باحث: التصعيد الأخير يندرج تحت ميزان الردع وتعظيم المكاسب والخسائر
قال الباحث والمحلل في الشئون السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور أحمد سمير القدرة، إن التصعيد الحالي ما بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال، يدخل ضمن مفهوم ميزان الردع وحسابات الربح والخسارة.
وأوضح القدرة، فى حواره مع "الدستور"، أن البداية كانت عملية استخباراتية عسكرية نفذتها قوة خاصة تابعة لجيش الاحتلال ليلة الأحد الماضى، استهدفت العمق الأمني للمقاومة، ردت عليها المقاومة بكشف وأحبطت هذه العملية.
وأشار القدرة إلى أن هذه العملية الاستخباراتية والاغتيال، وردة فعل المقاومة، كانت بمثابة كلمة السر التي أعطت الضوء الأخضر لبدء هذه الجولة من التصعيد، لافتا إلى أن هذا التصعيد مرهون بمدى القدر الذي حددته المقاومة للرد من حيث طبيعته وعمقه، كما أنه مرهون بطبيعة قرار قوات الاحتلال والأهداف التي يستهدفها، وسيكون مرهونا أيضًا بمدى فعالية الوسيط المصري والأممي ميلادينوف وغيرهم.
وأوضح القدرة أن طبيعة تصعيد المقاومة والدخول في مواجهة لا تزال خاضعة للحسابات الاستراتيجية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار العمق الذي تستهدفه المقاومةن ونوعية القدرات العسكرية المستخدمة في ذلك.
في المقابل، يدخل جيش الاحتلال هذه الجولة من حيث انتهى في عدوان 2014، مستهدفًا من خلال هذه الاستراتيجية إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف الأهالي في غزة، بهدف كسر إرادتهم وإرباك حسابات المقاومة.
وتابع القدرة: كما أن الاحتلال ومن خلال اجتماعات المجلس الوزاري المصغر، وتبنيه قرار الرد بقوة على المقاومة، وتصريحات قادته، يتحرك بشكل متدرج لتطبيق استراتيجية "جز العشب" أي إضعاف القدرات العسكرية للمقاومة.
وأضاف القدرة أنه لا يمكن إغفال الموقف الأمريكي هنا، فقد أيد وساند العمليات العدوانية التي ينفذها الاحتلال ضد قطاع غزة، بذلك يمكن أن يساهم هذا في توسيع العملية العسكرية، فى مقابل ذلك تنتهج المقاومة سياسة تدفيع الثمن، أي محاسبة الاحتلال على كافة الجرائم التي اقترفها بحق الشعب الفلسطيني، وبالتالي يمكن تلخيص المشهد الحالي بأن جولة التصعيد الحالية بين المقاومة والاحتلال تندرج في سياق ميزان الردع وتعظيم المكاسب والخسائر، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذا التصعيد يأتي في وقت يتعاظم فيه الحديث عن تفاهمات مبدئية حول تطبيق تهدئة في قطاع غزة برعاية مصرية وأممية.
الاحتلال يريد توجيه ضربة قوية للمقاومة يستفيد منها إذا ما تم تطبيق التهدئة فيكون بمثابة الطرف المنتصر، كذلك المقاومة تسعى لتوجيه ضربة قوية للاحتلال تخرج منها منتصرة حال تطبيق التهدئة.
أما في ما يتعلق بأن هذا التصعيد مرتبط بمسار تعثر المصالحة الفلسطينية، وأنه سبب لإفشال جهود المصالحة، قال القدرة إنه لا يمكن ربط التصعيد بهذا المسار، بغض النظر عن حالة التباعد وعدم الثقة بين طرفي الانقسام، فهذا التصعيد مرتبط بدرجة أولى بحجم الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال.
وأكد القدرة أن كل الأطراف غير معنية بالتورط في عدوان موسع في هذا التوقيت لاعتبارات متعلقة بحجم الخسائر التي سيتكبده الطرفين، خاصة أن فيديو استهداف حافلة قوات الاحتلال ومن قبلها العملية الاستخباراتية التي تم كشفها أربكت حسابات قادة الاحتلال، بأن المقاومة تمتلك قدرات عالية دقيقة، والاعتبار الثاني مرتبط بمسار التهدئة.