أربع صفقات.. ماذا يدور خلف كواليس تبادل الأسرى بين سوريا وإسرائيل؟
وصلت مواطنة إسرائيلية عبرت الحدود إلى سوريا، كانت محتجزة من قبل النظام السوري إلى إسرائيل في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس الماضي بعد أكثر من أسبوع من المفاوضات الدبلوماسية لتأمين عودتها، وفي المقابل أفرجت إسرائيل عن اثنين من الرعاة السوريين، وخففت عقوبة إحدى سكان مرتفعات الجولان يوم الخميس فيما اعتبر أنها صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وسوريا.
في الوقت الذي يعتبر البعض الصفقة "مفاجأة" هناك من يرى أن كان هناك ثمة مؤشرات على تحرك إسرائيلي سوري خلف الكواليس قبل أكثر من شهر؛ عندما نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية في يناير الماضي تقارير أفادت أن قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، استضافت في ديسمبر الماضي اجتماعاً إسرائيليا – سوريا أمنيا.
وجاء في التقرير أنه حضر عن الجانب الإسرائيلي رئيس هيئة الأركان سابقا الجنرال احتياط جادي أيزنكوت والمسؤول السابق في جهاز الموساد آري بن مناشيه، فيما ضم الوفد السوري مدير مكتب الأمن الوطني اللواء علي المملوك والمستشار الأمني في القصر الجمهوري بسام حسن، كما شارك قائد القوات الروسية في سوريا إلكسندر تشايكوف.
الصفقة التي انتهت بتسليم المحتجزين من الجانبين تجرى في خلفيتها أربع صفقات أخرى يمكن رصدها على النحو التالي:
1- صفقة روسية إسرائيلية
طلبت إسرائيل من روسيا التوسط في المحادثات، فروسيا عملت بشكل وثيق مع النظام السوري، كما أنها تعمل بانتظام كوسيط بين اسرائيل ودمشق، اللتين لا توجد بينهما علاقات رسمية.
وبدا أن التوسط الروسي لن يقف عن إتمام الصفقة، فهناك ترجيحات بأن الروس أرادوا أن تكبح إسرائيل غاراتها الجوية في سوريا كجزء من الصفقة. من المعروف أن التحرك الإسرائيلي في السماء السورية وهجومها على المواقع الإيرانية يتم بموافقة ضمنية روسية التي لا تعترض على الهجمات، ولكن في سياق آخر، فإن لروسيا حدود للتحرك الإسرائيلي بيد أن المزيد من الهجمات يضر بمكانتها في سوريا.
2-صفقة إسرائيلية سورية
إتمام صفقة تبادل الأسرى بالرعاية الروسية، يفتح الباب للتفاوض في عدد من الملفات العالقة الأخرى، والتي ربما تم الحديث عنها لأول مرة قي لقاء اللاذقية، حيث طالبت إسرائيل في حينه بإخراج ايران وميليشياتها من الأراضي السورية بشكل كامل، وإعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية وتشكيل حكومة جديدة في دمشق تضم المعارضة، أما الوفد السوري فطالب بتسهيل العودة إلى الجامعة العربية والحصول على مساعدات مالية لسداد الديون الإيرانية، ووقف العقوبات الغربية، وذلك لإتاحة المجال أمام إخراج إيران من سوريا.
3- صفقة اللقاح
نفى نتنياهو أنباء تحدثت عن موافقة إسرائيل على إمداد سوريا بلقاحات روسية مضادة لكورونا في إطار صفقة تبادل أسرى، وقال نتنياهو "لم يدخل أي لقاح إسرائيلي واحد ضمن هذه الصفقة" وأضاف "لقد استرجعنا السيدة الإسرائيلية وأنا سعيد بذلك".
لكن لاتزال التقارير، تربط بين صفقة اللقاح المحتملة والإفراج عن السيدة الإسرائيلية، ونقلت "القناة 13" للتلفزيون الاسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله، إن "الثمن الإضافي الذي تم دفعه لسوريا لم يكن على حساب مواطني إسرائيل ولا يمس مصالح إسرائيلية، إنما هو ثمن ذو طابع رمزي وإنساني مع رؤية المصالح الإسرائيلية المستقبلية مقابل روسيا ومقابل سوريا في قضايا مهمة لإسرائيل". وربطت مصادر ذلك بلقاحات مضادة لفيروس كورونا التي تحتاج إليها دمشق.
وهذا يتسم مع السياق العام الذي تتحرك فيه إسرائيل منذ بداية جائحة كورونا، حيث تقوم بتقديم الإمدادات الطبية والعلاج لعدد كبير من من الدول.
4- صفقة التطبيع
بدأ الحديث عن إمكانية التطبيع بين سوريا وإسرائيل في عهد الرئيس ترامب، حيث تم الربط في حينه بين إطلاق المعتقلين الأميركيين في سوريا، وازدادت التكهنات مع تعيين السفير العماني في دمشق، الذي من المحتمل أنه جرى بمباركة سعودية.
وكان الأسد قد أوضح في مقابلة أجراها معه التلفزيون الروسي في بداية أكتوبر الماضي، أن "التطبيع سيكون فقط في مقابل المناطق التي احتلتها إسرائيل من سورية"، وتابع: "في هذا الوقت سورية لا تجري مفاوضات مع إسرائيل". لكنه امتنع في الوقت نفسه عن الهجوم على اتفاقات التطبيع واتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وهو ما رآه البعض بادرة حسن نية يمكن أن تتطور لاحقاً، وبعد صفقة تبادل الأسرى سيزداد هذا الاحتمال.