«جُرم الأحبة».. قصص أمهات تعرضن للأذية من الأقربين
دقائق قليلة كانت كافية لتشهد السيدة أقسى لحظات حياتها، لحظات لم ولن تنسى من الذاكرة، ورغم وجعها فهي لم تشهده وحدها، بل شهدها أيضًا جموع المصريين حين انتشر فيديو قبل يومين على منصات التواصل الاجتماعي، لابن يتلاعب بمشاعر والدته المستضعفة، وسط أصوات من الضحك والسخرية، ثم أجبرها على نزول السلم زحفًا في منزل الأسرة بقرية "العباسة"، ورغم أن الفيديو يعود زمنه لعام من وقتنا هذا، إلا أن شقيقته استغلت وقوع خلافات بينها وبينهم، لتقرر هي الأخرى في نشر الفيديو، وفتحت النيابة تحقيقا في الموضوع وتم القبض على الابن وأخلي سبيله بعد ذلك، فيما قالت الأم أنه يعاملها معاملة جيدة.
لم تكن تلك الواقعة هي الأولى من نوعها في إذلال الأبناء لذويهم، لذا تعرض "الدستور" في السطور التالية، قصص مؤلمة لسيدات شهدن مواقف كارثية على أيدي أحبتهن، الذين لم يراعوا أي شيء من الإنسانية، أو حرمانية الدين على ما وصاهم إياه تجاه الوالدين.
البداية كانت داخل منزل صغير في قرية "ميت أبو شيخة" بمحافظة المنوفية، تقابلنا حينها مع سيدة مسنة تعاني من أمراض مختلفة، أبرزهم الآلام المستمرة في مفاصل الظهر، والتي مرضت به نتيجة شيء لا يستوعبه عقل، وهو إجبار ابنها الوحيد لها على مساعدته في أعمال "الغيط"، من إطعام "المعيز" ومتابعتهم بشكل يومي، وتجميع المحاصيل الزراعية وترتيبها في مكان ما حتى تكون جاهزة على النقل فقط.
لم تستطع الأم تحمل تلك المشقة كثيرًا، فقد تجاوزت من العمر 60 عامًا، وهو لا يبالي، فقط يريد مصلحته الشخصية، وحين امتنعت ذات يوم عن استكمال ما طلبه منها، هددها بحبسها داخل المنزل، ومنع الطعام والشراب عنها نهائيًا.
ظنت السيدة أنه يهددها فقط للقيام بأمور العمل، لكن سرعان ما كشفت حقيقته القاسية، حين امتنعت بالفعل عن تأدية الدور المطلوب، نظرًا لظروف مرضها وشدة ألمها، إذ يقرر الابن بحبسها وسبها بأبشع الألفاظ، مهينًا كل القيم الأخلاقية والإنسانية.
عاد إليها مجددًا بعد يومين من حبسها، ليعرض عليها فرصة العودة للعمل لكنها رفضت بشدة، حتى بدأ وصلة جديدة من الإجرام معها حين اعتدى عليها جسديًا بزجها داخل الغرفة وسط صوته المرتفع الذي كانت تخشاه دومًا، دون أي حيلة منها للنجاة، أو الاستعانة بشخص ينقذها من تحت يديه خاصة بعد وفاة زوجها وتركها وحيدة بصحبة ابن عاق.
بعد مرور سنوات من العذاب والقسوة، قرر الابن هجرها وحيدة، بعد أن تزوج من فتاة خارج البلدة، ولم يفكر حينها لثوانِ في ترك والدته الضعيفة التي ذلتها الأيام وكسرتها قسوته عليها، فهي الآن تعيش حياة مهلكة باحثة عن السلام النفسي فقط.
القصة التالية كانت داخل منزل متوسط الحال في مدينة المحلة الكبرى، أسرته مكونة من أم وطفلين توأم، غادر والدهم الحياة حين كانوا في سن العاشرة، تاركًا لهم إرث يعيشون من خلاله ويصرفون به على والدتهم التي تعاني من مرض في القلب.
تقابلنا مع صاحبة الواقعة داخل دار للمسنين بعد أن زجها أولادها به، ليفروا من مصاريف العلاج التي تراكمت كثيرًا عليهم بسبب مرضها المستمر، لتحكي لنا قصة العذاب الذي عاشته وسط أولاد لا يملكون أي صفة من صفات الرحمة، كان كل ما يشغلهم مصلحتهم الشخصية فقط، ولم يكتفوا بذلك بل عاملوا والدتهم أشد معاملة يمكن للمرء أن يشهدها.
"لما طلبت منهم ادخل مستشفى علشان اتعالج، قالولي اقعد في البيت وهيراعوني"، تقول السيدة البالغة من العمر 55 عامًا، إن قسوة أولادها جعلتها ترتضي بالأمر، وتمكث في منزلها منتظرة لحظة وفاتها التي يقررها الله سبحانه وتعالى، لكن القدر جعلها تشهد ما هو أقسى، حين طلبت مرارًا وتكرارًا نقلها إلى أقرب مستشفى في أقصى درجات مرضها، تطاول عليها أحدهم بأحط الألفاظ: "انتي هتموتي هنا من غير مصاريف كتير".
وحين يئسوا من صمتها، قرر الوالدان زجها داخل الدار، ليبعدوها عن أعينهم، ويرتاحون من طلباتها المتكررة، لكنهم لم يدركوا حينها عواقب ما يفعلوه، فقد سخرت الأم حياتها حاليًا لطلب الدعوات من الله سبحانه وتعالى باسترداد حقها في أولادها المتوحشين، وهي تعلم جيدًا مدى استجابة دعاء المظلوم ولو بعد حين.