صندوق النقد الدولي يحدد معالم تعافي الاقتصاد المصري والعالمي من آثار كورونا
نظمت جامعة عين شمس، برئاسة الدكتور محمود المتيني رئيس الجامعة، وبينار حول أثر كوفيد ١٩ على الاقتصاد المصري والدولي الفرص والتحديات، وذلك بمشاركة الدكتور محمود محي الدين المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، والدكتور علاء زهران رئيس المعهد القومي للتخطيط، أكاديمية البحث العلمي، الدكتور خالد قدري عميد كلية التجارة، ا. د هيام وهبة وكيل كلية التجارة لشئون الدراسات العليا والبحوث وعدد كبير من أساتذة كلية التجارة والمختصين بالشأن الاقتصادي، وأدار الحوار ا. د يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة.
ورحب المتيني بالدكتور محمود محي الدين وهنأه بمنصب المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي وعضو مجلس إدارته ممثلًا لمصر ومجموعة الدول العربية، وأشاد بخبرته كوزير سابق للاستثمار له باع كبير في الاقتصاد حيث أنه وطوال ١٠ سنوات مثل مصر في العديد من منتديات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مشيرا إلى مساهمته مع جامعة عين شمس لإنشاء كلية تختص بالشئون العالمية للاقتصاد والعلوم السياسية كما توجه بالشكر لجميع المشاركين من الهيئات والمؤسسات والباحثين من داخل مصر وخارجها.
وأعرب عن أمله أن يثمر هذا اللقاء عن معرفة الوضع الراهن والمستقبلي للاقتصاد المصري بصفة خاصة والدولي بصفة عامة وتداعياته على الاقتصاد المصري.
وأوضحت الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة، أن هذا الوبينار يأتي في إطار توجه إدارة الجامعة لدعم جهود التنمية، مضيفة أنه كان هناك العديد من الدراسات لتحديد آثار كوفيد ١٩ على أداء الاقتصاد المصري، وكيفية تفعيل أدائه، مشيرة إلى أن الصدمات الخارجية تؤثر على الاقتصاد، وقد استطاعت مصر تقديم أداء اقتصادي متميز خلال جائحة كوفيد ١٩، ولكن الأزمة المالية العالمية أثرت بالسلب على أداء غالبية الدول النامية.
وفي كلمته أعرب محي الدين عن شكره لهذه الدعوة من جامعة عريقة كجامعة عين شمس برئاسة ا. د محمود المتيني.
موضحا دور البعد المؤسسي والتعليمي في معالجة بعض الأمور الخاصة بالاستدامة، الابتكار، الاستثمار، التنافسية والتحول الرقمي، كيفية وضع سياسة للتعامل مع مثل هذه الأزمات والصدمات بدون هدر إمكانيات التقدم والتطور والاستمرار في النمو.
وقام باستعراض الواقع الاقتصادي حول العالم؛ مؤكدا أهمية عدم الاعتماد على مؤشر أو مؤشرين للاستدلال بهما على مدى التقدم والتحسن أو التراجع للأداء الاقتصادي، ولكن مجمل المؤشرات الحيوية، موضحا فكرة التركيز على الهدف بمؤشرات متعددة لقياس الأداء.
وأشار إلى أن فيروس كوفيد ١٩ ليس فقط وباء ولكنه معطل لحركة الاقتصاد والحياة بصورة عامة.
وأوضح أن النمو الاقتصادي العالمي قد فقد ٥% مقارنة بالعام الماضي، الاقتصاد العالمي في حالة انكماش مع توقعات بالتعافي في العام القادم، وذلك مرتبط بالقدرة على احتواء الموجة الثانية من الفيروس، بالإضافة إلى تراجع تحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات المالية المباشرة عالميا بنسبة ٤٠%، كما أن حركة التجارة العالمية مازالت متأرجحة حيث تراجعت أيضا بنسبة من ١٣-٣٠%، إلى جانب زيادة نسبة الفقر عالميا، حيث زاد عدد الفقراء عالميا لأول مرة منذ عام ١٩٩٨ وزيادة شدة الجوع إلى ما يقرب من ٢٥٠ مليون إنسان حول العالم، بالإضافة إلى فقدان ٤٩٥ - ٥١٠ مليون فرصة عمل، كل ذلك تزامنا مع الموجة العالمية الرابعة للديون سواء بالنسبة للقطاع الخاص أو الحكومي أدت إلى زيادات ضخمة تجاوزت ٣٣١% من الدخل العالمي.
وبالنسبة لمصر قام الدكتور محمود محي الدين بعمل مقارنة للوضع الاقتصادي المصري مع دولتي فيتنام وكمبوديا منذ بداية هذا القرن في معدلات الاقتصاد والنمو، موضحا أن هناك عدد من أوجه التشابه مع مصر، وأهمية التعاون مع هذا الصعود الجامح المتزايد القادم من آسيا، موضحا أن عدد سكان فيتنام مقارب لسكان مصر.
وأشار إلى أن الإصلاحات الاقتصادية في فيتنام قد بدأت منذ عام ١٩٨٦ دون انقطاع، أما كمبوديا فقد بدأت في الإصلاح الاقتصادي بدون انقطاع ١٩٩٥ بمعدل نمو ٧% لكليهما، أما في مصر فقد كان معدل النمو أكبر من فيتنام وكمبوديا ولكن حدث تراجع لفترات موضحا أنه في آخر ثلاث سنوات عاد مرة أخرى معدل النمو دون انقطاع، وخاصة بعد عام ٢٠١٦.
وشدد على أهمية مواصلة النمو الاقتصادي دون انقطاع ومدى تأثيره الإيجابي على الاقتصاد المصري.
وأوضح أن مصر تصدر بحوالي ٣٥ مليار دولار نصفهم في البترول والغاز، ولابد من حدوث نقلة نوعية لكي تصل صادراتنا إلى التحدي الخاص بالـ ١٠٠ مليار دولار صادرات لمصر وهو رقم طموح جدا، يتطلب ضرب قيمة الفرد من الصادرات في ثلاث اضعاف، مستطردا أنه بالنظر إلى هيكل الصادرات، سنجد أن قطاع الزراعة قد بدأ في التحسن نسبيا، كما أن هناك بعض التغير في قطاع السلع المصنعة، مشيرا إلى أنه لابد من معرفة معوقات التصدير للعمل على حلها، خاصة وأن العالم يتجه نحو الشرق.
أما الجانب الاخر للبعد الاقتصادي هو الاستثمار الأجنبي المباشر، موضحا أنه كان في أحسن حالاته في الفترة من ٢٠٠٨- ٢٠٠٥، ثم تراجع عام ٢٠١٣ قبل أن يعاود الصعود مرة أخرى في الأربع سنوات الماضية، كذلك ادخار الدولة والأفراد للتمويل بما يقلل الاستدانة من الخارج، مشيرا إلى أنه لكي نصل لأهداف التنمية المستدامة والوصول لتحسين الوضع الاقتصادي والوصول للتحدي الخاص بالـ ١٠٠ مليار دولار صادرات لمصر، حدد أربعة مستويات لابد من الوصول إليها هي مستوى عالمي، إقليمي، قومي ومحلي، واستخدام المزايا الموجودة بالنظام المركزية واللامركزية باستخدام التكنولوجيا والمتابعة المستمرة فيما يعرف الآن بتوطين التنمية.
وأضاف أنه من أجل حدوث التطوير لابد من الاستثمار في التنمية المستدامة والبنية الأساسية وذلك بالاستثمار في التعليم، النظام الصحي والرعاية الصحية الشاملة، تطوير المهارات، الإبتكار البنية الأساسية وتشمل التحكم في نظم المعلومات والبيانات، وان تكون الدولة لديها منصاتها وشبكاتها المعلوماتية والقدرة على إدارتها وكذلك القدرة على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن هذا يعد من المستحيل حدوثه في ظل وجود بنية أساسية ضعيفة.
وأشار إلى أن ما يبعث على التفاؤل أن القيادة السياسية في مصر مهتمة بتحسين البنية الأساسية خلال الفترة الماضية من خلال الطرق والمباني، الكهرباء والطاقة وخطوط الغاز الطبيعي، مما يمكن حدوث انطلاقة النمو خاصة إذا ارتبط بعملية توطين التنمية عملية التصنيع في المحافظات، وأن يكون هذا التصنيع ذو توجه تصديري حتى إذا تم البيع داخل السوق المحلي، خاصة وان السوق المحلي المصري سوق ضخم، مشيدا بدور مصر في مجال التضامن الاجتماعي بأشكاله المختلفة.
وفي ختام حديثه قدم د. محمود محي الدين ملخصا للخروج من الأزمة التي يعاصرها العالم حاليا تتلخص في ضرورة الموازنة بين أن نحمي حياتنا وأن نحافظ على مستوى المعيشة وهذا تحدي عالمي، عدم التعجل مع ظهور لقاح فيروس كوفيد ١٩ حتى ينتشر ويصل لكل العالم، لابد من محاولة الخروج من الركود حتى لا يتحول إلي كساد، عدم حدوث أزمة دين عالميا، التعاون في مجال التحول الرقمي والرقمنة.
كما شدد على أهمية دور التجارة العالمية ومنظمة التجارة العالمية في إصلاحها خاصة بما يرتبط بإعادة النشاط الاقتصادي العالمي، وأكد أن الدور الجديد للدول يتجاوز دور الرقيب، أما على الصعيد المحلي فقد وجه بضرورة البناء على ما حققناه في تجربتنا مع الموجة الأولى لفيروس كوفيد ١٩، ضرورة التعجيل بزيادة الاستثمار بما لا يقل عن ٣٥% من الدخل القومي أو الناتج المحلي الإجمالي لتحقيق هدف الـ١٠٠ مليار دولار صادرات، بما يتطلب إحداث نقلة نوعية لجذب الاستثمار المباشر ليلامس ١٠% من الناتج القومي، واستكمال ما بدأ من إجراءات لحسن استخدام الدين العام، والتحول الرقمي والرقمنة ليس فقط في التصنيع والخدمات الإنتاجية ولكنه أصبح أسلوب حياة للمجتمع، كذلك توطين التنمية، حيث أننا أصبحنا في عالم جديد، إلى جانب زيادة دور الدولة حيث يجب أن يكون واضحا كما يجب أن ندرك أن التحلي بقدر من المرونة أصبح واجبا.
وأضاف أن تحديد الهدف أكثر أهمية من كيفية تحقيقه، فالاقتصاد الآن به من القواعد ما يمكنا من التمرد على القوالب الايديولوجية الجامدة التي عطلت أكثر مما أفادت، كما أن أهمية الاستثمارات العامة حسبما أفاد تقرير صندوق النقد الدولي بأن زيادة ١% من الاستثمارات العامة يمكن أن يزيد الاستثمارات الخاصة بنسبة ١٠% وزيادة نسبة التشغيل في المجتمع بنسبة ٢. ١%، ولا يمكن تحقيق كل هذا دون الاعتماد على قواعد من الحوكمة والاستقرار والأمن.