"فى ذكرى رحيلها".. تعرف على قصة القديسة ثيؤدورا
"ثيؤدورا" هى المجدلية الثانية التي عرفت بالحب لله أن تطأ الخطية تحت قدميها لتعيش في حياة مقدسة له، وهي قصة النفس البريئة المحبة لله لكن بسبب عدم التمييز يمكن أن تهوى حتى الأعماق، بل هي قصة الإنسان المشتاق لخلاص كل أحدٍ مهما بلغت خطاياه ليقيمه ابنا مقدسًا لله.
وبالتزامن مع إحتفال الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم، بتذكار رحيل القديسة "ثيؤدورا"، ترصد الدستور فى سطور بعض المعلومات عنها.
الزوجة السعيدة:
نشأت "ثيؤدورا" في القرن الخامس، في عهد زينون، من أبوين شريفين بالإسكندرية، واتسمت بالجمال البارع مع الحياة التقوية والغنى، وتزوجت شابًا غنيًا وتقيًا، فكانت حياتهما مملوءة سلامًا وفرحًا.
في وسط مظاهر الغنى وكثرة الولائم تعرف عليها شاب غني أُعجب بحكمتها واتزانها، وكان نقيًا طاهرًا، وقد شعر الزوج بذلك، ولكن عدو الخير بدأ بعد فترة يُلقي فيه بذار الفكر الشرير من جهة ثيؤدورا، إذ كان يحترمها ويجلها صار يحارب الفكر من نحوها، حتى تزايدت الحرب جدًا، حتى إذ وجد الشاب فرصته صارح ثيؤدورا بأفكاره من جهتها فصدمت إذ كانت ترى فيه النقاوة، وانتهرته، ومرت الأيام وتزايدت الأفكار، وخلال حيل إبليس سقطت الزوجة فريسة للخطية.
مرارة السقوط:
لم يعرف أحد بما حدث بينهما، خاصة والكل يعلم عنهما أنهما طاهران، لكن ثيؤدورا لم تحتمل نفسها، كانت مرة النفس للغاية، وفي صراعها صارحت رجلها بما حدث والدموع تنهمر من عينيها، ولم يعرف ماذا يفعل الزوج إذ كان يثق في زوجته كما في صديقه.
تحولت حياتهما إلى دموع لا تنقطع ليلًا ونهارًا، وأخيرًا قررت أن تترك العالم بكل مباهجه لتقضي بقية أيامها في توبة مستمرة.
في دير الأناطون:
حلقت ثيؤدورا رأسها وتزيت بزيّ الرجال وانطلقت ليلًا إلى دير الأناطون أي دير التسعة أميال "في موقع الدخيلة حاليًا"، وهناك سألت رئيس الدير أن يقبلها فأراد أن يختبر مثابرتها، وتركها على الباب طول الليل وسط البرد الشديد وتعرضها للحشرات، وفي الصباح وجد عينيها قد تورمتا بسبب البكاء، فسمح لها بالدخول وعُرفت باسم الراهب ثيؤدور، أو تادرس.
نموها الروحي:
عاشت القديسة في هذا الدير تمارس خدمة فلاحة البساتين، محتملة كل تعب بفرح وسرور، صلواتها لا تنقطع حتى في وسط أتعاب العمل، تتسم بالطاعة والوداعة مع النسك الشديد، وقد وهبها الله عطية صنع المعجزات، فذاع صيتها ووفد على الدير كثيرون يطلبون بركة هذا الراهب.
لقاؤها مع زوجها:
كان قلب زوجها يئن بلا انقطاع لا يعلم أين ذهبت زوجته، فإنها وإن كانت قد سقطت لكنه كان يعلم أنها سقطة ضعف خلال خداع عدو الخير، كان مشتاقًا أن يطمئن على خلاصها، فقدم بدموع صلوات كثيرة سائلًا الله أن يهبه راحة وطمأنينة من ناحيتها.
في غمرة حزنه ظهر له ملاك يسأله أن يذهب إلى كنيسة القديس بطرس خاتم الشهداء ليجدها بجوار الكنيسة بمفردها، ففرح جدًا وانطلق إلى الكنيسة لكنه لم يجد أحدًا سوى راهبًا يقود جمالًا ليحضر مؤن للدير، وكان هذا الراهب هو ثيؤدورا التي لم يعرفها رجلها لأن شكلها كان قد تغير تمامًا بسبب نسكها الشديد ودموعها التي لم تجف، أما هي فعرفته وحيّته فردّ عليها التحية.
دخولها وسط الآلام:
تعرضت القديسة ثيؤدورا لحروب كثيرة، تارة كان يذكرها العدو بخيانتها لرجلها ليقطع عنها الرجاء، وأخرى يذكرها بكلمات التملق التي كان ينطق بها الشاب وتصرفاته المثيرة، وفي هذا كله كانت تقاوم بنعمة الله.
رحيلها من العالم:
رأى رئيس الدير في حلم كأن السماء قد انفتحت وظهر عرش تجلس عليه عروس جميلة بجوارها ملاك، فلما سأل عن العروس قيل له إنها الراهب ثيؤدور، ورحلت بعد دقائق معدودة القديسة ثيؤدورا مساء يوم 13 سبتمبر.