الرشوة .. وأثرها المُدمر
نهي الشرع عن أكل الحرام بكل الصور والأشكال قال تعالي :
( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً
عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ) النساء : 29 .
وقد نبه النبي صل الله عليه وسلم .. قائلاً :
( أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً , وإن الله أمر المؤمنين بما
أمر به المرسلين , إن الرجل يُطيل السفر أشعث أغبر يَمُدُ يديه إلي السماء يا رب
يا رب ومطعمه حرام , ومشربه حرام , وملبسه حرام , وغُذي بالحرام , فأني يُستجاب
لذلك ) .
والمتأمل لحال الناس اليوم يري أنه عالم تغيرت فيه كثير من المبادئ والقيم
, العالم قد سيطرت فيه المادة حتي تساهل بعض الناس في جمع الأموال , لا يهمهم إن
أكان ذلك من حلال أو حرام , وصدق فيهم قول النبي صل الله عليه وسلم :
( يأتي علي الناس زمانٌ لا يُبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من
الحرام ) رواه البخاري .
وفي عصرنا ظهرت سلوكيات خاطئة أدت إلي تدمير المجتمع ونزع الخير منه ..
وأخطر هذه السلوكيات : الرشوة ..
الرشوة من أخطر صور المال الحرام التي حذرت منها جميع الأديان السماوية ,
والتي تفتك بأخلاق الأمم .
وقد شدد الشرع علي حُرمة أخذها أو دفعها أو التوسط بين الراشي والمرتشي ,
فالثلاثة مطرودون من رحمة الله تعالي .. قال النبي :
( لعنة الله علي الراشي والمرتشي ) .
الرشوة جريمة في حق المجتمع بأثره لذلك كانت مُحرمة بأي صورة كانت , وبأي
اسم سُميت , سواء تحت مُسمي الهدية أم غيرها , فالأسماء لا تغير من الحقائق شيئاً
, والعبرة بالمضامين والمعاني لا بالأسماء والمسميات , ولم يُخبر القرآن عن الرشوة
بلفظها صراحة لكنه ذم من كانوا يتعاملون بها وسماها سُحتاً , فقال تعالي :
( سماعون للكذب أكالون للسُحت ) المائدة :42 .
وذكر بعض المفسرين أن المراد بالسُحت هو كل ما خبث كسبه وقبح مصدره
كالتعامل بالربا وأخذ الرشوة وغيرها من وجوه الكسب الحرام .
ولقد حذر النبي من الذي يستعمل نفوذه وسطوته في قضاء مصالح الناس فقال
النبي : ( من استعملناه علي عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول ) رواه أبو داود .