عكاشة: السودان الجديد يسير على الطريق الصحيح في أزمة «سد النهضة»
قال الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن السودان الجديد يسير على الطريق الصحيح في أزمة سد "النهضة".
وأوضح العميد خالد عكاشة- في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الأربعاء- أن الخطوة السودانية المتمثلة في إرسال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك رسالة رفض إلى نظيره الإثيوبي آبي أحمد ردًا على مقترح الأخير بشأن اتفاق جزئي للملء الأول لسد النهضة تعيد المسار إلى طريقه الرصين الذي يغلب منطق التعاون والتفاوض بديلًا عن آلية "فرض الأمر الواقع"، والمراوغة التي تنتهجها إثيوبيا للعودة بالأزمة للنقطة صفر.
ونبه بأن إثيوبيا استغلت جائحة كورونا وانشغال العالم بها لنقض كل الاتفاقات، ووفق النقطة صفر أعلنت عبر آلياتها "الشعبوية"- التي تنتهجها منذ البداية على لسان "رومان جبريسيلاسي"، مديرة مكتب المجلس الوطني لتنسيق المشاركة العامة في بناء سد النهضة الإثيوبي- أن ما أسمته الموقف الخاطئ لبعض البلدان أعاد للإثيوبيين الرغبة والإرادة لتنشيط دعم السد، متهمة الولايات المتحدة ومصر والسودان بتجاهل سيادة إثيوبيا، بحسب زعمها، دون أن تعي مفهوم السيادة على الوجه الصحيح، والذي لا تناقض نصوص القانون الدولي، ولا الحقوق المشروعة لدول الجوار.
وأكد عكاشة أن خطوة رئيس الوزراء السوداني تمثل تحولًا فارقًا يتجاوب مع الكثير من هواجس الداخل السوداني والمصري تجاه الموقف الإثيوبي في تعامله الأحادي مع ملف سد النهضة والمضي قدمًا نحو الملء الأول دون اتفاق مع الشركاء في الخرطوم والقاهرة الأمر الذي يمثل تهديدًا كبيرًا لمصالح كل منهما، فضلًا عن الأخطار المتعلقة باشتراطات أمان السد التي ظل الجانب الإثيوبي يتجاهلها ويناور في متطلبات استيفائها قبل عملية الملء التي تعلن عنها أديس أبابا يوميًا على ألسنة مسئوليها وكل من له ارتباط بمشروع السد، في ضغط وحشد إعلامي ممنهج يستهدف الداخل الإثيوبي في الأساس، بغرض ترميم الشروخ العميقة التي تضرب العملية السياسية في أديس أبابا منذ سنوات، والدفع بتلك الخلافات والصراعات الإثنية المستحكمة خلف حوائط "سد النهضة".
وأضاف أن إثيوبيا تسعى من وراء ذلك أيضًا إلى تصدير المشكلات إلى كل من القاهرة والخرطوم، وفق نظريات إثيوبية معيبة وبالية تعتبر أن مصر والسودان مختلفان ومأزومان سويًا أو كلًا منهما على حده، يحقق مصالح مؤكدة لأديس أبابا التي تظل أسيرة التوجس والخوف من محيطها الجغرافي، بالقدر الذي يجعلها قد تضحي بأمن وسلامة الإقليم برمته، تحت وطأة هذه القناعات المختلة التي لم تقف عند حد السودان ومصر، ولا حول أمن المياه الوجودي، فجوارها الجغرافي على حدودها المختلفة معبأ بخلافات ونزاعات واحتقانات تاريخية بأكثر مما تسمح المساحة بتناولها، لكن مطالعتها فقط تؤكد القناعات الإثيوبية الراسخة لديها حتى الآن.
وشدد مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية على أن السودان الجديد يصحح الآن الكثير من مثالب النظام السابق، الذي ظل يغرد على نحو متناقض مع المصالح القومية السودانية قبل المصرية ودوائر جواره الأهم، وينظر اليوم إلى المستقبل بعيون مفتوحة على مصالح السودانيين وعلى أمن إقليمي مستقر، يعيش ويتشارك فيه السودان مع دول شقيقة تجمعها به مصير مشترك بحقائق التاريخ والجغرافيا.
ورأى العميد خالد عكاشة أن هذا السودان الجديد الذي تمثل كذلك في مطالبة "المجموعة المدنية المناهضة لمخاطر سد النهضة"، الحكومة السودانية بمكاشفة الشعب السوداني بحقيقة مخاطر السد على السودان، والتي جاء خطاب السيد حمدوك متجاوبًا معها، يقف بقدميه على أرض صلبة، ويسير على خطى تأمين والحفاظ على مصالح السودانيين الوطنية، هو ما تجده القاهرة بالتبعية يصب في مسار المصالح المصرية، مضيفًا أن تلك الأخيرة تعضد هي الأخرى مصالح السودان القوي الذي سيشكل قريبًا دون شك، رقمًا إيجابيًا في استقرار الإقليم.