كيف تحرك الليبيون والعالم بعد إسقاط الجيش لاتفاق الصخيرات المشبوه؟
أعلن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، أمس الثلاثاء، إسقاطه اتفاق الصخيرات السياسي الموقع عام 2015، وقبوله تفويض الشعب بتولي القوات المسلحة إدارة شئون البلاد.
جاء قرار المشير حفتر بإسقاط الاتفاق السياسي، بعد طلب حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج من تركيا التدخل عسكريا في ليبيا الأمر الذي دمر البلاد بسبب جلبها أكثر من 10 آلاف من المرتزقة والإرهابيين، دون تحرك دولي فاعل لوقف هذا الأمر رغم مبادرات الجيش ومجلس النواب السياسية لإنهاء الأزمة.
وردًا على ردود الفعل الدولية الرافضة لبيان الجيش بإسقاط الاتفاق السياسي المشبوه الذي فرض على الليبيين، أكد المتحدث باسم الجيش الليبي أحمد المسماري، اليوم، أن الجيش أعطى الفرصة للمجتمع الدولي ولم ينه الأزمة المستمرة منذ سنوات.
وشدد المتحدث باسم الجيش على أنهم لن يطلبوا من العالم الإذن لتحرير ليبيا من الغزو التركي، مشيرًا إلى أن الأيام المقبلة ستشهد خطوات عملية ستتخذها القيادة العامة للجيش لإنهاء الأزمة.
وجاء بيان الجيش اليوم، ليؤكد تمسكه بإنهاء اتفاق الصخيرات السياسي الذي أتى بحكومة الوفاق التي خانت ليبيا وجلبت الغزو التركي والمرتزقة والإرهابيين لقتل المواطنين وتشريدهم، كما أن قرار الجيش بإسقاط الاتفاق ليس جديد فسبق أن ألغى البرلمان الشرعي برئاسة عقيلة صالح مصادقته على الاتفاق السياسي يناير الماضي بعد طلب السراج من تركيا التدخل عسكريا.
البرلمان يدرس إعلان الجيش
سبق أن طرح رئيس مجلس النواب عقيلة صالح منذ أيام مبادرة سياسية لإنهاء الأزمة تتضمن تشكيل رئاسي من جديد وحل حكومة الوفاق القائمة، إلا أن الوفاق والميلشيات التابعة لها لم تستجب للمبادرة وأصرت على موقفها محتمية في العدوان التركي ومرتزقته، ليخرج بعدها المشير حفتر ويطلق رصاصة الرحمة على اتفاق الصخيرات الذي تستند له الوفاق التي لم تحصل على ثقة البرلمان من الأساسي.
وفي تصريحات له اليوم، قال رئيس مجلس النواب، إن قبول الجيش التفويض الشعبي لإدارة البلاد عملية يجب ان تُدرس جيدًا، مؤكدا أنه لابد من معرفة كيف يتم التوافق على آلية جديدة، وكيف تتم هذه العملية من خلال القاعدة الدستورية، بجانب دراسة فكرة قيام القوات المسلحة بعمل الدولة خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن البرلمان سيدعم خلال الفترة المقبلة إعلان الجيش ليمنحه الشرعية الكاملة بعد تفويض الشعب الليبي له.
وفي هذا الإطار كشفت مصادر ليبية عن لقاء عقد اليوم ضم حفتر وصالح ورئيس أركان الجيش وعددًا من قادة القوات المسلحة في مقر قيادة الجيش ببنغازي لبحث الخطوات المقبلة والرد على أي تشكيك دولي في خطوة الجيش اللازمة من أجل طرد القوات التركية والميلشيات الإرهابية من العاصمة.
الدعم البرلماني والشعبي يقوي الجيش
قبل إعلان المشير حفتر بأيام خرجت جموعًا حاشدة من المواطنين وزعماء وشيوخ القبائل في مسيرات طالبت الجيش بالتدخل وإنقاذ البلاد من فساد وعمالة حكومة الوفاق التي سرقت المصرف المركزي وجلبت التدخل التركي للبلاد.
وأصدرت معظم القبائل والبلديات الليبية بيانات دعم وتأييد تطالب الجيش بالتدخل، ليصدر المشير حفتر بيانه الشهير بإسقاط الاتفاق السياسي المشبوه كما وصفه الذي جر ويلات الحروب والخراب على ليبيا.
وفي ظل هذا الدعم الشعبي لن تستطيع القوى الكبرى والمنظمات الدولية تخطي إرادة الليبين وفرض عقوبات على الجيش وقيادته، فالشعب الليبي يقصف من المرتزقة وتركيا دون أن يوقف المجتمع الدولي هذا الأمر.
ومع اتساع قاعدة التأييد الشعبي سيتجه الجيش بكل قوته إلى المناطق البسيطة في طرابلس التي تتجاوز 5 % من مساحة ليبيا لتحريرها من الإرهاب وتركيا ومرتزقتها حيث تتخذها قاعدة لهتا في الهجوم على ليبيا.
الوفاق تستمر في العمالة وطلب الدعم التركي:
كعادتها وخوفا من توجه قوات الجيش نحو معقلها في طرابلس، طلبت حكومة الوفاق، أمس من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإرسال الإمدادات العسكرية من قوات برية وبحرية وجوية على الفور.
وكشف عن هذا الأمر تصريحات الممثل الخاص للشؤون الليبية في تركيا أمر الله إيشلر، مؤكدا أن الوفاق طلبت من تركيا رسميًا مساعدات عسكرية جديدة مشيرا إلى أنه لا يمكن لتركيا أن تبقى غير مبالية أمام مطلب الوفاق، وأن تركيا "ستعطيهم ردًا إيجابيًا".
الموقف الدولي
ردا على بيان الجيش دعت العديد من الدول والقوى الكبرى للعودة إلى طاولة الحوار، من بينهم فرنسا، حيث طالبت وزارة الخارجية اليوم بالعودة إلى طاولة الحوار مؤكدة أن الحل السياسي الشامل هو المخرج لهذه الأزمة.
واقترب الموقف الروسي من باريس، حيث دعت وزارة الخارجية الروسية، اليوم، جميع أطراف النزاع في ليبيا إلى وقف الأعمال العدائية فورا واستئناف الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة، ووفقا لمقررات مؤتمر برلين الدولي، على النحو المبين في قرار مجلس الأمن 2510".
فيما اُعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن أسفها لاقتراح المشير حفتر لكنها رحبت في الوقت ذاته بأي فرصة لإشراك حفتر وجميع الأطراف في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد، داعية لوقف إطلاق النار.
على جانب آخر اتخذت بعض الدول موقفا حادا من بيان الجيش ودون أن تنتقد التدخل الأجنبي التركي ومرتزقته في ليبيا، مثل إيطاليا، حيث جددت اليوم دعمها الكامل لحكومة الوفاق، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، مع الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين المنعقد يناير الماضي.
إلا أن الموقف الدولي ما زال غير واضحا وليس ضد الجيش كلية، فهو يعترف ويقر بأهميته في دحر الإرهاب، كما أن المجتمع الدولي لم ينجح في ردع تركيا ووقف تدفق المرتزقة إلى ليبيا لذا لن يقدر على معارضة الجيش في ظل الدعم الشعبي الذي يحظى به، بعد أن تيقن الليبيون عدم دعم القوى الدولية لهم في وقف العدوان التركي.