19 شارع محمد محمود«1- 2»
ستظل ذكرى محمد محمود نقطة سوداء فى تاريخ الإخوان.. بل هى عار عليهم، لن ينساه التاريخ أو يمحوه الزمن، لأنها تذكر بخيانتهم للثورة، وجريهم على الانتخابات، على دم الشهداء.. وقتها كان هناك هتافان فى الشارع، الأول يردده الثوار «يا طنطاوى خرب دمر.. بكره نهايتك زى معمر»، والثانى يروجه الإخوان «علم علم ع الميزان.. الميزان هو الكسبان»، والميزان هنا كان الرمز الانتخابى للإخوان فى الانتخابات البرلمانية، عبر حزبهم الجديد «الحرية والعدالة».. نقول إن إحياء ذكرى محمد محمود، هو تذكير بما فعله الإخوان بالثورة، وهم يملكون البرلمان، عندما تخلوا عن شبابها، وتركوهم فريسة لمن يقتلهم ويستبيح دماءهم، بل شنوا عليهم حملة لتشويه السمعة والترويج لكونهم بلطجية وليسوا ثواراً، وأنهم يوقفون عجلة الإنتاج، وينفذون أجندات أجنبية!؟
صحيفة «الفيجارو» الفرنسية، نقلت عن خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، وقتها، أنه «حذر من احتمال تأخير الجدول الزمنى لتسليم السلطة إلى المدنيين بسبب بعض الجماعات التى تحاول إيجاد حالة من الفوضى، مشيراً إلى المواجهات التى شهدها شارع محمد محمود وأحداث مجلس الوزراء».. بينما رأى المرشد محمد بديع، أحداث محمد محمود على أنها مجرد محاولة لاستدراج الإخوان ومحاولة التهرب من الاستحقاقات الديمقراطية، قائلاً «إن الذى حدث، إنما هو إجرام ينبئ عن رغبة دفينة فى محاولة استدراج المخلصين فى كل مكان، لسحقهم وإشاعة الفوضى وإثارة الرعب لدى جموع الشعب، بغية التهرب من الاستحقاقات الديمقراطية»!.
وعندما جاء مرسى إلى الحكم، وتولى سلطة البلاد، وقعت أحداث محمد محمود الثانية فى نوفمبر 2012، كان رد فعل الإخوان أشرس فى مهاجمة المتظاهرين والدفاع عن الداخلية، ووصفوا «المتواجدين فى محمد محمود الآن بأنهم ليسوا متظاهرين، وإنما هم مجموعة من البلطجية، يرسلهم بعض رموز الحزب الوطنى وبعض المسئولين، ولدينا معلومات أنهم يخططون منذ فترة لإحداث اضطرابات وإشعال الفتنة فى البلاد»!.
يا سبحان الله!.. كيف يدعو «الراعى الرسمى» لما حدث من مجازر فى محمد محمود، الأولى والثانية، وهم الإخوان، لإحياء الذكرى غداً، وهو المجرم الأول فيها، والذين ثبت تورطهم ــ بعد سقوطهم - فى جرائم عدة ارتكبوها ضد المتظاهرين، أبرزها ما عُرف بموقعة الجمل، ومذبحة بورسعيد، فضلاً عن الجريمة الكبرى، وهى سرقة ثورة الشعب والانقضاض على الحكم، ليأتوا هذا العام ويدعون لإحياء الذكرى الثالثة بمحاولة نشر الفوضى وزعزعة أمن واستقرار البلاد وتعطيل خارطة الطريق، حتى لو أعلن التنظيم الدولى لهؤلاء الإخوان عن عدم المشاركة فى تظاهرات محمد محمود هذا العام، وتكليف الحركات الشبابية بالنزول بشكل فردى وسط متظاهرى التحرير، مع ضرورة التخلى عن أى إشارة مؤيدة للشرعية، بل والتعامل مع الشعارات المرفوعة والهتافات التى سيرددها الثوار، حتى ولو كانت مسيئة للجماعة!.. الغاية تبرر الوسيلة، فى الوقت الذى روجت فيه قناة الجزيرة وجريدتا «الحرية والعدالة» و«الشعب» لفكرة أن الإخوان سيكونون خارج الميدان، لتجنب مسئولية اشتباكات محتملة!
هل لاحظتم عبارة «لتجنب مسئولية اشتباكات محتملة»؟.. لأن أمنيات أنصار المعزول هى أن تحتشد القوى الثورية للنزول إلى الشارع، حتى يكون هناك مبرر قوى للاشتباك مع الشرطة، والزج بالقوات المسلحة من جديد فى العملية السياسية، وهى الخطة التى أعدها جهاز المخابرات التركية، بالتنسيق مع التنظيم الدولى للإخوان لإسقاط النظام الحالى فى مصر، من خلال تكليف عناصر التنظيم داخل مصر، بتنفيذ خطة استفزاز قوات الأمن أثناء التظاهر، لنقل الصورة للرأى العام العالمى، بأن هناك انتهاكات أمنية من الشرطة ضد المتظاهرين السلميين، وإظهار أن ما حدث فى 30 يونيو ما هو إلا انقلاب عسكرى، فى تصعيد تدريجى ضد المؤسسات والهيئات الحكومية، للتشهير الممنهج بالنظام الحاكم والمؤسسة العسكرية، لعرقلة المرحلة الانتقالية، لعلها تُحدث ثورة ثالثة، تستمد قوتها من الاحتجاجات والتظاهرات، وعلينا ألا نغض الطرف عما حدث من احتجاجات مفتعلة من عمال مصنعى «الوبريات» والـ«الكريستال» المشهور.. فتلك خطوة على الطريق.. وللحديث بقية.