سفير قبرص: عقوبات أوروبية مرتقبة على تركيا (حوار)
هومر مافروماتيس قال إن بلاده ستستضيف قمة ثلاثية مع مصر واليونان.. أكتوبر المقبل
اتفاقات أنقرة مع «الوفاق» حلقة من الاستفزازات التركية.. ونؤيد «إعلان القاهرة» بشأن ليبيا
العلاقات مع القاهرة وصلت لمستوى غير مسبوق وتصدير الغاز القبرصى بعد إسالته فى مصر خلال 2025
التحالف الثلاثى تصدى لاعتداءات أنقرة على مناطق الغاز.. وبلادنا أبرز ضحايا العدوان التركى على دول المنطقة منذ 1974
قال السفير القبرصى فى القاهرة، هومر مافروماتيس، إن بلاده أبرز ضحايا العدوان التركى على دول المنطقة منذ احتلال قسمها الشمالى عام ١٩٧٤، بالإضافة إلى تعرض مياهها الإقليمية لاعتداءات استفزازية من تركيا، بحثًا عن الغاز الطبيعى، متوقعًا أن يبحث الاتحاد الأوروبى مسألة فرض عقوبات جديدة على أنقرة، بعد تحركاتها فى ليبيا وشرق المتوسط، وذلك فى اجتماعه المرتقب فى ١٣ يوليو الجارى. وأضاف، فى حواره مع «الدستور»، أن العلاقات الثنائية مع مصر تمر بمستوى غير مسبوق من التعاون، منذ عام ٢٠١٤، خاصة بعد تدشين التحالف الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص، الذى فتح باب التنسيق السياسى والاقتصادى والأمنى، وتصدى لاعتداءات أنقرة على غاز شرق المتوسط، مشيرًا إلى أن بلاده تستعد لاستضافة قمة ثلاثية جديدة فى أكتوبر المقبل.
■ بداية.. كيف تنظر قبرص للتحركات التركية فى شرق المتوسط؟
- دائمًا ما تؤكد نيقوسيا أن استفزازات تركيا وابتزازها للدول يؤثران على الأمن العام فى منطقة شرق المتوسط، خاصة أنها من أوائل الدول التى تعرضت لاعتداءات أنقرة، لأنها كانت أكبر ضحية للعمليات التركية منذ احتلت الأخيرة جزءًا من بلادنا فى عام ١٩٧٤، فى عملية «أتيلا»، واستولت بذلك على حوالى ٤٠٪ من الجزيرة، وطردت ١٥٠ ألف قبرصى يشكلون أكثر من ربع مجموع السكان وثلث القبارصة اليونانيين من منازلهم بالشمال المحتل.
وانتهى الغزو التركى بتقسيم قبرص على طول الخط الأخضر، الذى تراقبه الأمم المتحدة، والذى لايزال يقسم الجزيرة، لذا فنحن نعانى، حتى الآن، من الغزو التركى، كما نعانى من ممارسات أنقرة حاليًا للاستيلاء على ثروات المنطقة.
وما تقوم به أنقرة من اتفاقيات مع حكومة الوفاق فى ليبيا يشكل حلقة ضمن حلقات الاستفزازات التركية، التى تعمل على زعزعة استقرار المنطقة وشمال إفريقيا وأوروبا أيضًا.
■ طلبت القيادة القبرصية من الاتحاد الأوروبى تعزيز إجراءاته فى مواجهة العدوان التركى.. فما آخر التطورات فى هذا الملف؟
- هناك تحركات قبرصية خلال الفترة الماضية لمطالبة الاتحاد الأوروبى باتخاذ قرارات ضد تركيا، والرئيس القبرصى نيكوس أناستاسياديس أطلع جوزيب بوريل، الممثل السامى للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، على الانتهاكات التركية، وحلّق بنفسه بطائرة هليكوبتر فوق المنطقة الاقتصادية القبرصية الخالصة لرؤية الوضع على الطبيعة، ورصد تنفيذ ٦ أعمال حفر منافية للقانون الدولى خلال عام واحد فقط، للتنقيب عن الغاز، الأمر الذى يعد تعديًا على حقوق وسيادة قبرص على مياهها الإقليمية.
■ هل تتوقع نيقوسيا تحركًا أوروبيًا لمواجهة الاستفزازات التركية فى اجتماع الاتحاد بهذا الخصوص فى ١٣ يوليو الجارى؟
- اجتماع الاتحاد الأوروبى، المقرر فى ١٣ يوليو، سيناقش تنفيذ القانون الدولى والوسائل الدبلوماسية ذات الفاعلية فى مواجهة الاستفزازات التركية، مع عدم الاستسلام لها بالتحول إلى عسكرة الخلافات الثنائية، خاصة أن ما تقوم به تركيا من عمليات عسكرية فى ليبيا وشرق المتوسط يخالف القانون الدولى.
فضلًا عن ذلك، ربما يتطرق الاجتماع إلى فرض عقوبات جديدة على تركيا، خاصة أن الاتحاد الأوروبى سبق له فرض عقوبات على أنقرة، على خلفية قيامها بالتنقيب فى المنطقة الاقتصادية لقبرص، كما أن الاتحاد سيتعهد مجددًا بالحفاظ على سيادة قبرص.
■ كيف رأيتم «إعلان القاهرة» وتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن وقف إطلاق النار فى ليبيا؟
- «إعلان القاهرة» وتصريحات الرئيس السيسى يعدان تحركًا دبلوماسيًا مهمًا، وكانت قبرص من أوائل الدول التى أعلنت عن دعمها المبادرة المصرية للتصدى للعدوان التركى على ليبيا، وتبع ذلك بيان مشترك لمصر والإمارات وفرنسا واليونان وقبرص لإدانة هذه العمليات العسكرية التى تقوم بها تركيا فى ليبيا وشرق المتوسط، والتى سبقتها عمليات مماثلة فى سوريا.
وقبرص عبرت أكثر من مرة عن رفضها العدوان التركى على سوريا وليبيا، ووقفت ضد كل الأنشطة التركية العدائية، لأنها تخالف كل القوانين الدولية، وعملت مع حلفائها لوضع حد لهذه الاعتداءات.
وهناك تقارب كبير فى وجهات النظر بين قبرص ومصر، بالإضافة إلى اليونان وفرنسا حول قضية الاعتداءات التركية، وهذه الدول تعمل على وقف التحركات التركية وإحلال الاستقرار والأمن الإقليمى من خلال الحوار والدبلوماسية والمطالبة بوقف إطلاق النار فى ليبيا.
■ كيف تقيّم نيقوسيا دور مصر فى قضيتى مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وغيرهما من القضايا المهمة فى المشهد السياسى العالمى؟
- مصر تلعب دورًا مهمًا فى ملفى مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، ونجحت فى منع أى مركب يقل مهاجرين باتجاه أوروبا من مغادرة سواحلها منذ نهاية ٢٠١٦، وهى أيضًا تأخذ على عاتقها مسئولية حل الأزمات الإقليمية، سواء القضية الفلسطينية أو الوضع فى ليبيا وغيرهما من القضايا، التى تؤثر على الأمن والاستقرار الإقليميين.
وأعتقد أن أوروبا كلها، وليس قبرص فقط، تشيد بجهود مصر فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وتحقيق الأمن والاستقرار، وهو الأمر الذى يؤثر إيجابًا على أمن منطقة المتوسط وجنوب أوروبا بوجه عام.
■ شهدت السنوات الأخيرة منذ تولى الرئيس السيسى تطورًا فى مستوى العلاقات الثنائية المصرية القبرصية.. فكيف ترون ذلك؟
- العلاقات الثنائية بين قبرص ومصر تأسست فور إعلان قبرص استقلالها عام ١٩٦٠، لكنها فى عام ٢٠١٤ وصلت إلى مستوى غير مسبوق بعد «إعلان القاهرة» إقامة تحالف بين مصر وقبرص واليونان، والذى كان من أهم أهدافه الوقوف ضد التوسع العدائى لتركيا فى مناطق الغاز القبرصى بالبحر المتوسط.
وقبرص ترى فى مصر قوة لا يستهان بها فى شرق المتوسط ضد الاستفزازات التركية، فضلًا عن أنها البوابة لدول إفريقيا والشرق الأوسط، وفى المقابل تعد قبرص بوابة مصر على أوروبا وصوتها فى الاتحاد الأوروبى، وقامت نيقوسيا بتحركات كثيرة لتقريب وجهات النظر بين القاهرة وأوروبا.
وعبّر الرئيسان المصرى والقبرصى فى مناسبات عديدة عن أهمية العلاقات بين البلدين، وأهمية التحالف الثلاثى الذى وضع اتفاقيات واضحة لترسيم المناطق الاقتصادية الخاصة بالمياه الإقليمية لكل دولة، خاصة بين مصر وقبرص، وذلك من أجل الاستفادة من الموارد الطبيعية فى هذه المناطق، التى تضم حقول الغاز الطبيعى، كما أن هذا التحالف أسهم فى تطور حركتى السياحة والنقل والاستيراد والتصدير بيد دوله.
وعلى المستوى السياسى، كان هذا التعاون مثمرًا جدًا، فهناك اجتماعات تجرى بشكل دورى بين مصر وقبرص واليونان، على مستوى وزراء الخارجية والدفاع والسياحة والآثار والهجرة، بالإضافة إلى تنفيذ مبادرة «العودة للجذور».
وفضلًا عن ذلك، انعقدت ٧ قمم ثلاثية على مستوى قادة الدول، كانت آخرها فى أكتوبر الماضى بالقاهرة، ومن المقرر أن تقام القمة الثلاثية الثامنة فى قبرص فى أكتوبر المقبل، ما لم يجر تعديل على ذلك بسبب انتشار فيروس كورونا.
وأنوه بأن التعاون الثلاثى فى المجالين السياسى والاقتصادى أدى بدوره إلى تعميق البعد الأمنى فى العلاقات، ما عزز أمن شرق المتوسط إلى حد كبير، فضلًا عن تنسيق الجهود على مستوى التحرك فى المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، ومبادرة الاتحاد من أجل المتوسط.
على جانب آخر، تعزز التعاون الاقتصادى بين البلدين، مؤخرًا، بعد تأسيس منتدى شرق المتوسط للغاز، الذى اجتذب اهتمام دول مثل فرنسا وأمريكا، وأتوقع ضخ الغاز القبرصى إلى مصر عبر خط أنابيب، تمهيدًا لإسالته وتصديره للأسواق الأوروبية فى عام ٢٠٢٥، كما هو مقرر، وهو ما يزيد من التعاون بين البلدين، خاصة أن اقتصاد مصر يعد من الاقتصادات القوية، وواحدًا من الاقتصادات القليلة الناجية من تداعيات فيروس كورونا المستجد، محققًا نسبة نمو ٢٪.
■ تأثرت دول كثيرة بتداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد.. فكيف تعاملت نيقوسيا مع ذلك؟
- اقتصاد الجزيرة تأثر كثيرًا، لأنه يعتمد بشكل كبير على السياحة، لكن قبرص واحدة من الدول الأوروبية التى نجت سريعًا من انتشار فيروس كورونا المستجد، ولذلك، قررت نيقوسيا فتح البلاد فى مايو، واستأنفت الرحلات الجوية منذ ٩ يونيو الماضى، وفتحت الشواطئ، مشترطة الالتزام بتدابير المحافظة على التباعد الاجتماعى، ووعدت بتحمل نفقات السائحين وعائلاتهم إذا أصيبوا بالفيروس على أراضيها، فى عملية جذب لاستعادة صناعة السياحة، فضلًا عن خططها لتغطية تكلفة الإقامة والمأكل والمشرب والأدوية للمسافرين الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس أثناء إقامتهم فى البلاد، بالإضافة إلى المسافرين الذين يرافقونهم وأفراد عائلاتهم.
وكان من أبرز قرارات الحكومة فى هذا الاتجاه هو تعهدها بتوفير مستشفى بسعة ١٠٠ سرير للسائحين، الذين تتأكد إصابتهم بالفيروس، مع التعهد بزيادة عدد المستشفيات إذا تطلب الأمر.
■ توليت منصبك نهاية العام الماضى.. كيف ترى الإقامة فى مصر؟
- مهمتى فى مصر هى ثانى مهامى فى منطقة الشرق الأوسط، لأننى كنت سفيرًا لقبرص فى لبنان لمدة ٥ سنوات، قبل أن أنتقل منها إلى مصر فى ديسمبر ٢٠١٩.
وأؤكد أننى أشعر هنا أننى فى وطنى الثانى، خاصة أن قبرص قريبة جدًا فى العادات والعقلية من مصر، ونحن نتشارك نفس الرؤى تجاه الحياة والتاريخ والمعتقدات، وحتى قوائم الأطعمة تكاد تكون متماثلة، فلدينا أكلات مثل البامية تماثل المصرية تمامًا، وننطق بنفس الطريقة، وكذلك البطيخ وغيرها، لذا فإننى لا أعانى مطلقًا فى التعامل مع المصريين. وأؤكد، كدبلوماسى خدم فى أكثر من دولة، أن مصر قريبة جدًا من قلبى وهى واحدة من أكثر الدول أمنًا فى المنطقة، لذا لم أتردد لحظة فى القبول بمهمتى التى أسعدتنى كثيرًا وإن كانت تمثل تحديًا كبيرًا لى، لأن مصر دولة كبرى، ومهمتى بها تتمثل فى تعزيز التعاون الذى يجمعها ببلدى قبرص، وتعميق العلاقات التى تجمع بين الشعبين والحكومتين حاليًا.