نداء إلى مثقفى العالم
هل يفعلها الأدباء العرب ويتكاتفون معًا، أدباء ومفكرين ومثقفين، ويصدرون معًا، بيانًا موحدًا، للعالم أجمع، يناشدون فيه المفكرين والأدباء والحكام فى العالم كله، والغرب وأمريكا بصفة خاصة، ويشرحون فيه، ما حاق بهم جراء حملة الكراهية، التى شنها الغرب عليهم، والتى أسفرت عما يُعرف بالربيع العربى، أو الفوضى الخلاقة التى اختلقها برنارد لويس، وتبنتها كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية فى عهد الرئيس جورج دبليو بوش، صاحب مشروع الشرق الأوسط الكبير، والذى حاول تحقيقه.
عندما جاءت أحداث سبتمبر ٢٠٠١، التى جعلت بوش يتخلى جزئيًا عن مشروعه، ويقوم بتوجيه ضربة لأفغانستان، أو تنظيم القاعدة- اتجهت أنظار المفكرين والمثقفين الأمريكيين إلى العرب والمسلمين، وجمع أكثر من ستين مثقفًا أمريكيًا «بينهم فرانسيس فوكو ياما وصامويل هنتنجتون وجيرار برادلى وصامويل فريدمان ونيل جلبرت وتوماس كوهلر وهارفى مانسفيلد وروبرت بوتمان وبول فيتز»- أنفسهم ووجهوا رسالة إلى العالم الإسلامى، معتبرين أن الحرب على الإرهاب حرب إنسانية، لا تستهدف شعبًا أو ثقافة أو دينًا بذاته.
وقالوا فى رسالتهم إنهم يشددون على خمس حقائق أساسية تتصل بكل الناس من غير تفرقة وهى: أن البشر يولدون متساوين فى الكرامة، كما الحقوق. الشخصية الإنسانية العنصر الأساسى فى المجتمع، وتكمن شرعية دور الحكم فى حماية هذه الشخصية والمساعدة على تأمين فرص التفتح الإنسانى. يرغب البشر بطبيعتهم فى البحث عن غاية الحياة ومقاصدها. حرية الضمير والحرية الدينية من الحقوق التى لا يمكن انتهاكها فى الشخصية الإنسانية. القتل باسم الله مخالف للإيمان بالله، وهو يعد خيانة عظمى لكونية الإيمان الدينى.
بناءً على تلك الحقائق، فإنهم يحاربون للذود عن أنفسهم، ودفاعًا عن هذه المبادئ الكونية.
وفى بيانهم عرضوا القيم الأمريكية، وتساءلوا: ما القيم الأمريكية؟ وإنهم منذ عملية سبتمبر ٢٠٠١، يسأل ملايين الأمريكيين أنفسهم، ويسأل منه الواحد الآخر، لماذا نحن عرضة لاعتداءات مبغضة؟ ولماذا يحتاج هؤلاء الذين قتلونا إلى قتلنا؟.
ومن جانبنا، نحن المثقفين والأدباء العرب، نريد أن نقول للمثقفين الأمريكيين والغربيين، إننا سئمنا من القتل والخراب لشعوبنا وأوطاننا. ألا تكفى ستة عشر عامًا من العذاب والخراب والدمار للشعوب العربية منذ غزو العراق فى ٢٠٠٣، وحملات الإرهاب الظالمة التى قامت بها التنظيمات الراديكالية التى يدعمها الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية للشعوب العربية فى مصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن، فى ظل ما يُعرف بالربيع العربى؟.
لا يسمع العالم فى منطقتنا سوى أصوات القنابل والرصاص والانفجارات، والصراخ والعويل، ونعرات التهديد والوعيد، وصيحات الله أكبر فى ميادين القتال فقط.
لقد أصبح العالم لا يسمع أصوات صلواتنا، التى خفتت وضاعت تحت وطأة الانفجارات وفرقعة الطلقات. ولا يسمعون صوت كُتابنا وشعرائنا وأدبائنا. ولا الأصوات الخافتة التى تدعو للسلام. إننا نريد أن نقول أيضًا: إننا أصحاب حضارة، لها قيم نبيلة، تدعو للمحبة والتسامح، وتدعو لصون إنسانية الإنسان وكرامته وحريته، قيمنا هى التى حفظتنا من الاندثار.
تعاونوا معنا وحثوا قادتكم على الكف عن التدخل فى شئوننا، واتركونا نقرر مصائرنا بأنفسنا، ولا تخربوا بلادنا من أجل حفنة من الإرهابيين الذين لا يعرفون قيمنا الحقيقية. هؤلاء الإرهابيون، الذين قدموا إلينا من كل حدب وصوب، ليزعزعوا استقرارنا وهدوءنا، ويشوهوا أطفالنا وبلادنا وحضارتنا. تضامنوا معنا من أجل مستقبل واعد مشرق للإنسانية فى ظل السلام. هل يمكن أن يفعلها المثقفون والأدباء العرب ويخاطبوا أقرانهم من المثقفين والأدباء الغربيين، ليتضامنوا معنا فى حملتنا ضد الإبادة والقتل والخراب والتدمير؟.
نتمنى أن تقنعوا حكوماتكم، بأن تكف عن تقديم الدعم والعون لهؤلاء المخربين، وأن نتعاون معًا من أجل إعادة إعمار ما خرّبته الحروب، وأن نعيش معًا فى حرية وكرامة.