متى يتوقف العنف ضد المرأة؟
فى عام ١٩٩٩، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة ٢٥ نوفمبر اليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم فعاليات ذلك اليوم المخصص للتعريف بهذه المشكلة، مما يمهد الطريق نحو القضاء على العنف ضد النساء والفتيات فى جميع أنحاء العالم.
تصف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بـ«السرطان»، قائلة إنه «سبب جوهرى للوفاة والعجز للنساء». وتقول الأمم المتحدة إن «العنف ضد النساء والفتيات أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا وتدميرا فى عالمنا اليوم لكن لا يزال معظمه غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب، والصمت، والإحساس بالفضيحة، ووصمة العار المحيطة به».
وقد عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٩٣، العنف ضد المرأة على أنه: «أى فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسدية أو الجنسية أو النفسية، بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفى من الحرية، سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة».
بحسب الأمم المتحدة، ﺗﺘﻌﺮض واﺣﺪة ﻣﻦ ﺛﻼث ﻧﺴﺎء وﻓﺘﻴﺎت ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺠﺴﺪى أو اﻟﺠنسى خلال ﺣﻴﺎﺗﻬﻦ، ويكون فى ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن من طرف قريب.
يتم تزويج ما يقرب من ٧٥٠ مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم فى جميع أنحاء العالم قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة؛ فى حين خضعت ٢٠٠ مليون امرأة وفتاة لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث «ختان الإناث».
وبالنظر إلى واقعنا العربى نجد أن الموروث الشعبى يحوى ويحمل الكثير تجاه المرأة، فهناك الكثير من الأفكار التى تقلل من قدر المرأة وتنظر إليها لا ككائن عاقل له شخصية متميزة، ولكن باعتبارها أقل من الرجل، فمن الأمثال: «النساء مقص أعوج» وأنها تجيد التمثيل فى العبادة والصلاة «لا تأمن للحرة إذا صلت ولا الخيل إذا أطلت ولا للشمس إذا ولت»، ومن الأمثال الشعبية ما يؤكد أن المرأة تحتاج للرجل لا من أجل الزواج فى حياة تكاملية يكمل كل منهما فيها الآخر، ولكن لمجرد إحساسها بالأمان فمن الأمثال «ضل راجل ولا ضل حيطة»، وكذلك تبين الأمثال الشعبية أن المرأة مخلوقة لإسعاد الرجل وتسليته فمن الأمثال «اللى جوزها يحبها الشمس تطلع لها» و«بفلوسك بنت السلطان عروسك»، و«اللى مراته مفرفشة يرجع البيت من العشا»، ومن مظاهر العنف ضد المرأة فى الموروث الشعبى أيضًا أن الأنثى لا تؤتمن على سر، فالمثل الشعبى يقول: «من أعطى سره لمراته يا طول عذابه وشتاته» و«الراجل ابن الراجل اللى عمره ما يشاور مراته»، «ذل من أسند أمره إلى امرأة، من اقتراب الساعة طاعة النساء، لا تطلعوا النساء على حال ولا تأمنوهن على مال، اعص النساء وهواك وافعل ما شئت».
وفى مقارنة بين موقفى الشرق والغرب من المرأة، تقول الأستاذة إقبال بركة فى كتابها المرأة الجديدة: «بينما كان الرق فى الغرب يلفظ أنفاسه الأخيرة طوال النصف الأول من القرن التاسع عشر، ظل فى بلاد المشرق يعتبر من أمور الحياة الطبيعية، وعندما صدرت معاهدة برلين الدولية لإلغاء الرق عام ١٨٥٥ امتنعت الدولة العثمانية عن التوقيع عليها، بحجة أن الإسلام لا يحرم الرق، وظلت الدول الإسلامية ممتنعة عن التوقيع على معاهدة الرق الدولية حتى انهارت الإمبراطورية العثمانية».