريض: أترك أطفالي وسط العائلة وأتواصل معهم هاتفيًا
رغم تعودها على العمل في المستشفى وسط الإجازات الرسمية وترك أسرتها إلا أن الوضع مع انتشار فيروس كورونا كان أكثر صعوبة، فتعمل فتحية محمد أخصائي تمريض بمستشفى سمنود العام التي تستقبل حالات كورونا للعزل من بدء انتشار فيروس كورونا في مصر في مارس ٢٠٢٠، وتقضي أيام عيد الفطر المبارك في المستشفى تاركة أطفالها الصغار.
وقالت فتحية "رغم أنني قضيت العيد أكثر من مرة بعيدة عن أطفالي إلا أنهم دائما ما يشعرون بالحزن، ولكنني أتحدث معهم عن أهمية عملي وأن المستشفى لا يستطيع غلق أبوابه أمام المرضى لذا لا بد أن أكون موجودة هناك لمساعدتهم، وأحرص على تركهم وسط العائلة حتى لا يشعرون بغيابي، ولكنني أظل أغلب اليوم معهم هاتفيًا".
وتابعت فتحية "منذ بدء انتشار كورونا والخوف يسيطر عليّ فالتعامل المباشر مع المرضى أصابني بالتوتر خوفًا على أبنائي ووالدتي التي تعاني من مرض مزمن، فتعودت على العودة من المستشفى إلى دورة المياه مباشرة لأبدل ملابسي وأغسلها وأغسل يدي وعودت أبنائي على عدم الاقتراب مني عقب عودتي من المستشفى"، مشيرة "عمل السيدات صعب خاصة في القطاع الطبي فالمسئولية لدينا مضاعفة بين مسئولية المرضى ومسئولية أسرنا، ومطلوب منا العمل بأقصى طاقتنا في كل اتجاه، ونسعى دائما لإتمام كلًا منهم بأعلى كفاءة لأننا لا نملك رفاهية التقصير".
خلال الذروة الحالية لموجة كورونا التزمت فتحية بكل الإجراءات الاحترازية حتى وإن لم تتعامل مباشرة مع المصابين لأنها تعاني من حساسية شديدة في صدرها وأي اشتباه بالعدوى يظهر عليها أعراض شديدة، فتعزل نفسها بعيدًا عن أطفالها حتى تظهر نتيجة التحاليل وتتأكد أنه مجرد دور برد عادي.