«شفا وخمير يا عرقسوس».. رمضان منقذ المشروبات الشعبية من الانقراض
يعد بائع العرقسوس أو "الشرباتلي"، أحد الباعة المتجولين ويعتمد على بيع مشروب العرقسوس المثلج، والذي نعتبره سمه من سمات مصر قديمًا، كما أنه يقدم واحدًا من أهم المشروبات الشعبية والمعروفة في مصر، لذلك كانت الحكومة المصرية في الماضي تمنح أصحاب هذه المهنة تراخيص تمكنهم من ممارستها لفتح محل "شربتلي" أو عرقسوس، وتحديدا في أيام الأعياد والمولد النبوي، وينتهي الترخيص مع انتهاء المناسبة.
أصبح بائع العرقسوس بملابسه علامة مميزة لكل من يزور القاهرة العامرة، خاصة في بعض المناطق الشعبية العريقة، ويعتمد في أدواته على الإبريق الزجاجي أو النحاسي كبير الحجم، والذي صنع خصيصا ليحافظ على برودة العرقسوس طوال اليوم، ويحمله بواسطة حزام جلدي عريض يحيط بالخصر، ويتدلى منه إناء صغير للأكواب، بينما يمسك بيده اليمنى صاجين من النحاس يصدران صوتا رنانًا، يحمل في يده اليسرى إبريقا بلاستيكيا صغيرا مملوءًا بالماء لغسل الأكواب، وقد يرتدي بائع العرقسوس طربوشًا فوق رأسه للفت الأنظار إليه أو يكتفي بعمامة الرأس، أما عن ملابسه سروال أسود واسع من منطقة الحجر يضيق عند القدمين، وبسترة مزينة عادة بنصف ياقة، وكان يحرص على تناغم مظهره لجزب الزبون، بالإضافة إلى حرصه على نظافته الشخصية.
"شفا وخمير يا عرقسوس وبارد وخمير واتهنا يا عطشان"، هذه العبارات التي يغنيها بائع العرقسوس للإعلان عن شراب عرف منذ القدم بمذاقه الطيب والذي يقبل عليه الكبار والصغار خاصة في شهر رمضان وفي فصل الصيف عندما تشتد حرارة الجو ويزداد احتياج الجسم للسوائل، ولكنه يبقى شرابًا يقبل عليه الفقراء والأغنياء، ويعد شهر رمضان الكريم هو المنقذ للمشروبات الشعبية والطبيعية من الانقراض أمام المشروبات الغازية وغيرها من العصائر المحفوظة، حيث يتراجع الإقبال على هذه المشروبات حتى تكاد تختفي ليهل علينا شهر رمضان وينعشها مرة أخرى.
اختفى في السنوات الأخيرة الشكل التقليدي لبائع العرقسوس بملابسه وأدواته المميزة، حتى أصبح رمزًا تستخدمه بعض الفنادق الفخمة للتواجد بالخيم الرمضانية، كنوع من التراث والفلكلور الشعبي.
ويرجع تاريخ العرقسوس إلى 5000 عام مضت، حيث اعتبره الكثيرون المشروب الملكي عند القدماء المصريين، ثم توارثته الأجيال حتى جاء الفاطميون فأقبل عليه الناس ليصير مشروب العامة لاسيما في رمضان.
وتحدث الحاج حسام، صاحب محل "سوبيا توتو" بحي السيدة زينب، عن أهم العصائر والمشروبات الباردة الرائجة في شهر رمضان الكريم، مشيرًا إلى أن الإقبال في رمضان على المحل أكثر من أي وقت آخر، خاصة على عصير الدوم والتمر هندي والكركدية والسوبيا.
وقال الحاج حسام: "نستخدم خامات طبيعية، ونسبة ألوان طبيعية تدخل في صنع التمر هندي، أما عن تميز السوبيا لدينا يرجع ذلك للخامات المستخدمة والتي تعتمد على أهمية جودة اللبن الفرنسي المستخدم وقوامه وجوز الهند الطبيعي والفانيليا الطبيعية".
وأضاف الحاج حسام، في تصريحات لـ"الدستور": "التمر هندي نستورده من الهند، كما نقوم بطحن الخروب وتحميصه ويضاف له طاشة مخصوصة تكسبه نكهة طعمه المميز".
أما عن استعدادات شهر رمضان فيقول: "تبدأ قبله بشهر نقوم بتجهيز البضاعة وتقسيمها على الأيام حتى نتفادى أي اطراب في اليوم نظرا للإقبال الشديد".
وأشار إلى أن فوائد العصير الطبيعي متعددة وعلى سبيل المثال فوائد العرقسوس الذي يعمل على ترطيب الأمعاء ويعد مضادًا طبيعيًا للالتهابات، أما فوائد التمر هندي تحسين الهضم، حي وُجد أن للتمر الهندي قدرة محتملة على خفض ضغط الدم والكوليسترول المرتفعين والحماية من فقر الدم، حسب قوله.
وعن تاريخ المحل أشار إلى أنه بدأ منذ عام 1954 وتخصص في تصنيع السوبيا الحلوة والمززة والآيس كريم ويرجع اسم المحل "سوبيا توتو" لجده الكبير توفيق وكان ذلك اسم الدلع بين أصدقائه.
وأوضح أنه بعد السوبيا تم التوسع في إنتاج المحل فتم إعداد مشروب التمر هندي والليمون والخروب والدوم والكركدية واليوسفي والأناناس والليمون بالنعناع، بالإضافة إلى الآيس كريم.