الأربعاء.. اليوم العالمى لمكافحة التصحر والجفاف
يحيي العالم بعد غد الأربعاء، اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، ويركز الاحتفال هذا العام 2020 على شعار "غذاء.. علف.. ألياف، والعلاقات بين الاستهلاك والأراضي"؛ ساعيًا إلى إحداث تغييرات في النظام الغذائي والسلوكيات مثل خفض فضلات الطعام، والشراء من الأسواق المحلية ومبادلة الملابس بدلًا من شراء ملابس جديدة دائمًا، يمكنها تحرير الأراضي لاستخدامات أخرى وخفض انبعاثات الكربون.
إن تغيير سلوك المستهلك والشركات، مع وجود تخطيط أكثر كفاءة وممارسات مستدامة، يمكن أن يضمن ما يكفي من الأراضي لتلبية الطلب على الغذاء والإمدادات، وتوفر النباتات والحيوانات معظم طعامنا وملابسنا وأحذيتنا، وهذا يعني أن الطعام والأعلاف (الحيوانات) والألياف (للملابس) كلها تتنافس على الأراضي الصالحة للزراعة، والطلب ينمو بسبب النمو السكاني وزيادة الطبقات المتوسطة العالمية، ويركز يوم التصحر والجفاف لعام 2020 على الروابط بين الإنتاج والاستهلاك والأرض.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بأن التصحر والجفاف من المشاكل ذات البعد العالمي حيث إنهما يؤثران على جميع مناطق العالم، وأن العمل المشترك من جانب المجتمع الدولي ضروري لمكافحة التصحر والجفاف وبخاصة في إفريقيا، وقد اعتمد يوم 17 يونيو للاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف "بموجب القرار 11549 الذي اُعتمد في ديسمبر 1994.
وأشار أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة، إلى أن صحة الجنس البشري مرهونة بصحة الكوكب، وكوكبنا اليوم صحته ليست على ما يرام، إذ يتضرر بفعل تدهور الأراضي نحو 3.2 مليار نسمة، وتحول بسبب النشاط البشري 70% من أراضي اليابسة.
وأضاف غوتيريش أنه بإمكاننا عكس مسار هذا الاتجاه وتوفير حلول لمجموعة كبيرة ومتنوعة من التحديات، من الهجرة القسرية والجوع إلى تغير المناخ، ففي منطقة الساحل الإفريقية، تتحول حاليًا أنماط الحياة وسبل العيش من السنغال إلى جيبوتي بفعل الجدار الأخضر العظيم، إذ يؤدي ترميم 100 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة إلى صون الأمن الغذائي واستمرار توافر ما يلبي نفقات الأسر المعيشية وخلق فرص عمل، وبفضل هذه الجهود يعود التنوع البيولوجي وتقل آثار تغير المناخ وتزداد قدرة المجتمعات المحلية على الصمود، ومجموع الفوائد التي يحققها ذلك يفوق التكاليف عشرة أضعاف.
ودعا غوتيريش إلى إبرام عقد جديد من أجل الطبيعة، فمن خلال العمل والتضامن الدوليين، يمكننا أن نوسع نطاق ترميم الأراضي وأن نتوسع في الحلول القائمة على الطبيعة لأغراض العمل المناخي ولمصلحة الأجيال المقبلة، وسيمكن ذلك من فعل ما يلزم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وعدم ترك أحد خلف الركب.
إن التصحر ظاهرة تصنف بين أكبر التحديات البيئية في عصرنا ولكن معظم الناس لم يسمعوا عنه أو لا يفهمونه، وعلى الرغم من أن التصحر يمكن أن يشمل تعدي الكثبان الرملية على الأرض، فإنه لا يشير إلى تقدم الصحاري، وبدلًا من ذلك، فإن السبب في تقدم الصحاري هو التدهور المستمر للنظم الإيكولوجية للأراضي الجافة بسبب الأنشطة البشرية بما في ذلك الزراعة غير المستدامة، والتعدين، والرعي الجائر، وقطع الأراضي بوضوح وتغير المناخ.
ويقع التصحر عندما تزال الأشجار والغطاء النباتي الذي يربط التربة، ويحدث ذلك عندما يتم تجريد الأشجار والشجيرات من الحطب والأخشاب أو لتطهير الأرض للزراعة؛ تأكل الحيوانات الأعشاب والتربة السطحية مع حوافرها الزراعة المكثفة حيث تستنزف العناصر الغذائية في التربة، وتؤدي تعرية الرياح والماء إلى تفاقم الضرر حيث تُحمل التربة السطحية ويترك وراءها مزيجًا من العقم والرمل، هذا هو مزيج من هذه العوامل التي تحول الأراضي المتدهورة إلى الصحراء.
إن التصحر قضية عالمية لها آثار خطيرة على التنوع البيولوجي والسلامة الإيكولوجية والقضاء على الفقر والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة على الصعيد العالمي، إن الأراضي الجافة هشة بالفعل وعندما تتدهور فإن التأثير على الناس والماشية والبيئة يمكن أن يكون مدمرًا، وقد يشرد نحو 50 مليون شخص خلال السنوات العشر القادمة نتيجة للتصحر، إن مسألة التصحر ليست جديدة فقد لعبت دورًا مهمًا في تاريخ البشرية وأسهمت في انهيار العديد من الإمبراطوريات الكبيرة وتشريد السكان المحليين.
ولكن اليوم، تقدر وتيرة تدهور الأراضي الصالحة للزراعة بمعدل يتراوح بين 30 و35 ضعف المعدل التاريخي، ويعتمد نحو ملياري شخص على النظم الإيكولوجية في مناطق الأراضي الجافة حيث يعيش 90% منهم في البلدان النامية، وهناك هبوط حاد في العديد من البلدان المتخلفة حيث يسبب الاكتظاظ السكاني ضغوطًا لاستغلال الأراضي الجافة في الزراعة، وتشهد هذه المناطق المنتجة بشكل هامشي فرطا في الرعي وتستنفد الأرض كما يتم سحب المياه الجوفية، وعندما تصبح الأراضي الريفية غير قادرة على دعم السكان المحليين تكون النتيجة هجرات جماعية إلى المناطق الحضرية، ومن المرجح أن تؤدي زيادة وتيرة وشدة حالات الجفاف الناجمة عن تغير المناخ المتوقع إلى زيادة تفاقم التصحر.
ويوجد هناك ما يشبه التنافس بين عمليات إنتاج الغذاء والأعلاف والألياف مع ظاهرة التوسع الحضري وصناعة الوقود، ونتيجة هذا التنافس هي تحويل الأرض إلى غايات لا تتوافق مع طبيعتها، فضلا عن تدهورها بمعدلات غير مستدامة، مما يضر بالإنتاج والنظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي.
وتسهم عمليات إنتاج الغذاء والأعلاف والألياف في تغير المناخ، حيث تتسبب الزراعة وغيرها من استخدامات الأراضي في ما يقرب من ربع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ويتسبب إنتاج الملابس والأحذية في 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم بنسبة 50 % تقريبًا بحلول عام 2030.
ومع التغيرات في سلوك المستهلك والشركات، واعتماد تخطيط أكثر كفاءة وممارسات مستدامة، يمكن أن يكون صون ما يكفي من الأراضي لتلبية الاحتياجات. فإذا اشترى كل مستهلك منتجات غير مرتبطة بتدهور الأرض، سيقلل الموردون تدفق هذه المنتجات، مما يرسل رسالة قوية إلى المنتجين وصانعي السياسات.
ويمكن أن تؤدي التغييرات في النظام الغذائي والسلوكيات، مثل خفض فضلات الطعام، والشراء من الأسواق المحلية ومبادلة الملابس بدلًا من شراء ملابس جديدة دائمًا، إلى تحرير الأرض لاستخدامات أخرى وخفض انبعاثات الكربون كذلك، ويمكن للتغيير الغذائي وحده أن يحرر ما بين 80 و240 مليون هكتار من الأراضي.
ويشير تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى تزايد الطلب. واشتدت المنافسة على الأراضي لأغراض الزراعة والتوسع الحضري والبنية التحتية. وشهد ما يقرب من 75% من جميع الأراضي تحولا عن حالتها الطبيعية، وتسارعت وتيرة التحول أكثر من أي وقت مضى.
وعلاوة على ذلك، فإن صحة الأراضي الحالية الصالحة للزراعة وإنتاجيتها آخذة في التراجع مع تفاقم حالتها بفعل تغير المناخ، ولقد شرعت بعض الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص في اتخاذ الإجراءات اللازمة، ولكن فرادي المستهلكين والمنتجين هم الذين يحملون مفتاح التغيير السريع.
ويتطلب ضمان توفير الغذاء والملبس لعشرة مليارات نسمة يشكلون سكان الأرض بحلول عام 2050 إحداث تغييرات فورية في أنماط الحياة، الأمر الذي يمكن أن يؤثر بدوره على الممارسات التجارية وسياساتها، ولذلك يسعى اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف إلى تسليط الضوء على مقدار ما يأكله الناس من طعام وما يرتدونه من ملابس مصنوعة من ألياف، وهي مواد تأتي جميعها من الأرض التي تساند جميع أشكال الحياة.
وتسهم النباتات والحيوانات في توفير معظم ما نحتاج إليه من غذاء وملبوسات وأحذية، وهذا يعني أن الغذاء والأعلاف (الحيوانية) والألياف (لإنتاج الملابس) تتنافس جميعها على الأراضي الصالحة للزراعة، ويتزايد الطلب بسبب النمو السكاني وزيادة الطبقات المتوسطة على الصعيد العالمي.