رئيس المجلس الوطني الأرميني يكشف لـ«الدستور» تطورات الأوضاع في قره باخ
في ظل ما تشهده الأوضاع في إقليم كاراباخ وتبادل الاتهامات بين جانبي الصراع الأرميني والأذربيجيني، حول عدم الالتزام بالهدنة وقرارت وقف إطلاق النار هناك، ومع استمرار إرسال تركيا للمرتزقة السوريين لتأجيج الصراع هناك.
كان لـ«الدستور» لقاء مع كارنيك سركيسيان رئيس الهيئة التأسيسية للمجلس الوطني الأعلى لأرمينيا الغربية؛ للتعرف عن تطورات الأوضاع الحالية فى إقليم كاراباخ.
وقال سركيسيان إنه بعد عجز تركيا من تحقيق أي تقدم ميداني في إقليم كاراباخ عبر الجيش الأذربيجاني الرخو والإرهابيين المرتزقة الغرباء عن جغرافيا المنطقة وطبيعتها، بدأ الجيش التركي بتوسيع رقعة انخراطه المباشر في الحرب من خلال إرسال أسراب من طائراتها المسيّرة التي تحمل أسلحة محرمة دوليا كالقنابل العنقودية والفسفورية والكيميائية، وبدأ هذا الأمر يتجلى اعتبارًا من 21 أكتوبر الماضي، ما أدى إلى تمكين بعض المجموعات الأذربيجانية والإرهابيين من التقدم في عمق المدن والقرى الأرمينية في عمليات كر وفر تسببت في خسائر بشرية فادحة عند الطرف المعتدي.
وأضاف سركيسيان، لـ"الدستور"، أنه يمكن تصوير الوضع الراهن اليوم بانسحاب تكتيكي لجيش الدفاع الأرميني في قره باخ المرتفعات الجبلية الوعرة مما سمح للمعتدين بالتقدم في المناطق السهلية الجنوبية لإقليم قره باخ ومنها فيزولي، جبرائيل وهدروت، لكن بمجموعات مسلحة محدودة دخلت بعض المدن الجنوبية دون التمكن من السيطرة الكاملة عليها.
وحول الوضع فى المدن الرئيسية، قال سركيسيان إن الطرف المعتدي لم يتمكن حتى الآن، من تسجيل أي تقدم ميداني ملموس رغم استهدافه للمدنيين والمستشفيات وأماكن العبادة كتعبير عن عجزه وحقده وكراهيته.
وعن الانتهاكات التى تقوم بها تركيا وإرسالها المرتزقة السوريين لإشعال الأوضاع، قال سركيسيان إن تركيا كما أصبح معروف الآن، بالنسبة إلى جميع الأطراف هي دور وأداة بيد أسيادها وأولياء نعمتها الغربيين، كما أصبح واضحًا كيف تم تركيب دولة تركيا الحديثة قبل مائة عام على حساب الحقوق الأرمينيّة في أرمينيا الغربية وكيليكيا المثبتة دوليا في عملية خداع تاريخية.
وأكد سركيسيان أن تركيا فشلت فشلًا ذريعًا بتحقيق الدور الموكل إليها والذي كان أصلًا شرط وجوده وبقاءه على حساب الشعب الأرميني وحقوقه.
وأصبحت تركيا في وضع بات الخطر باستمرارها كدولة ضمن حدودها الحالية أمر مشكوك به بعد سلسلة الإخفاقات في كلٍ من سوريا وليبيا وحقول الغاز في المتوسط، وبات الحديث يتصاعد عن إعادة إحياء معاهدة سيفر للسلام وخاصة من قبل الخبراء والمحللين الروس من جهة وتصاعد النشاط السياسي الأرميني في المهجر من جهة أخرى، حيث تم الإعلان عن نية أرمن المهجر تأسيس المجلس الوطني الأعلى لأرمينيا الغربية الذي سيعلن عنه رسميا بتاريخ 22 نوفمبر الجاري، زتمت استضافة رئيس الهيئة التأسيسية لذلك المجلس عدة مرات في الإعلام العربي والروسي.
تابع سركيسيان: "على ضوء ذلك ما كان أمام أسياد تركيا إلا إعطاءه الفرصة الأخيرة لتثبيت أقدام تركيا في المنطقة لمحاولة قلب الطاولة وإعادة خلط الأوراق من خلال تقدم ميداني دراماتيكي على الجبهة الأرمينية من خلال دعم الجيش الأذربيجاني الهش وحشد الإرهابيين المرتزقة كي لا تضطر تركيا للمواجهة المباشرة مع الجيش الروسي في الوقت الراهن، لأن منطقة جنوب القوقاز هي منطقة الأمن القومي الروسي والتدّخل التركي المباشر سيعني إعلان الحرب على روسيا أيضًا.
وحول السيناريوهات التى تشهدها الفترة المقبلة وهل سيكون هناك هدنة جديدة أم سيتم التوصل لاتفاق، قال سركيسيان إن الطرف الأذربيجاني قبل بوقف إطلاق النار ثلاثة مرات لإدراكه التام بعدم قدرته على هزيمة الطرف الأرميني، فهو سبق وتجرع من تلك الكأس المرّة مرات عديدة طوال العقود الثلاثة الماضية، وطبيعي أن يقبل الطرف الأرميني أيضًا بوقف الأعمال القتالية لأنه الطرف المعتدى عليه ولا مصلحة له من الاستمرار فيها.
وأكد سركيسيان أن قرار خرق الهدنات الثلاثة جاء من البعيد، من دوائر مخابرات غربية تقود تركيا وحربها بالوساطة الدائرة في إقليم قرة باخ، وتبين مؤخرًا أن تركيا ومن يقف ورائها يسعون لقبض ثمن الهدنة من خلال إشراك تركيا في صيغة مجموعة مينسك الضامنة للعملية السياسية في الصراع بين أذربيجان وكاراباخ، في محاولة يائسة لإعادة تفعيل دور تركيا وجعلها جزء من الحل القادم ليس فقط في موضوع الصراع الدائر في كاراباخ بل المنطقة برمتها والإبقاء على تركيا كقوة إقليمية تؤمن التوازن ولو سياسيًا مقابل السيطرة الروسية المتصاعدة في المنطقة بعد تدخلها المباشر في الحرب السورية في 2015.
واختتم المصدر حواره قائلًا: "يصعب اليوم التكهن عما ستحمّله الأيام القادمة من تطورات هل ستخرج تركيا ومن خلفها خالية الوفاض هذه المرة أيضًا، وبالتالي يصبح أمر إدراج معاهدة سيفر في أجندة ترتيب مستقبل المنطقة والعلاقات الدولية في الفترة القادمة؟ أم تنجح القوى الخفية المؤثرة في السياسات الدولية مرة أخرى في مكافأة الدولة التركية الإرهابية المارقة وتفرض وجودها على شعوب وأمم المنطقة والدول العظمى في المعسكر المقابل كجزء من الحل وليس جزء من المشكلة، هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
في سياق متصل، يجب تسجيل ذهول واستغراب واستهجان الشعب الأرميني من موقف إيران لجهة الوساطة المقترحة من قبلها والمبنية على أساس إشراك تركيا في العملية السياسية لحل قضية قره باخ.