«القاهرة للدراسات» يوضح استراتيجية إدارة الدين العام واتفاقية يورو كلير
قال الدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن مصر تسعى إلى إدارة الدّين العام وفقًا لسياسات متجانسة على صعيد الاقتصاد الكلي وكذلك القطاع المالي لضمان استدامة مستوى الدين العام ومعدل نموه.
أضاف الخبير الاقتصادي أنه "بالنظر إلى المؤشرات الكمية تستهدف استراتيجية إدارة الدين خفض نسبة مدفوعات الفائدة إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 6.9% بحلول 2023- 2024، مقارنة بمعدل 8.8% في السنة المالية الحالية 2021.
وقال عبدالمنعم، لـ«الدستور»، إنه في إطار خيارات إدارة الدين العام تسعى الدولة لإنشاء سوق فعالة للأوراق المالية الحكومية، وتوسيع قاعدة المستثمرين لأدوات الدين المحلية والخارجية؛ للحد من التكلفة والمخاطر إلى أدنى حد ممكن على المدى المتوسط إلى الطويل، موضحًا أن الدولة حرصت على توفير الإطار الداعم لاستراتيجية إدارة الدين العام والمهيأ للترويج للديون المصرية لدى المستثمرين العالميين بسهولة، سواء على صعيد الاتفاقيات، أو التعديلات القانونية، وكذلك إصدار العديد من القرارات الوزارية.
وأعلن الخبير الاقتصادي عن أنه من المتوقع أن يسهم ربط إصدارات أدوات الدين الحكومي بالعملة المحلية ببنك يورو كليرفي رفع كفاءة إدارة الدين العام بمصر، وتحقيق العديد من العوائد الاقتصادية، منها على سبيل المثال رفع كفاءة سوق الأوراق المالية الحكومية، ما يسهم في خفض تكلفة الاقتراض والحد من المخاطر إلى أدنى حد ممكن على المديين المتوسط والطويل.
وأكد ضرورة توسيع قاعدة المستثمرين من خلال إتاحة التعامل على أدوات الدين الحكومية المصرية بين شريحة أكبر من المستثمرين الأجانب، إضافة الى جذب العديد من الصناديق السيادية والبنوك المركزية الكبرى التي لا يمكن جذب استثماراتها سوى عبر شركة المقاصة الدولية.
ونوه إلى توفير قنوات آمنة للتمويل، نظرًا لما تتمتع به الاستثمارات السيادية التابعة للحكومات والبنوك المركزية من استقرار نسبي مقارنة بغيرهم من المستثمرين، لافتًا إلى ضخامة حجم التعاملات، وبالتالي زيادة القدرة على تغطية الاحتياجات التمويلية.
وأشاد الخبير الاقتصادي بتزايد ثقة المؤسسات والأسواق العالمية بإصدارات الدين المصرية، ما ينعكس إيجابًا على أوضاع سعر الصرف، والاحتياطات من النقد الأجنبي، وكذلك مؤشرات الحساسية إزاء التقلبات الخارجية وتعزيز الشفافية في سياسات وممارسات إدارة الدين العام، مما يتيح الرقابة والمساءلة بصورة دورية.
ونوه رئيس مركز القاهرة إلى أن وزارة المالية وقعت على هامش اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اتفاقية «الأحكام والشروط» مع بنك يورو كلير 2019 لتسوية استثمارات الأجانب في الدين الحكومي المحلى، إلا أن تداعيات وباء "كوفيد-19" حالت دون تفعيل الاتفاقية، ومع ذلك من المأمول أن تصبح ديون مصر المحلية قابلة للتسوية مع بنك يورو كلير بين سبتمبر ونوفمبر 2021.
يشير الخبير الاقتصادي إلى أن يورو كلير إحدى غرفتي المقاصة الرئيسية للأوراق المالية في منطقة اليورو، وتتخصص في التحقق من المعلومات المقدمة من الوسطاء المشاركين في معاملات الأوراق المالية، وتسوية الأوراق المالية المتداولة في البورصات الأوروبي، كما تعمل يوروكلير أيضًا كجهة إيداع مركزي للأوراق المالية، ومستودع مركزي للأوراق المالية لعملائها، الذين يتداول العديد منهم في البورصات الأوروبية.
ويتألف معظم عملائها من البنوك والوسطاء والتجار والمؤسسات الأخرى التي تعمل باحتراف في إدارة الإصدارات الجديدة للأوراق المالية أو صناعة السوق أو التداول أو الاحتفاظ بمجموعة متنوعة من الأوراق المالية، وتقوم أيضًا بتسوية معاملات الأوراق المالية المحلية والدولية، والتي تغطي السندات والأسهم والمشتقات وصناديق الاستثمار.
وقال الخبير الاقتصادي إنه يستوجب ربط إصدارات الدين الحكومي المحلية بمنصة يورو كلير تعديلًا تشريعيًا يسمح بتأسيس شركة لتتولى عمليات المقاصة والتسوية للسندات الحكومية وأذون الخزانة، ومن ثم تم إجراء تعديلات على قانون الإيداع والقيد المركزي، وقد حظي مشروع القانون بمناقشات مستفيضة بحضور ممثلين عن هيئة الرقابة المالية، ومسئولين من مصر للمقاصة، إضافة إلى الدور البارز لأعضاء اللجنة التشريعية والدستورية بالبرلمان.
وأشار إلي أن القانون رقم (143) لسنة 2020 والخاص بتعديل بعض أحكام قانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية رقم 93 لسنة 2000، كان يقتصر على تنظيم نشاط الإيداع والقيد المركزي في السوق الحاضرة فقط، في حين تناولت التعديلات بالتفصيل الأحكام الخاصة بالإيداع والقيد المركزيين وعمليات المقاصة والتسوية للأوراق المالية بهدف تسوية المراكز القانونية الناشئة عن التعامل في الأوراق المالية، تحديدًا لحقوق والتزامات المتعاملين على هذه الأوراق، كما نظم القانون أحكام تأسيس وإدارة الشركة التي يُرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية بمزاولة نشاطي الإيداع والقيد المركزي للأوراق المالية.
وذكر أن هذا القانون يعد شاملًا لتنظيم عمليات الإيداع وحفظ الأوراق المالية، وإجراء المقاصة والتسوية للمراكز المالية الناشئة عن عمليات التداول ونقل ملكية الأوراق المالية، بما في ذلك قيد حقوق الرهن على الأوراق المالية، والأوراق المالية الحكومية.
وكشف الخبير الاقتصادي عن أن إنشاء شركة تسوية ومقاصة متخصصة في الأوراق المالية الحكومية سواء كانت أذون خزانة أو سندات حكومية، بالإضافة إلى إنشاء شركات أخرى متخصصة في عمليات المقاصة والتسوية للعقود التي يجري التعامل عليها في بورصات العقود الآجلة.
وتابع أن القانون أتاح للبنك المركزي المصري مباشرة نشاطي الإيداع والقيد المركزي بالنسبة للأدوات والأوراق المالية الحكومية، وأبرزها سندات وأذون خزانة من خلال شركة مساهمة مملوكة له بالكامل أو بالمشاركة مع الغير، يتم تأسيسها وفقًا للأحكام الخاصة بالشركات العاملة في مجال الأوراق المالية.
واستكمل الخبير الاقتصادي أن القانون تضمن الترخيص لمجلس إدارة الهيئة إصدار القواعد المنظمة لإيداع وقيد الأدوات والأوراق المالية الحكومية وتسوية المراكز المالية الناشئة عن تداولها، وإنشاء صندوق لضمان الوفاء بالالتزامات الناشئة عن تداول تلك الأدوات والأوراق المالية الحكومية بعد أخذ رأى البنك المركزي المصري ووزارة المالية.