أمريكا.. تذوق وبال أمرها
هل ذاقت أمريكا، لمرة جديدة، وبال أمرها، وتجرعت كأس الإرهاب من جديد، بعد أن أرادت أن تصدر للعرب والمسلمين أمراضهم الفكرية والدينية والحضارية، وانتظرت بعيداً ترقب النتائج والمعارك فى الشرق الأوسط، ومن قبلها فىالعالم الإسلامى؟
اليوم، تقف واشنطن مشدوهة أمام إطلاق النار على مبنى البحرية الأمريكية، ومقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات، فيما يعد انعكاساً للدعم الأمريكىللإرهاب فى مصر والشرق الأوسط، ومساندتها للمسلحين الإرهابيين للتجرؤ على أرض الكنانة ومحاولة إدخالها فى فوضى لا تستطيع معها أن ترى كف يدك، وهو ما يستدعىمراجعة الولايات المتحدة الأمريكية لدورها فىمساندة الميليشيات الإرهابية والمسلحين، تحت مسمى «ممارسة الديمقراطية».. وعلى الإدارة الأمريكية أن تسأل نفسها: هل التزمت بضبط النفس فىمواجهة الحادثة الإرهابية، واحترمت حقوق الإنسان مع مرتكبىالحادث، كما طلبت ذلك من قبل من الإدارة المصرية؟.. أم أنها ستقف اليوم مدافعة عن موقفها من إعلانها حالة الطوارئ بحثاً عن الجناة، وستضطر إلى إلقاء القبض على كل مشتبه به، للوصول إلى حقيقة ما جرى، حتى ولو تخلت عن كل مبادئ حقوق الإنسان التىتدعيها؟!.. تلك التىتخلى عنها من قبل، صراحة وعلانية، رئيس وزراء بريطانيا.
فعندما تعرضت بريطانيا لأعمال شغب وحرق وتخريب عام 2011، واتخذت السلطات البريطانية إجراءات صارمة، وشنت حملة اعتقالات واسعة، ووصل الأمر حد إعطاء الأمر لرجال الأمن بإطلاق الرصاص.. عندما حدث هذا واعتبر البعض أن فى ذلك تهديداً للحريات وانتهاكاً لحقوق الإنسان، أطلق رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون مقولته الشهيرة «عندما يتعلق الأمر بالأمن القومى، لا أحد يحدثنىعن حقوق الانسان».. وأضاف «إن حججاً مزيفة تتعلق بحقوق الإنسان لن تمنع الشرطة من توقيف المشتبه بهم، ولن نسمح بانتشار ثقافة الخوف فىشوارعنا».. الله يفتح عليك يا كاميرون.. الأوطان أهم من الأبدان إذا فرغت من العقول التىتفصل بين الحق والباطل، حينئذ تكون النار أولى بها.
نعود إلى أمريكا.. فمما لا شك فيه، أن نهاية الحرب الباردة قد غيرت الكثير من الأوضاع، وأصبح معروفاً فى دوائر الغرب، والولايات المتحدة بوجه خاص، أن العالم مقبل على حياة أفضل، ومهيأ لقدر من التعايش والعدالة بين أجناسه وشعوبه وأممه بمختلف أشكالها ونماذجها؛ إلا أن الولايات المتحدة اتجهت لفرض خياراتها على مجموعة من حلفائها الأوربيين، فضلاً عن دول العالم الثالث، وهذا يعنى أن الولايات المتحدة التىأصبحت بعد سقوط الاتحاد السوفيتىالدولة الأقوى فىالعالم، صارت تخلق أسباباً تخولها ملاحقة كل أشكال الطموح والتميز فى العالم، والذى قد يسبب يوماً ما مزاحمة للإدارة الأمريكية، ولم يكن مفاجئاً أن تخرج الولايات المتحدة أكثر من مرة عن الخارطة الدولية فىالأمم المتحدة؛ لتتبنى قرارات أحادية الجانب، أو تعترض على إجماع دولى، مثلما حاولت أن تفعل مع سوريا مؤخراً.. وكانت وسيلتها لخلق الأسباب، هى دفعها للتنظيمات الإرهابية نحو المنطقة العربية، لتوفر هذه البيئة القابلة للتدخل، مثلما تم فىالعراق.. ولكن!..
أمريكا تشرب الآن من نفس الكأس.. صحيح أننا نتعاطف مع الأبرياء، الذين أُزهِقت أرواحهم دون جريرة، اللهم إلا غباء قياداتهم، وهنا، على الشعب الأمريكى أن يسأل ساكنىالبيت الأبيض: أولادنا.. بأى ذنب قُتِلوا؟
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.