الحق.. ما شهدت به الأعداء
قلت فى مقال سابق، إنه ليس مهماً أن تكون على صواب، بل الأهم أن يعرف الآخرون أنك على هذا الصواب.. بغض النظر عمن هم هؤلاء الآخرون.. فما بالنا وهؤلاء هم المؤثرون فى المشهد السياسى العالمى والمتحكمون فى توازنات القوى الدولية وتشابك العلاقات فيما بينها.. وما بالنا أيضاً عندما ينطبق علينا المثل القائل بأن «الحق ما شهدت به الأعداء».
أقول ذلك بمناسبة مشاهدتى للمؤتمر الصحفى الذى عقده بعض أعضاء الكونجرس، ضمن الوفد الذى قدم لزيارة مصر الأسبوع الماضى، والتقى فيه بالرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، والفريق أول عبد الفتاح السيسى، نائب أول رئيس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، والبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية.. والذى حرص البابا خلاله على الإشارة إلى أن الإعلام الغربى تجاهل بصورة مستمرة، حقيقة استهداف الأقباط فى مصر بهجمات منظمة ومخططة، من جماعات إرهابية منظمة، بتدمير كنائسهم ومنازلهم فى وقت واحد وعلى مستوى مصر كلها، أدت إلى فقدان العشرات من الأرواح البريئة وتدمير 43 كنيسة تدميراً كاملاً، و207 من ممتلكات الأقباط، بالإضافة إلى تشريد نحو ألف أسرة، وبعض من دور الأيتام والمؤسسات القبطية.
ومن سوء طالع الجماعات الإرهابية، أن تزامنت زيارة وفد الكونجرس إلى القاهرة مع محاولة اغتيال وزير الداخلية فى مدينة نصر، فشاهدوا على الطبيعة جانباً مما تتعرض له مصر من هجمات إرهابية مدمرة، رأى العين، وبعيداً عن أكاذيب قناة الجزيرة والـ CNN وغيرهما من وسائل الإعلام المضللة.. لذلك خرج أعضاء الكونجرس فى مؤتمر صحفى، شهدوا فيه بالحقيقة، والحق عندى ما شهدت به الأعداء، كما قلت، وقد أعجبنى ما اعترفوا به بعد أُمة من الوقت، كنا فى غنى عنها.. فماذا قالوا؟.
قالوا إن جماعة الإخوان «العدو المشترك» للمصريين والأمريكيين، ووصفوا الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، بـ «جورج واشنطن مصر»، وأنهم سيدعمون استمرار المساعدات العسكرية للقاهرة، ويتأكدون من وصول طائرات الأباتشى والـ «إف 16» وكل المعدات المطلوبة لمواجهة الإرهاب.. واعتبر الوفد، أن ما حدث فى 30 يونيو ثورة تمثل استكمالاً لما حدث فى 25 يناير2011، وليست انقلاباً عسكرياً، وما جماعة الإخوان إلا منظمة «إرهابية».
لقد أعجبنى ما جاء على ألسنة أعضاء الوفد، رغم ثقتى فى نفسى وثقتى فى بلدى، وثقتى فيما أقدم عليه الشعب، ومن خلفه القوات المسلحة والشرطة.. قالت ميشيل باكمان، نائبة الكونجرس عن الحزب الجمهورى، والتى ألقت بيان الوفد، إن ما تراه فى مصر الآن أمل جديد للمصريين، وأن الاقتصاد لديه فرصة للنمو والازدهار، مما يمكن المصريين من بناء مستقبل جيد، «نحن هنا لنقول إننا بجانبكم ونشجعكم، فنحن معاً، مصر والولايات المتحدة، نواجه نفس العدو.. الإرهاب».. «نتحدث بالنيابة عن أنفسنا، فنحن نعلم من هو العدو، ورأينا تهديدات جماعة الإخوان الموجهة ضد الشعب المصرى وحول العالم، ونقف أمام هذا الشر، ليس من أجلهم، لأننا نتذكر جيداً من قتل أكثر من ثلاثة آلاف أمريكى فى أحداث 11 سبتمبر».. «لدينا نفس العدو المشترك الإرهابى الذى يمثل نفسه مؤخراً فى جماعة الإخوان، وليس لدينا خيار، ويجب هزيمتهم حتى لا ينشروا الإرهاب فى أنحاء مصر»، وأعربت عن دعمها لوقف الإرهاب، مضيفة أنها تريد مشاركة مصر فى وقف نزيف الدم حتى يحيا أطفالها فى سلام، ثم قالت الأهم وهو أن «ما حدث فى 30 يونيو لم يكن انقلاباً، بل كانت المرة التى صوت فيها المصريون لحريتهم لاستكمال الثورة التى بدأت فى ميدان التحرير».
أما الجمهورى ستيف كينج، فقد وجه التحية لـ «أكثر من 30 مليون مصرى، ممن خرجوا فى الشوارع كى يستعيدوا وطنهم».. «أهنئكم باسترداد مصر ممن أنكروا المستقبل والحرية للمصريين»، وأكد أن وفد الكونجرس يريد تقديم كل ما هو ضرورى للجيش، ويرغب فى استمرار تعاون الجيش الأمريكى والمصرى معاً، بجانب دعم خارطة الطريق السياسية، التى تتضمن صياغة دستور جديد، وانتخاب رئيس جديد.
وجاءت شهادة ليوى جوهمارت للفريق أول عبد الفتاح السيسى «وجدنا فى السيسى رجلاً قائداً، ولديه فرصة لكى يكون رئيساً منتخباً، لكنه مهتم أكثر بكيفية مساعدة بلاده»، وأكد أن محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، انفجار آخر قام به المتعطشون للدماء من جماعة الإخوان، الذين يريدون إفقاد البلاد توازنها»، وحول الوضع فى سيناء قال «سمعنا أن سيناء كانت مستقرة فى عهد مرسى، واكتشفا أنه كان يزودها بالأسلحة لصناعة موقف غير متوازن، لهذا بدأ الجيش يتحرك للسيطرة على الموقف».
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تلقفت إشادة النواب الأمريكيين بالجيش المصرى، وشكروه على موقفه المنحاز للشعب، وحملاته ضد الإرهاب، وأوضحت، فى تقرير نشره مراسلها، ماكس فيشر، أن النواب نشروا شريط فيديو عقب ساعات من اجتماعهم مع الفريق السيسى بالقاهرة، ووصفت الفيديو بأنه «مميز وفريد من نوعه» فى مسألة الإشادة بثورة 30 يونيو، والحملات المتلاحقة التى تقودها الحكومة ضد الاعتصامات والمظاهرات، والاحتفاء بالمصريين المعارضين للرئيس المعزول، محمد مرسى، وفى صمودهم من أجل الحرية.
يثلج صدرى ما سبق أن سردته، والذى أعلم أنه سيدفع الميزان المختل فى مركز صناعة القرار الأمريكى إلى الاعتدال، وهو موقف ما كان له أن يتحقق لولا صمود الشعب المصرى وإيمانه بقضيته، حتى ولو غضب ألف أوباما وكل كتيبة الشر التى تصطف خلفه.
■ رئيس تحرير بوابة الجمهورية أونلاين