ادخلوها آمنين.. كيف قضى السيسى على الإرهاب وأعاد مصر بلدًا للأمن والأمان؟
«مصر لن تسقط أبدًا فى وجود جيشها، رغم كل المحاولات لتدميرها، والمصريون ليس أمامهم سوى خيارين: إما الاستسلام للإرهاب أو المواجهة والقضاء عليه».. عبارة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى تعبر بوضوح عن المبدأ الذى سار عليه فى التعامل مع قضية الإرهاب، واتفق مع كونه طوال حياته مقاتلًا فى صفوف القوات المسلحة.
وأسس الرئيس مبدأ مواجهة الإرهاب على فكرة أساسية، وهى اعتماده على المواجهة الفكرية والإعلامية والمجتمعية قبل المواجهة الأمنية، الأمر الذى يؤكد أننا أمام عقلية دارسة ومفكرة وواعية لكل جوانب الفكر المنحرف والمتشدد.
ولأنه يؤمن بأن الإرهاب «مثل السرطان.. الجسم ذاته يهاجم ذاته، وتهدف محصلته النهائية لإضعاف قدرة الدولة الوطنية، فتظهر القوى الصغيرة ووزنها النسبى يزيد مقارنة بالضعف والوهن الذى أصاب الدولة»، اتخذ العديد من الخطوات التنفيذية على أرض الواقع فى إطار مواجهة هذه الآفة العالمية، وهو ما نحاول استعراضه فى السطور التالية.
إنشاء المجلس القومى لمكافحة التطرف.. ووضع استراتيجية للمواجهة الفكرية والإعلامية والأمنية
أصدر الرئيس القرار الجمهورى رقم ٣٥٥ لسنة ٢٠١٧ بشأن إنشاء «المجلس القومى لمواجهة الإرهاب والتطرف»، الذى يهدف إلى «حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات الإرهاب ومعالجة آثاره»، ويضم فى تشكيله مسئولين حكوميين، وشخصيات عامة من مختلف المجالات السياسية والعسكرية والدينية والثقافية والفنية.
وتضمنت مهام المجلس إقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخليًا وخارجيًا، وإقرار سياسات وبرامج جميع أجهزة الدولة المعنية لمتابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية وفقًا لجداول زمنية محددة، والتنسيق مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الدينى الوسطى المعتدل، ونشر مفاهيم الدين الصحيح داخل المجتمع فى مواجهة خطاب التشدد بكل صوره.
وشملت وضع الخطط اللازمة لإتاحة فرص عمل فى مناطق التطرف، وإنشاء مناطق صناعية بها، ودراسة منح قروض ميسرة لمن يثبت من خلال المتابعة إقلاعه عن الفكر المتطرف، ومتابعة تطوير المناطق العشوائية، ومنح أولوية للمناطق التى يثبت انتشار التطرف فيها، بالتنسيق مع مؤسسات الدولة المختلفة، وكذلك دراسة أحكام التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب داخليًا وخارجيًا، واقتراح تعديل التشريعات القائمة لمواجهة أوجه القصور فى الإجراءات، وتذليل المعوقات القانونية وصولًا إلى العدالة الناجزة.
ومن ضمن مهام المجلس أيضًا الارتقاء بمنظومة التنسيق والتعاون بين كل الأجهزة الأمنية والسياسية ونظيرتها فى المجتمع العالمى خاصة دول الجوار والعمق الأمنى، والسعى لإنشاء كيان إقليمى خاص بين مصر والدول العربية يتولى التنسيق مع الأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتنسيق المواقف العربية تجاه قضايا الإرهاب من خلال تشريعات وآليات إعلامية موحدة لمواجهة التطرف والإرهاب، وإقرار الخطط اللازمة لتعريف المجتمع الدولى بحقيقة التنظيم الإرهابى ودور الدول والمنظمات الداعمة للإرهاب ضد الدولة المصرية، والعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الأجهزة والدول الداعمة للإرهاب ضد الدولة المصرية وتجاه القنوات المعادية التى تبث من خارج البلاد.
وكذلك تحديد محاور التطوير المطلوب تضمينها فى المناهج الدراسية بمختلف المراحل التعليمية بما يدعم مبدأ المواطنة وقبول الآخر ونبذ العنف والتطرف، ومتابعة تنفيذ إجراءات التحفظ على أموال الكيانات الإرهابية والإرهابيين، ورصد التحويلات المالية للعناصر والتنظيمات الإرهابية، ووضع الإجراءات اللازمة لتكثيف جهود الجهات المختصة تجفيفًا لمصادر تمويل التطرف والإرهاب.
القضاء على 1500 بؤرة سقوط 22 ألف تكفيرى وتراجع عدد العمليات
خرجت الشرطة المصرية من أحداث الفترة بين ٢٠١١ لـ٢٠١٤ «شبه مفككة»، بعدما حاولت جماعة «الإخوان» الإرهابية فرض سيطرتها على الجهاز، وإدخال عناصرها به، لتكون لهم اليد الطولى فى منظومة الأمن المصرية.
هذا المخطط أدركه الرئيس جيدًا بحكم خبراته الأمنية والاستراتيجية الكبيرة، لذا عمل على التصدى له، وأعاد تقويم الجهاز الشرطى وتدريبه وتجهيزه ليكون درعًا واقية للدولة من الجريمة والإرهاب، ومصدر حفظ الأمن الداخلى.
وفى هذا الإطار، وضعت وزارة الداخلية استراتيجية أمنية محددة الرؤى مكتملة الأهداف تستهدف تحقيق الأمن الجنائى وعودة الانضباط للشارع المصرى، لمواكبة ظهور أنماط جديدة ومختلفة من الجرائم، باعتبار ذلك فى مقدمة أولويات الأجندة الأمنية.
وكذلك المواجهة الحاسمة للجريمة الإرهابية عبر محورين أساسيين، الأول: الأمن الوقائى بتوجيه الضربات الاستباقية للتنظيمات الإرهابية وإجهاض مخططاتها، والثانى: سرعة ضبط العناصر عقب ارتكاب الأعمال الإرهابية اعتمادًا على أحدث الأساليب العلمية والتكنولوجية فى البحث والتحرى.
وبالفعل، وجهت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية العديد من الضربات الاستباقية للقضاء على البؤر الإرهابية، تمكنت خلالها من إفشال مخططات تلك الجماعات لنشر الفوضى، وذلك بالقضاء على ١٥٠٠ بؤرة إرهابية، وضبط ٢٢ ألف عنصر إرهابى وبحوزتهم كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة والعبوات الناسفة، إلى جانب رصد العديد من الكيانات والمؤسسات الاقتصادية الداعمة للتنظيمات الإرهابية، واتخاذ الإجراءات القانونية فى مواجهتها.
وأسهم ذلك فى تراجع الحوادث الإرهابية من ٤٨١ حادثة عام ٢٠١٤ إلى ٢٢ حادثة إرهابية عام ٢٠١٧، بمعدل انحسار ٨٥٪. وخلال ٢٠١٩ لم تشهد مصر سوى عمليتين إرهابيتين كبيرتين، هما تفجير معهد الأورام والتفجير الانتحارى الذى وقع فى منطقة الدرب الأحمر، خلال مطاردة أمنية.
وشهد عام ٢٠٢٠ القضاء على أخطر الإرهابيين المطلوبين هشام عشماوى، الذى تسلمته القاهرة من ليبيا فى نهاية مايو ٢٠١٩.
6 ضربات جوية ضد معاقل الإرهابيين فى درنة وسرت
إثر انعدام الاستقرار فى ليبيا على الدول المجاورة، وفى المقدمة جارتها العربية الأقرب مصر، وهو ما تجسد بصورة كبيرة فى تنفيذ تنظيم «داعش» الإرهابى جريمة إعدام ٢١ من الأقباط المصريين العاملين فى ليبيا، وإعلانه عنها يوم ١٥ فبراير ٢٠١٥، لم تنتظر الدولة المصرية سوى ساعات قليلة لتقرر الرد على هذه الجريمة، مؤكدة أن دماء أبنائها مصانة فى أى مكان، حيث شنت القوات الجوية المصرية ضربات على معاقل الإرهابيين فى مدينتى درنة وسرت، ما أدى لمقتل أكثر من ٦٠ قياديًا فى «داعش».
وأعلنت القوات المسلحة المصرية «توجيه ٦ ضربات جوية مركزة ضد معسكرات تدريب إرهابية فى مدينة درنة الليبية، ما أدى إلى تدمير المركز الرئيسى لمجلس شورى مجاهدى درنة، الذى يضم مؤسسات مصنفة إرهابيًا ضمن قوائم مجلس الأمن الدولى».
وأوضحت القوات المسلحة أن تلك الضربات استهدفت تجمعات متشددين تأكدت مشاركتهم فى تخطيط وتنفيذ الهجوم الإرهابى على أتوبيسات الأقباط بمحافظة المنيا، الذى أوقع ٢٨ شهيدًا و٢٥ مصابًا.
الخروج من «مؤشر الإرهاب العالمى» بفضل «خير أجناد الأرض»
فى ١٦ ديسمبر ٢٠١٩، نجحت مصر فى الخروج من «مؤشر الإرهاب العالمى»، وهو ترتيب سنوى للدول الأكثر تأثرًا بالإرهاب فى العالم، وجاءت به مصر فى المرتبة الـ١١ عام ٢٠١٨ والـ٩ فى ٢٠١٧.
وذكر تقرير صادر عن مركز «السلام والاقتصاد» العالمى للدراسات أن القاهرة شهدت فى ٢٠١٨ تقدمًا ملحوظًا فى مكافحة الإرهاب، طبقًا للمؤشر سالف الذكر، إذ خرجت من نطاق أكثر ١٠ دول متأثرة بالنشاط الإرهابى. وأرجع المؤشر انخفاض معدلات القتلى فى مصر جراء الحوادث الإرهابية إلى جهود الجيش المصرى فى مواجهة هذه الظاهرة، ونجاح الأجهزة الأمنية فى خفض الضحايا فى ٢٠١٨ بنسبة وصلت إلى ٩٠٪ مقارنة بعام ٢٠١٧.
وأشار التقرير إلى أن عدد العمليات الإرهابية انخفض خلال ٢٠١٩ بنسبة ٣٧٥.٥٪، وتهاوى من ١٦٩ عملية إرهابية إلى ٤٥ عملية فقط، نتيجة زيادة نشاط مكافحة التنظيمات الإرهابية فى سيناء، وتحديدًا ضد العناصر التكفيرية
تعديلات تشريعية جديدة: الإخطار بمستأجرى العقارات أو الحبس
فى مطلع فبراير ٢٠١٩، أصدر مجلس الوزراء تعديلات على بعض أحكام قانون مكافحة الإرهاب رقم ٩٤ لسنة ٢٠١٥. ونص القانون على أنه «دون الإخلال بحقوق غير حسنى النية، تقضى المحكمة فى كل حكم يصدر بالإدانة فى جريمة إرهابية، فضلًا عن العقوبة المقررة بالجريمة، بمصادرة العقارات والأموال والأمتعة والأسلحة والأدوات والمستندات، وغيرها مما استخدم فى ارتكاب الجريمة أو تحصل عنها».
ووضعت التعديلات آلية للإخطار عن تأجير العقارات، وأقرت عقوبات جنائية حيال المخالفين، منعًا لتأجيرها لإرهابيين، وذلك بالنص على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ٥ آلاف جنيه ولا تتجاوز ١٠ آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أجّر عقارًا أو وحدة دون إخطار قسم أو مركز الشرطة الكائن فى دائرته العقار، بصورة عقد الإيجار وصورة الرقم القومى للمستأجر المصرى أو إثبات الهوية للأجنبى، وذلك خلال ٧٢ ساعة من تاريخ شغل العقار، أو إبرام عقد الإيجار أيهما أقرب».
1.4 مليار دولار لتنمية سيناء وبسط السيطرة على أراضيها
منذ العام ٢٠١٥، بدأت الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسى تنفيذ خطة لتنمية سيناء، تتضمن تخليصها من الإرهاب بشكل نهائى، وإعادة إعمارها بالتزامن.
وانطلقت هذه الجهود بعملية «حق الشهيد ١»، وهى عملية عسكرية وأمنية قامت بها القوات المسلحة فى سيناء، لملاحقة العناصر الإرهابية والتكفيرية، فى صورة هجمات متتالية على الأوكار الإرهابية فى كل من مدن رفح والشيخ زويد والعريش.
وأصدرت القوات المسلحة المصرية بيانًا قالت فيه إنها «بدأت فجر الإثنين ٨ سبتمبر ٢٠١٥ عملية عسكرية شاملة باسم (حق الشهيد)، فى مناطق رفح والشيخ زويد والعريش بشمال سيناء، وانتهت المرحلة الرئيسية منها فى ٢٢ سبتمبر ٢٠١٥».
وتوالت نجاحات «حق الشهيد ١» بصورة واضحة للجميع، وصولًا إلى إطلاق العملية الثانية «حق الشهيد ٢»، بالتزامن مع إقرار ميزانية تبلغ ١.٤ مليار دولار، لتنمية ومكافحة الإرهاب بشبه الجزيرة المصرية.
وفى أبريل ٢٠١٧، أعلن المتحدث العسكرى باسم القوات المسلحة، العقيد تامر الرفاعى، فرض السيطرة الكاملة على «جبل الحلال» الاستراتيجى فى سيناء، وتطهير كهوفه ومغاراته، والقضاء على العديد من التكفيريين، وضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر.
كما أطلقت القوات المسلحة بتكليف من السيسى لرئيس الأركان الفريق محمد فريد، فى فبراير ٢٠١٨، العملية الشاملة «سيناء ٢٠١٨» على كل الاتجاهات الاستراتيجية.
وأعلن الجيش على إثرها عن أن أرض الفيروز أصبحت «أكثر أمنًا»، موضحًا أنه تم تنفيذ ١٣٤ مشروعًا من إجمالى ٢٩٠ مشروعًا مرصودة لتنمية شبه الجزيرة المصرية، والقضاء على الآلاف من التكفيريين، والقبض على آلاف آخرين، وتدمير أوكار ومخازن للأسلحة، وتدمير الآلاف من العبوات الناسفة.
«888».. وحدات مشتركة بين القوات المسلحة و«الداخلية»
بتكليف من الرئيس السيسى، شكلت وزارة الداخلية وحدات خاصة لمكافحة الإرهاب، تضم عناصر ذات قدرات تدريبية متميزة من القوات المسلحة والأمن المركزى، تحت مسمى «وحدة ٨٨٨ مكافحة إرهاب»، لتنفيذ عمليات قتالية مشتركة، وذلك بعد تنظيم دورات تدريبية بالاشتراك مع القوات المسلحة لـ٢٥ مجموعة قوامها ١٢٥ ضابط وفرد ومجند شرطة.
وفى السياق ذاته، أجرت وزارة الداخلية، خلال الأعوام الماضية، تحديثًا شاملًا للبنية الأساسية والمقومات اللوجستية والمادية، لتحقيق منظومة أمنية متكاملة ومتطورة، تواكب متطلبات المرحلة الراهنة.
وشمل التحديث إنشاء وتطوير ٣٠٠ منشأة شرطية، وتحديث المركبات والمدرعات الشرطية ودعمها بـ١٤٠٠٠ مركبة جديدة، و٣٠٠٠ مينى باص مدرع ومصفح، و١٠٠٠ سيارة نجدة، و٢٥٠٠ سيارة دورية أمنية فان وجيب و٣٠٠٠ بيك أب ودفع رباعى، و٣١٠٠ لورى ومينى باص، و٤٠٠٠ موتوسيكل خدمة شاقة، و٦٠٠ مقطورة وكاسحة أسهمت فى إحداث نقلة نوعية للتواجد الشرطى الفعال فى الشارع المصرى
تفكيك المصدر عبر تجديد الخطاب الدينى.. ومقاطعة قطر
تعد معركة «إرهاب العقول» إحدى أهم الساحات التى يحارب فيها الرئيس السيسى، متسلحًا فى ذلك بدعوته وخطواته العملية لتجديد الخطاب الدينى، ومواجهة الأكاذيب والشائعات ومحاولات بث فتيل التشكيك والإحباط والفرقة بين أركان الدولة والشعب.
واستهدف الرئيس من ذلك الحفاظ على وحدة المصريين، والتوافق والاتفاق بين فئات الشعب بجناحى الأمة المسلم والمسيحى، والاتحاد الحقيقى والانصهار الإنسانى الذى تتميز به مصر من قديم الأزل، حيث يؤمن الرئيس بأن تجديد الخطاب الدينى سيكون له فعل إيجابى ومؤثر فى خلق جيل واعٍ يؤمن بالواجب والحق معًا.
ولم تكن خطوات الرئيس لمحاربة الإرهاب والقضاء على منابعه تقتصر على الصعيد المحلى أو حتى الإقليمى، بل والدولى أيضًا، وهو ما ظهر فى دعم القاهرة للتحالف الدولى ضد «داعش» بقيادة الولايات المتحدة، ثم قطعها بجانب كل من السعودية والإمارات والبحرين، فى يونيو ٢٠١٧، العلاقات مع قطر لتمويلها الجماعات الإرهابية.
وتبع قرار قطع العلاقات إغلاق المجالين البحرى والجوى أمام الطائرات والبواخر القطرية، وذلك لأسباب عدة مرتبطة بمواقف وتصرفات الدوحة، من دعمها لجماعات متطرفة عدة مثل «الإخوان» و«الحوثيين»، مرورًا بــ«القاعدة» و«داعش»، إلى جانب تأييدها لإيران فى مواجهة دول الخليج، وعملها على زعزعة أمن الدول الأربع، وتحريض بعض المواطنين على حكوماتهم، كما فى البحرين.