هل فقًد الأزهر السيطرة على معاهده الخارجية؟
لا يقتصر التعليم الأزهري علي مصر فقط، فهناك 23 معهدا في 11 دولة بموجب اتفاقيات وبروتوكولات تعاون، حيث يوجد في أفريقيا 17 معهدًا، ومعهد في أقليم كردستان بالعراق، و5 معاهد في آسيا منها ماليزيا وأندونيسا، يمدهم الأزهر بالكتب العلمية والشرعية، كما يوجد في فلسطين 4 معاهد تابعة للأزهر بغزة وخان يونس وهي معاهد ثانوية فقط للبنين وللفتيات، وتشمل الشعبتين الأدبي والعلمي، بدأ إنشاؤها عام 1954 بقرار من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بإنشاء أول معهد أزهري في فلسطين، وافتتح رسميا في 15 مارس عام 1958، وكلف الرئيس الراحل عبد الناصر آنذاك الرئيس الراحل أنور السادات بافتتاح المعهد بصفته في ذلك الوقت نائبا لرئيس الجمهورية.
ويتلقى طلاب هذه المعاهد نفس المناهج بالمعاهد المصرية، بالإضافة إلى المواد الدينية التي تدرس فيه كما هو حال جميع معاهد الأزهر الشريف في مصر، وتوضع الامتحانات في لجان المعاهد الأزهرية في القاهرة، ويتم تصحيح الامتحانات فيها بعد نقلها من غزة إلى الأزهر الشريف في القاهرة، ومن ثم ترسل إلى قطاع غزة مع نتائج الطلاب.
والحاصل على درجة 65% فما فوق يحق له الالتحاق بجامعة الأزهر بغزة، أو الجامعة الإسلامية في غزة بمنحة كاملة 100% تسمي منحة معهد الأزهر الديني، وللمعاهد الأزهرية في قطاع غزة 25 منحة من الأزهر الشريف في مصر تضم مختلف التخصصات، بما فيها الطب والهندسة، شرط الحصول على مفتاح القبول لدخول الكلية.
وتختلف شروط الالتحاق بتلك المعاهد من دولة لأخري حسب أنظمتها، وهي معاهد تقوم تحت ظل الدولة التي نشأ فيها المعهد بطلب منها للأزهر لإنشاء معاهد خاصة بها، وهي من تتابعها، ولكن من يتولى مهمة التدريس فيها المبعوثون من الأزهر الشريف، ورئيس البعثة هو السفير المصري بتلك الدولة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل فقد الأزهر سيطرته علي هذه المعاهد؟ وهو ما نناقشه في هذا التقرير.
في البداية يؤكد مصدر مسئول بمشيخة الأزهر، طلب عدم ذكر اسمه، أن الأزهر الشريف لا يسيطر علي أي معاهد خارج مصر باستثناء المعاهد التى في أرض فلسطين، لأنها تتبع المشيخة مباشرة ويعامل طلابها معاملة المصريين في كل شئ.
المصدر أوضح أن السبب في فقدان الأزهر سيطرته علي معاهده أن مبعوثي الأزهر يضعون الأسئلة ويصححون المادة ويعتمدون النتيجة، بالإضافة إلي أنه ليس هناك تواصل بين مسئولي التعليم ما قبل الجامعي في مصر وبين البعثة، وهو ما يؤدي إلي عدم ظهور نتائج حقيقية لمستوي الطلاب، وعدم معرفة المستوي الحقيقي للمعلمين وأدائهم داخل الفصول.
وتابع: بالإضافة إلي عدم وجود معايير قياسية للحكم علي مستوي العملية التعليمية داخل هذه المعاهد، ويختلف أداء التعليم الأزهري في تلك الدول من بعثة إلي أخري، فإذا كان أداء مسئولي البعثة جيدًا، ويؤدون مهمامهم بصورة حسنة، أو إذا كانوا ذهبوا من أجل المكافأة فقط، يضيع الغرض من البعثة وتسوء معالم العملية التعليمية هناك.
المصدر أضاف: ينبغي علي الأزهر ضرورة التواصل مع البعثات، وتفعيل دوره الرقابي والمستمر علي هذه المعاهد لتقييم أدائها وأداء المبتعثين فيها، ورفع مستوي العملية التعليمية حتي تؤدي تلك المعاهد دورها التعليمي والديني بما تمثل صورة مشرفة للأزهر ولمصر.
فيما يري آخرون أن المعاهد الأزهرية المنتشرة خارج مصر تتبع مباشرة الأزهر الشريف، وهو يسيطر عليها سيطرة تامة، والدليل علي ذلك أن المناهج التي تدرس بها هي نفس المناهج التي تدرس للطلاب في مصر، كما أن الأساتذة الذين يدرسون فيها هم المبعوثون الذين يرسلهم الأزهر إلي الخارج.
ويذكر أن الأزهر الشريف عقد الاتفاقية المعروفة الماليزية باسم (ستام) وهى اتفاقية بموجبها يشرف الأزهر على وضع أسئلة الامتحانات واعتماد النتيجة، على أن تعادل هذه الشهادة شهادة الثانوية الأزهرية التى يلتحق بموجبها طلاب هذه الشهادة، شريطة الحصول على تقدير مقبول على الأقل بكليات جامعة الأزهر الشريف.
وتم توقيع اتفاقيات مع عدد من الدول الأخري، مثل أندونيسيا وأقليم كردستان بالعراق ونيجيريا، وغيرها من الدول.
ومن جانبه، قال الدكتور يوسف مجاهد، وزير الشئون الدينية في ماليزيا، إن عدد البعثات الأزهرية انخفض خلال الفترة الماضية التي كانت تسهم في تعليم الطلاب العلوم الشرعية وتحفيظ القرآن الكريم.
وأضاف مجاهد، في تصريحات لـ"الدستور" علي هامش مؤتمر الإفتاء العالمي "التجديد في الفتوي بين النظرية والتطبيق" خلال الأيام الماضية علي أرض مصر، أن هناك الكثير من المعاهد الأزهرية بنظام الاتفاقيات، منوها إلى أن هناك لقاء مرتقبا مع شيخ الأزهر لمناقشة مشاكل المعاهد الأزهرية في دولتنا، بالإضافة إلي المطالبة بزيادة البعثات الأزهرية، وتسهيل الإجراءات الأمنية التي تتيح لطلاب معاهد المعادلة الالتحاق بالمعاهد الأزهرية في مصر دون عناء.