19 شارع محمد محمود (2ـ2)
تصدع تحالف الشرعية، السند القوى للإخوان، خاصة بعد تصريحات الزمر وبرهامى، وتراجعت مظاهرات الإخوان إلى حد كبير.. لقد فشلوا فى كل ما راهنوا عليه، واتضحت صورتهم الحقيقية أمام العالم، حتى دول الخليج، التى كانت ملاذهم أيام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، تخلت عنهم بعد أن كشفت نواياهم.. فماذا بقى للإخوان أن يفعلوه؟.
هم بين خيارين.. الأول، السعى إلى مصالحة وتهدئة، عبر وسطاء، تعتمد فى الحصول على مكاسب من ورائها، على ما يمكن أن يحققه الخيار الثانى، وهو التصعيد ضد الداخلية والنظام القائم، ومحاولة دخول ميدان التحرير بدعوى احتفالهم المزعوم بذكرى محمد محمود بعد هذا القدر من الفشل الذى لحق بهم وبتحدياتهم خلال الفترة الأخيرة.. وإذا كانوا قد أعلنوا عدم نزولهم اليوم الثلاثاء إلى الشارع، فإن أذنابهم وشبابهم موجودون، وبخاصة حركة «حازمون» الذين يؤكدون على «لدينا إصرار على دخول ميدان التحرير وشارع محمد محمود لإحياء الذكرى!.. ولن نهتم بمن يرفض النزول».. ولكن..
عندما تظاهر الإخوان لإعادة مرسى إلى منصبه بعد عزله، زاد الناس إصراراً على محاكمته.. نظموا المسيرات للإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا من أعضاء الجماعة، فأعطوا السلطة مبرراً لزيادة أعدادهم فى الحبس الاحتياطى.. هتفوا ضد ما أسموه حكم العسكر، فزادت قناعة المصريين بأنه لا يصلح لمصر إلا هذا الحكم.. يخرجون لمعارضة الإجراءات الاستثنائية، من إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال، فيمنحوها غطاءً شعبياً.. وهكذا، فإن الإخوان لم يستطيعوا أن يغيروا المشهد فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، سوى أن مرسى لم يعد رئيساً للجمهورية، وهو مطلب الشعب الذى أراده، فحققه.. فماذا عساهم أن يفعلوا اليوم؟. إن ما يبثه أعضاء تحالف دعم الشرعية حول إحياء الذكرى المزعومة منهم، بإسقاط وزارة الداخلية، ما هى إلا تهديدات لإشاعة الخوف، ومحاولة غل يد الدولة، ضمن مؤامرة التنظيم الدولى، الذى اجتمع أول أمس فى الأردن، لدفع البلاد نحو الدم والفوضى.. ولكننا نرى أن 19 نوفمبر لن يختلف كثيراً عن 4 نوفمبر، الذى شهد أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول، ومر مرور الكرام، خاصة وأن وزارة الداخلية أعلنت احترامها للاحتفال بالذكرى، وحرصها على حماية المتظاهرين وتأمينهم، لكن العبث بأمن البلاد وأرواح العباد، لن يتم التهاون معه، وأن إلغاء حالة الطوارئ وعدم سريان حظر التجوال لا يعنى تخلى الشرطة والجيش عن مواحهة مثيرى الشغب والبلطجية. الذى لا شك فيه عندي، هو أن المتأسلمين اليوم يحاولون القفز على نتائج ثورة 30 يونيو، بنشر الفوضى وزعزعة أمن البلاد وتعطيل خارطة الطريق، لمحاولة استنزاف القوى الأمنية وإرباك الحكومة، بل ومحاولة إظهار عجز الدولة، والأهم، تصوير ما يحدث أمام وسائل الإعلام العالمية، على أن الشعب المصرى كله مؤيد للرئيس المعزول، وتلك مهمة قناة «الجزيرة» مع العلم بأن التنظيم الدولى لم يعد يفكر فى مرسى رئيساً، إنما هى محاولاته للإبقاء على الجماعة فى مصر، كجزء من كيانه الأساسى وذراعه فى المنطقة. اليوم.. هو البرهان الحقيقى لإرادة الشعب المصرى، الذى يجب أن يعمل جاهداً للحفاظ على هذا البلد الأمين، متحلياً بمكارم الأخلاق والتقوى والاعتصام بحبل الله جميعاً، كما قال الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم «عليكم بالجماعة، إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية»، وليعلم المصريون أن الفتنة أذا أتت ستعم الجميع، كما قال المولى عز وجل «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب».. الشعب المصرى أولى بشهدائه والاحتفاء بهم، دون وصاية الإخوان وأشياعهم، إذا لم نقل بأن أياديهم غرقى بدماء هؤلاء الشهداء، والاحتفاء إنما يكون بالاحتفاظ بذكراهم فى نفوسنا، وأن نقدم للعدالة من قتلهم، وأن نرعى ذويهم، خاصة من كان منهم بلا عائل، فالشهداء ضحوا بحياتهم من أجل هوية مصر، وعدم سقوطها فى هاوية التخلف والرجعية.. حفظ الله مصر وأهلها.
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.