روح الفؤاد
لو قسمنا مصر لـ عاصمة وأقاليم، إسكندرية هـ تبقى فى النص، يعنى هى مش أقاليم، مش زى طنطا ودمنهور وكفر الزيات ومنوف وكدا، لكنها فى نفس الوقت مش زى القاهرة، من حيث الأضواء والخدمات والتغطية الإعلامية، دا اللى بـ يخلى إسكندرية حالة خاصة.
بـ النسبة لـ الأغانى، الحالة الخاصة دى معناها إن فيه فنانين سكندريين كتير، كان حظهم أحسن كتير من حظ فنانين الأقاليم، اللى محدش سمع عنهم من الأساس، ولا حتى المهتمين، على أساس إن مطربى إسكندرية غنوا فى إذاعة الإسكندرية (آه والله) لكنهم فى نفس ذات النفس، مخدوش شهرة واسعة زى الناس اللى ظهرت فى القاهرة، أو قدرت توصل لـ الإذاعة فى مصر.
من المطربين السكندريين دول الست روح الفؤاد، اللى اتشهرت لها غنوة «سوق بينا يا أسطى على الكورنيش» الشهيرة برضه بـ اسم «دنجا دنجا»:
سوق بينا يا أسطى على الكورنيش
ناكل درة ونشرب مانجا
وواحدة واحدة إن شا الله تعيش
مشى الحلوين دنجا دنجا
ولـ حد سنتين تلاتة فاتوا، روح الفؤاد كانت حية ترزق، وعلى حد علمى، هى لسه موجودة، ربنا يطول فى عمرها.
روح الفؤاد دا مش اسمها طبعا، بس اسمها قريب من دا، هى روحية منصور، وكان ليها أخت اسمها بدرية، والاتنين بدأوا حياتهم سوا، عملوا دويتو سموه بنات منصور، على غرار بنات مازن اللى ظهروا فى الصعيد.
وكان ليهم صيت جامد، بس بنات منصور ما اشتهروش أوى، خصوصا بعد تقاعد بدرية، وروحية هى اللى كملت بـ اسم روح الفؤاد.
روح اتجوزت الأول حفنى أحمد حسن، واحد من المطربين المفضلين بـ النسبة لى، حفنى اشتهر جدا فى الخمسينيات والستينيات، لـ إن الدولة كانت مهتمة جدًا بيه، وكانت أغانيه بـ تتذاع فى الإذاعة، وتقدر تعتبره عبدالحليم بتاع الصعيد، اللى هو عبدالحليم يغنى صورة، وكلنا كده حوالين ناصر، فـ حفنى يغنى: «الريس وحده يعمل عليه»، فـ كان حفنى صوت «الثورة» الجنوبى، فضلًا عن الموال الشهير «شفيقة ومتولى» اللى كتبت عنه أكتر من مرة.
جوازة حفنى وروح نتج عنها شاب واحد اسمه عصام، وعصام، بـ حسب القريبين من روح الفؤاد كان مشروع مطرب كبير، بس توفى وهو صغير، قبل ما يسجل أى حاجة.
بعد حفنى، اتجوزت روح الفؤاد من شاعر اسمه أمين قاعود، هو اللى كاتب لها سوق بينا يا أسطى على الكورنيش، وعلى حد علمى برضه ما زال حيًا يرزق، وكان خيرى شلبى، الله يرحمه، من أشد المتحمسين لـ شعر قاعود، بس فين بقى الدولة اللى تهتم وتحاول تلم التراث دا، شوف كام حاجة قلناها ما عادش ليها وجود.
اللى لفت انتباهى بقى وأنا بـ أدور ورا روح الفؤاد إنها مغنية من ألحان بليغ حمدى، دا يبدو لـ الوهلة الأولى إعادة إنتاج لـ أغانى قديمة، زى بـ الظبط ما سجلت بـ صوتها من ألحان الموجى: «أنا قلبى ليك ميال» و«التمر حنة» اللى غنتهم فايزة أحمد، وغنتهم روعة، بس حالة بلبل مش كدا ألحان بليغ حمدى عملها مخصوص لـ روح الفؤاد.
الحكاية جت من إن روح كانت فى فرقة فيفى عبده، بـ تغنى، لفت معاها العالم، وسجلت سيديهات فى أوروبا،
فـ لما فيفى مثلت فيلم «نور العيون» اللى كان عرضه الأول ١٧ أبريل ١٩٩١ اتفقوا مع بليغ يعمل أغانى لـ روح الفؤاد، والأغانى كلمات عبدالرحيم منصور.
فى مصر، وبعيدًا عن تسجيلات الهواة، أو الإذاعة، روح الفؤاد ليها ألبومين، الألبومين من إنتاج الموسيقار هانى مهنى.
والله مصر ولادة، وفيها كنوز كتير، بس اللى يدور، ياما يلاقى.