التاريخ لن يرحم الجبناء
«أن تكون مصر»، فذلك هو الخيار الوحيد أمام المصريين، إذ تنعدم أمام التحديات رفاهية الخيار بين جزئى مقولة شكسبير الشهيرة «نكون أو لا نكون.. تلك هى المشكلة»، لأنه فى حالتنا، فإن المشكلة هى أن «لا تكون مصر» ذات الحضارة الموغلة فى أعماق التاريخ، والمواجهات العظام مع غزاة من كل صنف ولون، ومن كل أصقاع الدنيا، وقد انكسروا جميعاً على صخرة الإرادة المصرية، فإذا جاءنا اليوم عدو من بين ظهرانينا، ضعفنا وتخاذلنا، ووقعنا تحت سطوة إرهابه الأعمى؟!.. ذلك لا ينبغى أن يكون.
الأمانة معلقة فى أعناق قادة مصر الآن، وهم أهل للمسئولية وعلى قدر التحدى والخلاص من كل ما يهدد أمن مصر وسلامة أراضيها، الخلاص من كل من يروع الآمنين فيها، وكل من تهفو نفسه إلى إصابتها بالشلل، لعلها ــ فى وهمهم ــ تسقط غنيمة لهم.
الآن.. نفد رصيد الإخوان، ولم يتبق لهم فى النفس رجعة، من إخوة فى الدين، خالفوا هم تعاليمه، ولا الوطن، أو حتى الإنسانية، وفى ذلكم بلاء علينا عظيم، لا ينبغى أن نهُن أو نضعف أمامه، وإلا ضاعت مصر كلها، وهى لن تضيع، بوعد من الله أكيد.. فماذا عسانا أن نفعل، وكل يوم يسقط شهداؤنا، فرادى وجماعات، تختلط دماؤهم بتراب الوطن الزكى، لتسألنا أرواحهم: ماذا نحن فاعلون قصاصاً لهم؟!.
اليوم، نحن ــ مصر ــ فى ساحة الوغى، إما أن ننتصر، وإما لا شىء آخر.. لا خيار إطلاقاً غير هذا الانتصار للإرادة المصرية التى لا بد أن تفرض نفسها على أرض الواقع، دون الموافقة على ما يتسرب هنا أو هناك، بقصد أكيد عن حوارات أو تفاهمات ومحاولة الوصول إلى توافقات.. وهذا ما لا ينبغى النظر إليه باستهانة أو استخفاف، على طريقة «دعهم يعملون، دعهم يمرون»، إذ إن تلك التسريبات توحى للسابلة والغوغاء من أتباع الإخوان بأنهم قوة معتبرة توازى حجم الوطن، وأن للميزان كفتين لا بد أن تتعادلا، وهذا ما يجعلهم يعيشون على الأمل بأن عقارب الساعة من الممكن أن تعود للوراء ما داموا يضغطون فى الشارع، وما داموا يترجمون حقدهم الأسود إلى تفجيرات وقتلاً وعربدة فى الشارع دونما رادع باتر، وهذا ما يمنحهم القوة للاجتراء على البلاد والعباد.. ولنا فيما حدث مؤخراً على أرض سيناء وبور سعيد والإسماعيلية والمعادى بالقاهرة، شاهدا ودليلا على ذلك.
نحن ــ يا سادة ــ فى حالة طوارئ، وإعلان الطوارئ لا يتأتى إلا فى ظروف الحرب أو الكوارث أو تهديد سلامة الوطن، فاختاروا ما شئتم من توصيف لما يحدث فى مصر الآن، وتحسسسوا أخطارها وفواجعها المستقبلية إذا لم يكن قد داخلنا بعد حجم المأساة التى يعيشها الوطن جراء تصرفات طغمة باغية تعتدى فى كل لحظة على أمن الوطن واستقراره.. نحن مطالبون بالتصدى لمن يعتدى علينا، حتى ولو كان ــ ظاهرياً ــ من بنى جلدتنا، لأن من هان عليه الوطن، هان علينا جميعاً.
وعليه.. لا بد من استنفار عام، يطالب الحكومة بالتخلى عن قبضتها الحريرية إلى قبضتها الحديدية، للإمساك بزمام البلاد، وإلا فإن الله سيسألها عن تقصيرها فى المواجهة بحسم، قبل أن يسجل التاريخ عليها تهاونها وضعفها.. على الحكومة ألا تهتم بتلك الدعاوى المغرضة من أن منظمات حقوق الإنسان العالمية سترصد عليها تصرفاتها حيال المواجهة المصيرية لإنقاذ الوطن، لأنه لا دولة فى العالم من حقها أن تفرط فى حق البلاد والعباد تحت دعاوى حقوق الإنسان، لأن حقوق المجموع أهم من حقوق الأفراد، فما بالنا وهؤلاء الأفراد هم المعتدون على حرمات الوطن؟!.
إن الخطر الذى يتربص ببلادنا فى الداخل وراءه أطراف خارجية، فى تركيا وقطر ولاهور وغزة، وعلينا أن ننتهج الحسم سبيلاً لمواجهة هذه الاعتداءات غير المباشرة على قدر مصر، ولنبدأ بغزة التى راعينا فيها رابطة العروبة والإنسانية، وحماسها لم تراع فينا ضميراً ولا نخوة، وهى منطقة التخوم التى يأتينا منها الخطر ليل نهار، ليعرف الجميع أن لمصر قوة تستعصى على أى كائد، مهما عظُم شأنه.. والتاريخ لن يرحم الجبناء!.
■ رئيس تحرير بوابة الجمهورية أونلاين
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.