حسن المودن: غياب الربط بين الترجمة والتحليل النفسى يفسدها
قال الناقد المغربي حسن المودن، في كتابه "الأدب والتحليل النفسي"، إن ثمة علاقة وطيدة بين الترجمة والتحليل النفسي، وعلى حد وصفه لا توجد دراسات عربية تتحدث في هذا الأمر، لكن هناك العديد من الدراسات الأجنبية التى تناولت هذا الربط بالدرس.
وأشار "المودن" إلى بعض تلك الدراسات، منها ما ذهب إليه "جنيت ميشو" في أن التحليل النفسي قد تأسس منذ بداياته على أنه أنموذج ترجمي متميز، ذلك لأن التحليل النفسي يعتبر أولًا وأخيرا ترجمة لللاوعي، وهذا ما يجعل الجسور بين الترجمة والتحليل النفسي متعددة ومتنوعة.
في نفس السياق، يؤكد "فرانسوا بيرالدي" أن الربط بين الترجمة والتحليل النفسي يبدو غريبا بالنسبة لبعض المترجمين والمحللين الذين ينظرون إلى نشاطهم على أنه مجرد عملية تقنية خاصة، دون أن ينتبهوا إلى أن هناك شيئا مشتركا بين النشاطين الترجمة والانتقال بالنص من نظام لغوي أصلي إلى نظام لغوي آخر، والتحليل النفسي هو الانتقال بالمريض من السلوكيات والتمثلات الباتولوجية إلى نظام السلوكيات والتمثلات التى تعتبر "طبيعية" ففي المجالين معا، هناك الانتقال بشيء من نظام معين إلى نظام آخر.
ويعرض المودن رؤية "بيرالدي" بضرورة أن يأخذ المترجمون التصور النفسي للغة الذات الإنسانية، بعين الاعتبار في تنظيراتهم في ممارساتهم للترجمة.
ويشير المودن إلى أن عدم إخضاع الكتب التي يتم ترجمهتها إلى التحليل النفسي يضعها في كثير من المشاكل، منها ما يجعل النص غير مفهوم، وقد عرض عبر كتابه "تجربة فرويدفي" ترجمة كتابته من الألمانية إلى الفرنسية والإنجليزية مشغولة بالأخطاء.
ولفت "المودن" إلى أن العربية محظوظة لأن أهم كتاب عند فرويد "تفسير الأحلام" قد قام بترجمته المحلل النفسي مصطفى صفوان المعروف بالترجمة عن الألمانية.
وفي حوار سابق لـ"الدستور" مع الكاتبة والمحللة النفسية رضوى فرغلي، أشارت إلى أن هناك أنواع من الكتابات لا يمكن أن تنشر قبل أن تمر على المحرر النفسي، مثل: الروايات والقصص النفسية، منها أعمال الإثارة النفسية، وهي أعمال ليست حديثة، حيث يرجع تاريخ الرواية ذات البعد النفسي إلى ما قبل القرن الـ 17 الميلادي، وأشهر هؤلاء وأبرزهم، الروسي "فيودور دوستويفسكي" خصوصا في روايتيه "الجريمة والعقاب "و"الأخوة كارامازوف"، وإن كان دوستويفسكي مدرسة في الكتابة التي تتناول شخصيات وأحداث ذات بعد نفسي وصراع اجتماعي، فإن في عصرنا الحالي، للأسف نلاحظ أن كثير من الكتابات وخصوصا ذات البعد النفسي، بها خلل واضح وتبدو سطحية وأحيانا بها أخطاء فادحة، لأن الكاتب لا هو هيبذل الجهد الكافي في الإعداد لروايته ودراسة شخصياتها نفسيا واجتماعيا، ولا هو يعرضها على محرر سيكولوجي يضبط له إيقاع الرواية.