الشهيد الحي.. لماذا فرج فودة؟ ولماذا الآن؟
لم يكن القاتل الذي اغتال الكاتب والمفكر الكبير فرج فودة يعلم أنه بما يفعله يمنحه شهادة حياة وليس شهادة وفاة.. كانت دماء فرج سببا في بقائه، فهو الكاتب الذي دفع ثمن أفكاره ومواقفه من دمه وحياته، وهو ما جعل الناس يلتفتون إلى أن هذه الأفكار حقيقية وصادقة ومؤثرة وإلا ما تعرض صاحبها للقتل.
لم يكن فرج فودة مفكرا نظريا، يتعاطى الكلام من أجل الكلام، بل كان من هؤلاء الذين يريدون تغيير العالم ويعملون من أجل ذلك.
لا يمكنني أن أجزم بما كان عليه فرج فودة في اللحظة التي وجد فيها الرصاص يخترق جسده في 8 يونيو 1992، لكنني أتخيله كان سعيدا بهذه النهاية التي كان يتوقعها، فقد أدرك في هذه اللحظة أن نهايته ستكون أطول من حياة قاتليه وهم كثيرون.
لو سألت أحدا ممن يكرهون فرج فودة، أو هؤلاء الذين يعتبرونه عدوا للإسلام، ماذا قرأتم له؟ لن تجد إجابة، فقد نجح كارهوه في أن يصنعوا منه شيطانا رجيما صدروه للناس ثم عادوا إلى فراشهم ليناموا وهم على يقين أنهم يتقربون إلى الله بما فعلوه.
فرج فودة كان ضحية الكراهية، الكراهية للعقل والمنطق والعلم والتفكير والرغبة في الحرية والعمل من أجل إسلام يصالح العصر ولا يخاصمه.
لا تشغلنا العقول التي علاها التراب، فمن الصعب أن يقبل أصحابها نفض التراب عنها، تشغلنا الأجيال الجديدة التي نخاف على عقولها من الاستغلال والاحتلال والتزييف والتزوير.
إلى هؤلاء نقدم ما كتبه فرج فودة في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مستقبل العقل في هذا البلد.