ارتبط بعلاقة قوية مع الملك فاروق.. قصة حياة الشيخ محمد رفعت
يُعد أحد أهم ملامح شهر رمضان الكريم عند المصريين، حيث تتم تلاوة القرآن بصوت الشيخ ثم يصافح صوته أذان المغرب في معظم المحطات الإذاعية والتليفزيونية.
كانت علاقة الشيخ محمد رفعت بالملك فاروق علاقة وطيدة وقوية، ورغم ذلك رفض الشيخ الراحل إحياء الذكرى السنوية للملك فؤاد، ليشارك في إحياء ذكرى عزاء جارته الفقيرة، وأبدى أسفه للملك فاروق، بأنه لا يحب التقرب إلى السياسيين والحكام.
وكما جاء في كتاب "عباقرة الإنشاد الديني" للكاتب محمد عوض، أن الملك فاروق كان يحرص على حضور حفلات الشيخ محمد رفعت، كما اختاره لقراءة القرآن والإنشاد في حفلات قصر عابدين.
ويعتبر الشيخ محمد رفعت هو القارئ الوحيد الذي تلا القرآن الكريم في دار الأوبرا المصرية، وذلك بمناسبة بدء الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية عام 1931.
وكانت نهاية الشيخ محمد رفعت صعبة خاصة وأنه أصيب في عام 1943م بمرض سرطان الحنجرة الذي كان معروفًا وقتئذ بمرض الزغطة وتوقف عن القراءة.
وعلى الرغم من أن الشيخ رفعت لم يكن يملك تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أي مدد أو عون ألح به عليه الملك فاروق من أجل علاجه قائلا قولته الشهيرة "إن قارئ القرآن لا يهان"، وظل الشيخ في بيته يقيم الليل والنهار مصليا وداعيا إلى الله طالبا الرحمة وشاكرا لفضله وظل الشيخ محمد رفعت هكذا، بعيدا عن القراءة بصوته، إلى أن فارق الشيخ الحياة في 9 مايو عام 1950.
في عصر يوم التاسع من مايو 1950، وقف مذيع الراديو عبدالوهاب يوسف، يتحدث إلى المستمعين وهو لا يستطيع أن يتمالك نفسه، قائلًا: «أيها المسلمون، فقدنا اليوم علمًا من أعلام الإسلام»، وانهار"يوسف" باكيًا، فأسرع زميله أنور المشري؛ ليقف بدلًا منه أمام الميكروفون ويقول باكيًا: «أيها المسلمون، فقدنا اليوم أعظم صوت رتل القرآن الكريم، فقدنا اليوم أحلى الأصوات العربية التي سمعناها طوال حياتنا وهو يتلو آيات الذكر الحكيم، فقدنا اليوم صاحب الحنجرة المتميزة التي تملك مقدرة فائقة على إيصال أعذب الأصوات وأنقاها إلى الناس».
وطلب القصر الملكي من الشيخ رفعت، أن يقرأ في ليلة وفاة أحد رجال القصر، في نفس الليلة التي كان قد رحل فيها خادم مسجد فاضل، فرفض الشيخ أن يذهب للقصر وقرأ في بيت "حجاج" خادم المسجد، فضاعف القصر أجره مرات ومرات فرف الشيخ، وذهب ليطمئن على أولاد خادم المسجد الذي كان يقرأ فيه.
وحدث خلاف بين الشيخ محمد رفعت والأذاعة، فامتنعت الأذاعة عن اذاعة القرآن الكريم بصوته، قامت الدنيا ولم تقعد، وصلت إلى الإذاعة آلاف الرسائل من مسلمين وأقباط مطالبين بعودة الشيخ رفعت، وكان من بين هذه الرسائل، رسالة "جرجس بشارة" يقول فيها: «أعيدوا إلينا صوت الشيخ محمد رفعت، أنه يملأ قلوبنا روعة وجلالًا كلما أسمعنا من الذكر الحكيم ما تجل منه القلوب وترجع إلى علام الغيوب، حسبما جاء في جريدة "الأخبار" عام 1998».
ودرس الشيخ محمد رفعت، الموسيقى، وبعد وفاته وجدوا لديه ثورة هائلة من أسطوانات الموسيقى الكلاسيكية الأوربية، والمدهش أنه منحازًا لبعض المؤلفين دون غيرهم، فجمع أعمال باخ وموتسارت وباجانيني.
وعرضوا عليه أن يسجل الأغاني المأخوذة من الشعر القديم قبل ذلك في الإذاعة الأهلية، ووافق الشيخ بشرط عدم ذكر اسمه، فغنى "أراك عصى الدمع"، و"حقك أنت المنى والطلب".
يذكر أن الشيخ محمد رفعت ولد في يوم الإثنين 9 مايو 1882، وتوفي في نفس تاريخ ميلاده يوم الإثنين 9 مايو1950، ولقب بـ"المعجزة" نظرا لعذوبة صوته الشديدة.