سياسة أردوغان أنهكت اقتصاد تركيا «الهش»
يستمر مسلسل انهيار الاقتصاد التركي تزامنًا مع تعرض السياسة الخارجية التركية لهزات في أكثر من ملف، حيث سجلت الليرة التركية في صباح اليوم الثلاثاء، مستوى منخفضًا قياسيًا مقابل الدولار، إذ يقيم المستثمرون احتمال رفع البنك المركزي سعر الفائدة خلال اجتماعه هذا الأسبوع للحد من تراجع العملة.
وأوضح تقرير لشبكة سكاي نيوز، أن تخبط ونكسات الاقتصاد التركي، بدأت بعد خروج حليف أنقرة، رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، عن الاستراتيجية التركية في ليبيا، وموافقته على وقف شامل لإطلاق النار في البلاد، ثم إعلان نيته التنحي.
وأوضح التقرير أنه من بين الأمور التي زادت من مشاكل الاقتصاد، رضوخ تركيا للضغوط الأوروبية وسحبها سفن التنقيب الخاصة بها من المياه الإقليمية اليونانية، بالإضافة إلى عمليات القصف الروسية لمناطق حلفاء تركيا في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.
ويرى المحللون أن التراجع القياسي لليرة التركية، يرجع إلى العديد من الأسباب، فبجانب التوترات الجيوسياسية في المنطقة، فإن عدم استقلالية البنك المركزي التركي وسط تدخلات الرئيس رجب طيب أردوغان ومعارضته لرفع معدلات الفائدة ساهمت في زعزعة ثقة المستثمرين في الاقتصاد".
كما أن معدلات التضخم أعلى من معدل الفائدة على الليرة التركية، مما يعني عدم جدوى الاستثمار في الأصول التركية، مما يفسر الضغوط التي تتعرض لها الليرة.
وتصل قيمة الدين الخارجي بالعملة الأجنبية الذي يستحق السداد خلال عام أو أقل إلى 176 مليار دولار، في حين يصل الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى أكثر من 45 مليار دولار.
وإذا ما أضيف إلى ذلك الرقم احتياطي الذهب، فقد يصل إلى 90 مليار دولار، مما يشكل أقل معدل لتغطية الديون القصيرة في الاقتصادات الناشئة.
ونوّهت سكاي نيوز على أن «معضلة» الليرة التركية لا تتوقف عند حدود تركيا، ولكنها تمتد إلى أوروبا بحسب الخبراء، والذين أوضحوا أن البنوك الأوروبية أكثر انكشافا على الديون التركية، فالبنوك الأوروبية كانت أكبر مقرض لتركيا، وعلى رأسهم إسبانيا التي تستحوذ على ثلث الديون الأجنبية التركية، تليها فرنسا بـ16 ٪ بحسب بيانات بنك التسويات الدولية في الربع الأول.
وإلى جانب كل تلك الضغوط التي تتعرض لها الليرة التركية، فقد جاء وباء كورونا ليعمق جراح الاقتصاد التركي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي انكماشا بـ 5 ٪ خلال العام الجاري.
وانكمش الاقتصاد التركي بنسبة 9.9٪ خلال الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع الأول.
وبحسب الأسوشيتد برس، فإن هذا التراجع جاء عقب إجراءات الإغلاق التي تم فرضها لاحتواء جائحة فيروس كورونا.
وفي السياق نفسه، أشارت أرقام معهد الإحصاء التركي، إلى أن الانخفاض الفصلي بين أبريل ويونيو كان أكبر انكماش في البلاد منذ أكثر من عقد.
وفي وقت سابق من أغسطس الماضي، أعلنت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، خفض آفاق الاقتصاد التركي إلى درجة "سلبية"، نظرا إلى تراجع الاحتياطي النقدي للبلاد وضعف الثقة في سياسة أنقرة المالية.
وبحسب شبكة "بلومبرج"، فإن الوضع في تركيا يثير قلقا بشأن الحصول على تمويل من الخارج، ولذلك تم خفض تصنيف البلاد إلى "BB-"، والذي يقل بثلاث درجات عن المعدل المطلوب للاستثمار.
ويرى مراقبون أن العام 2015، كان فاصلًا بالنسبة للاقتصاد التركي، ففيه بدأ الاقتصاد يدخل مرحلة انكماش شديدة، أي بالضبط في نفس السنة التي غير فيها أردوغان طبيعة النظام السياسي في بلاده، من برلماني لرئاسي، ليتفرد بحكم البلاد، ويحول بلاده إلى دولة ساعية للهيمنة بالقوة على محيطها السياسي والجغرافي.
وبعدما خرجت تركيا بشكل واضح عن التفاهمات الإقليمية والدولية، بالذات مع الولايات المتحدة، تراجعت العملة التركية وخسرت قرابة 40 ٪ من قيمتها خلال عام 2018.
وتبعت حالات التمرد التركية على حلفائها التقليديين، سلسلة من عمليات الانخراط لأنقرة في القضايا الإقليمية والدولية، من سوريا مرورا بليبيا والعراق وأرمينيا وصولا إلى البلقان، عبر استخدام القوة العسكرية والهيمنة عبر حيل سياسية ونشر الميليشيات المتطرفة والمرتزقة، مما راكم من أتعاب الاقتصاد التركي الهش أساسًا.