القصبجى
حسن الإمام، المخرج الكبير، كان بـ يسأل مرة عن رياض القصبجى.
رياض كان جاله شلل نصفى، خلاه مش قادر يتحرك، مش بس يمثل، قالوا لـ حسن الإمام إنه بقى أحسن، وبقى قادر يمشى ويتحرك عادى، فـ قرر يدى له دور فى فيلم عبدالحليم حافظ الجديد، اللى داخل يصوره، اللى هو فيلم «الخطايا».
بعت الإمام لـ رياض، اللى ما كانش وقتها كمل الستين، واللى لسه كان من تلات أربع سنين بـ ياخد مكانته كـ نجم محبوب، بس المرض هده.
فرح القصبجى، اتحامل على نفسه، استجمع كل قوته، وراح البلاتوه، بس ما كانش يقدر يمشى لـ وحده، فـ خد معاه حد قريبه يتسند عليه، لما يحب يتحرك.
الصورة اللى قالوها لـ الإمام ما كانتش صحيحة، الراجل بـ يتحرك بـ صعوبة شديدة، وبـ مساعدة، ومش ممكن يقدر يقف قدام كاميرا، كل اللى فى اللوكيشن ادركوا دا من أول لحظة، والإمام جرى ع القصبجى، طبطب عليه، وقال له إنه بس كان عايز يطمن عليه، ويخليه يشوف البلاتوه، وإنه كدا أحسن كتير، وهـ يمشى قريب، وهـ ياخد أدوار رئيسية فى كل الأفلام اللى جاية.
القصبجى فهم، وطب ساكت، مغمى عليه، ما حصلش إن الإمام أو غيره إدى أى أدوار لـ القصبجى لـ إنه بعدها بـ شهور اتوفى.
رياض القصبجى لو كنت لسه ما عرفتوش هو الشاويش عطية، أظن كدا كفاية أوى لـ التعريف بيه، الممثل اللى عمل دويتو خالد مع إسماعيل يس، فى أفلامه العسكرية وغيرها.
القصبجى مواليد إسكندرية، وكان ساكن قريب من بيت ريا وسكينة الشهير، ويقال إنه شاف حسب الله، اللى أدى دوره بعد كدا فى فيلم «ريا وسكينة» بتاع صلاح أبوسيف ١٩٥٢.
اشتغل القصبجى فى السكة الحديد، طبعًا هو ما اتعلمش، هو مواليد ١٩٠٣، ومن بيئة متواضعة، فـ ما كانش عنده الفرصة لكنه غوى التمثيل، دى بـ تبقى حاجة فى الدم أصلك، والتمثيل فى مصر كان انتشر إلى حد ما، وبقى فيه اهتمام بيه فى حتت كتير.
هيئة السكة الحديد عملت فرقة تمثيل من الهواة، فـ انضم لها القصبجى، وساعده تكوينه الجسمانى، وملامح وشه، إن يترشح لـ أدوار مختلفة خصوصًا الكوميدية، فـ بدأت الفرق المسرحية تشركه معاها فى أدوار، اشتغل الأول مع فرقة هواة، اسمها فرقة أحمد الشامى، من غير أى فلوس خالص.
بعدين عزيز عيد ضمه لـ فرقته، ولما بانت بـ وضوح قدراته الكوميدية، خده على الكسار أيام ما كان عنده فرقة، قبل ما يستقر مع فرقة إسماعيل ياسين.
بدأ القصبجى سيما من بدرى شوية، ١٩٣٦، وفضل أكتر من عشرين سنة فى أدوار ثانوية، لـ حد ما كانت انطلاقته فى الخمسينات، مع إسماعيل ياسين، ونقدر نقول إن فطين عبدالوهاب كان السبب الأساسى فى إننا نحفظ وش وإيفيهات أبو فايق وفتحى «ولاده اللى خلفهم من زيجتين»، خصوصًا لما عمل دور الشاويش عطية فى سلسلة أفلام إسماعيل ياسين، شغلتك ع المدفع بررروم.
بـ المناسبة، هى ما كانتش بررروم، كانت مكتوبة فـ السكريبت تيك تيك، بس القصبجى كان شخص عصبى فى اللوكيشن، أى حد من العمال كان يرغى كتير، كان القصبجى يقعد يقول له: هو إنت إيه برررروم بررروم على طول؟.
مرة فطين شافه، لما جم ينفذوا المشهد، ما عجبتوش تيك تيك، فـ قال له: ما تيجى نجرب بررروم بتاعتك، فـ طلعت زى ما شفناها.
بس حضرتك عارف الناس دول، اللى لما تضحك تقول: خير اللهم اجعله خير، لـ إنها بـ تبقى عارفة إن المصيبة جاية جاية؟.
أهو دا رياض القصبجى، يدوب اسمه لمع، وجاله المرض اللى قلنا عليه، وما بقاش قادر يدفع مصاريف العلاج، بعد ما صرف كل اللى حيلته فى أوائل مرحلة المرض، وما بقاش قادر يمثل، ولما فقد القدرة على التمثيل، فقد معاها الرغبة فى الحياة، ومات وهو عنده ستين سنة.
ربنا يرحمه
ويرحم الجميع.