سماسرة تذاكر القطارات.. البيع أونلاين والسوق السوداء «على عينك يا تاجر»
بليلملم كل مغترب بالعاصمة حقائبه، ويحزم الكثيرين ممن تركوا أسرهم بقرى الأرياف والصعيد أمتعته مع قرب قدوم الأعياد والمواسم، على أمل تحقيق فرحته بلقاء الأهل والعزوة، بعد فراق طال أو قل بسبب لقمة العيش في العاصمة، ولكن تبقى دائماً أزمة بكل عام أمام المسافر الذي اشتاق لرؤية أسرته واختار القطار وسيلته.
هذه الأزمة تكمن في شباك تذاكر حجز القطارات، حيث إن العاصمة يسكنها الكثيرون من الذين اقتطعوا كالزهور من أشجارها الأصيلة فتشتاق هذه الزهور بين الحين والآخر للعودة لجذورها لتستمد منها النشاط والحياة من جديد، وكأنه لا طعماً للفرح إلا بأرض الجذور، ولكن على شباك حجز القطارات، يكون العائق الكبير أمام هؤلاء إذ كثيرا ما تنفذ تذاكر القطارات نتيجة كثرة الإقبال والتزاحم عليها في هذا التوقيت من كل عام، وبالتالي لا يستطيعون السفر، وهنا تظهرت مشكلة في الأفق، وهي بيع تذاكر القطارات بالسوق السوداء عن طريق السماسرة، تلك السوق التي كانت تمارس أعمالها في السابق بالخفاء، ولكنها أصبحت حالياً تمارس أعمالها علناً وجهاراً على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال "جروبات" تخصصت في حجز وبيع تذاكر القطارات وأعلنت عن ذلك بكل جرأة، وهذا ما يعد خالفاً للقانون، إذ أن هذه الجروبات لا تنتمي لأي جهة حكومية.
"الدستور" تواصلت مع جروبات حجز تذاكر القطارات مع المواسم والأعياد والتي تمثله السوق السوداء لتلك التذاكر، تباع ليها بأضعاف ثمنها مستغلة حاجة المسافرين.
كانت البداية مع إحدى الجروبات التي استخدمت في الإعلان عن نفسها جمل وعبارات مثل "بدأ موسم حز القطارات" اللي محتاج تذاكر لأي محافظة يتواصل خاص هنا".
بالفعل تواصلت محررة الدستور بشكل خاص مع أبرز هذه الجروبات، وادعت حاجتها للحصول على تذكرة قطار درجة ثانية مكيف من القاهرة لسوهاج بثان يوم العيد.
أوضح مسئول الجروب للمحررة أنه يستطيع توفير لها تذكرة وفقاً لطلبها الساعة العاشرة، أما عن السعر فجاء أعلى من السعر الحقيقي بإضافة ما يعادل حوالي سعر التذكرة الأصلي.
خصصت إحدى هذه الجروبات التي تعمل في السوق السوداء لتذاكر القطارات أيضاً بعضاً من أرقام التليفونات للتواصل مع مسئوليها عن طريق استخدام تطبيق "واتسآب".
تواصلت محررة "الدستور" مع شخص آخر مجهول ادعى على صفحته قدرته على حجز تذاكر القطارات، ودعا كل من يرغب في ذلك التواصل معه باستخدام هذا التطبيق، حيث إنه قادر- حسبما زعم على توفير طلبه وبالفعل وضح احتراف هذا الشخص لذلك النشاط واستطاعته تحقيق نفوذ فيه من خلال طريقته في الحديث "حابعت لك التذكرة على النت، وانتي بتبعتي الفلوس على فودافون كاش" يقولها المدعي المجهول انتسابه للمحررة بعد اتفاق وهمي أجرته معه على استلام إحدى التذاكر التي تحتاجها بشدة لقضاء العيد مع أسرتها،
ولكي لا تقبل المحررة على مخالفة قانونية انهت حديثها معه بأنها ستفكر في الأمر، لإبداء الرأي النهائي، وكذلك موعد القطار الذي سترغب بالسفر فيه، ومن ثم التواصل معه مرة أخرى.
في المقابل أعرب عدد من ركاب قطارات الصعيد عن غضبهم من تكرار ظاهرة سماسرة تذاكر القطارات بشكل موسمي، موضحين أن التذاكر المطروحة لا تكفي، ومن ثم يضطر الركاب إلى شراء التذاكر من السماسرة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن أمام محطات القطارات "بأي ثمن" وتقبل جشع تجار التذاكر من أجل قضاء العيد مع أسرهم.
وفي ذلك أوضح مصطفى فرج أحد مستخدمي القطارات أنه من المهم أن تطرح هيئة السكة الحديد تذاكر تكفي الركاب، بل وفائض من أجل سد العجز حتى يضمن أي راكب مواصلة القطار في أي وقت تجنباً للوقوع في مصيدة سماسرة التذاكر.
وأضاف سيد فتحي أحد المستخدمين كذلك قوله "نتوجه إلى مكاتب الهيئة فيؤكدون أن الحجز قد انتهى ولا توجد مقاعد شاغرة، وعلينا أن ننتظر القطارات العلاوة التي يتم الحجز عليها قبل الرحلة بـ24 ساعة، واحنا وحظنا نعرف نحجز أو لا"، موضحاً أن ذلك ما يدفعه هو وكثيرون للجوء إلى سماسرة التذاكر، سواء على السوشيال ميديا، أو أمام شبابيك الحجز بالمحطة، حيث إن المواطن يكون هدفه الأول هو رؤية أسرته في هذه المواسم وقضائها معهم.
وأكد مصدر مسئول بهيئة السكك الحديدية رافضاً ذكر اسمه، أن ظاهرة سماسرة تذاكر القطارات مازالت موجودة، على الرغم من جهود الدولة، التي تواجهها بحزم، وأضاف قائلاً أن الهيئة تطرح تذاكر قطارات عيد الفطر قبل السفر بأسبوعين، وذلك بهدف التسهيل لحجز التذاكر وإتاحة فترة من الوقت للراكب للحجز.
وتابع أن الهيئة تسعى أيضاً لتجنب الزحام على شبابيك الحجز، ونفاذ التذاكر، من خلال توفيرها لعدد 33 مكتباً بها شبابيك حجز التذاكر في النقابات والنوادي لحجز التذاكر، إضافة إلى الحجز عبر الإنترنت، أما عن طرق مواجهة سماسرة التذاكر، أوضح المصدر أن الهيئة تتيح 4 تذاكر قطارات لكل رقم قومي، كما تفكر في طبع اسم الراكب ورقم البطاقة على التذكرة، وطرحها من خلال "السيستم" بدلاً من النظام اليدوي تجنبا لبيعها إلى تجار التذاكر.
وأضاف المصدر أن الهيئة تسعى قدر الإمكان كذلك إلى زيادة القطارات العلاوة التي تنطلق يومياً في رحلات إلى محافظات الصعيد، لاستيعاب أكبر عدد من الركاب.