لماذا بكى محمود درويش خلال رحلته الأولى بالأقصر وأسوان؟
يمثل الشاعر محمود درويش الذي تحل اليوم 9 أغسطس الذكرى العاشرة لرحيله، علامة طليعية بين رفاقه الشعراء العرب في الأرض المحتلة، وقد وضعه شعره الحاد في حرب مع العدو، حورب فيها برزقه أولًا، وأبعد عن قريته، ثم وضع في السجن.
وخلال تلك الفترة لم يضعف «درويش»، بل كتب أجود شعره، وأكثره عنفًا وتحديًا من داخل السجن، وأصبح نجمًا في سماء القصيدة الفلسطينية قبل أن يغادر بلاده، وتطأ قدماه أرض القاهرة.
وكان الراحل أحمد بهاء الدين، أول من احتضن «درويش»، وذلك قبل مجيئه إلى القاهرة، وذلك عن طريق نشره مقالات عن شعر محمود درويش، والتي بدأها في «المصور»، وحين وصل درويش إلى القاهرة لم يكن شاعرًا مجهولًا، وكان ذلك في 1971، عقب رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، والتقي بالصحفي عبدالملك خليل، وانتقل مباشرةً إلى «فندق شبرد» للإقامة، ثم إلى «إذاعة صوت العرب» حيث صدر قرار بتعيينه.
وبعد تعيين «درويش»، طلب منه مدير صوت العرب «محمد عروق» آنذاك، بالذهاب مع المذيع عبدالوهاب قتاية إلى مدينة الأقصر وأسوان لأيام، وسافر درويش لمشاهدة الآثار المصرية، وسعد درويش بما فعله محافظ أسوان معهم خلال تواجدهم هناك، حيث رتب لهم زيارة إلى مدرسة نائية في أطراف المحافظة، وقاموا بزيارتها، وفي أحد فصول المدرسة، راح الأطفال ينشدون إحدى قصائد درويش بألحان مصرية، مما دفع دموع الشاعر بالسيل على وجنتيه.
درويش، أكد خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد لهم عقب عودته من رحلة الأقصر وأسوان، أنه لم يرحل عن المعركة، ولم يغيير موقفه تجاه القضية الفلسطينة، وإنما غير موقعه فقط، وأن خطوة مغادرته فلسطين، جاءت ليكشف حقيقة ما يعانيه أهله في فلسطين أمام الرأي العام.
وكانت الرحلة الثانية لـ«درويش»، في مصر، عبر مدينة القاهرة الخديوية، بصحبة الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، وصافيناز كاظم، وأصبحت إقامة الشاعر بالقاهرة مثار جدل بين الشعراء، حيث رحّب به صلاح عبدالصبور واحتفى بأعماله، وكان من أوائل الشعراء الذين كتبوا عنه عام 1968 مقالة بعنوان «القديس المقاتل» نشرتها مجلة «الهلال»، بينما غضب آخرون من دوريش ودائما ما كانوا يرددون: «اشمعنى محمود درويش مدلل في فندق شبرد، ما إحنا كمان شعراء الأرض المحتلة».