مصنع مفتاح قبر الرسول.. «الدستور» في ورشة التحف النادرة (فيديو)
تتحرك أناملهم بدِقة على أجسام نحاسية وفضية.. طَرَقات هادئة تعرف مقصدها، لتترك نقشًا أو لمسة فنية، أو ممرًا يعبر منه خيطًا من الفضة، يُساهم في صُنع لوحة فنية على تُحفة نادرة، لم يعد الكثيرون يعرفون عنها، لكنها ظلّت تحمل عبق التاريخ، وشاهدة على حقب زمنية مختلفة.
هُنا عالم آخر يمر بطيئًا ليُضفي جمالًا على ما يخرج من بين أركانه، قد يستغرق أشهر ثلاثة في صنع قطعة واحدة، لكن خيوطًا ورسومًا وحكايات نُسجت فوقها، تُفسر طيل الزمن الذي استغرقته في صنيعها.
في ورشة هادئة أمام جامع الحاكم بأمر الله، في شارع المُعز، بالقاهرة الفاطمية، يُشارك عادل جمعة، وابنه صهيب، فناني الورشة في إعداد الأشكال الفنية الرائعة من أباريق وشمعدان وتحف تعود لفترات تاريخية مختلفة، وأشياء ترتبط بالديانات المختلفة، يبقى أهمها مفتاح طبق الأصل لمفتاح قبر النبي محمد، صلى الله عليه وسلم.
يُشير لنا صهيب على شمعدان على الطراز المملوكي، يحمل على جسمه النحاسي المطعم بالفضة، مئات الأشكال والنقوشات واللوحات النفية، كلها جرى عملها يدويًا، ليكشف وقتًا طويلًا يتطلب تجهيزه، يصل إلى ثلاثة أشهر، ووعاء فاكهة على الطراز الفارسي تحت التجهيز، مزدحمًا بالنقوش قبل تطعيمها بالفضة، لكنها تتحول إلى رسومات دقيقة عند الانتهاء منها.. يرسمها الفنانون بالورشة على المجسم النحاسي في بدايته، قبل أن يُتابعوا عملهم عبر أدواتهم الصغيرة نقشًا على الأشكال لتحويلها إلى خطوط، تتحول من بعدها إلى رسومات واضحة بعد إضافة الفضة.
أباريق وأشكال فرعونية يُشير لها «صهيب» مؤكدًا هناك أشياء متنوعة يجري تصنيعها في الورشة، إلى جانب التحف الدينية، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن فن التكفيت كان يعمل به اليهود قبل خروجهم من مصر.
المفتاح الذي صُنع مُطابقًا لمفتاح وقفل قبر الرسول، يضعه صهيب داخل صندوق مُزين بكلمات جرى تطريزها بعبارات إسلامية إلى جانب شهادتي «لا إله إلا الله.. محمدًا رسول الله»، لكن المفتاح زينة فقط ـ وفقما يقول الشاب ـ فهو يُصنع مُجهزًا للاستخدام أيضًا، وتم تصميمه بنفس الشكل والنقوشات والعبارات التي عليها المفتاح الأصلي لقبر الرسول، غير أنه اختلف في التطعيم فقط، حيث أن مفتاح قبر الرسول مُطعمًا بالذهب، لكن هذا المفتاح جرى تطعيه بالنحاس نظرًا للتكلفة المادية.