حُرمة المال العام .. وأجر صيانته
أنعم الله علينا بالمال العام لتستقيم به شئون حياتنا ومعاشنا , فهو أحد
ركني زينة الحياة الدنيا , كما ذكر الله تعالي :
( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك
ثواباً وخيرٌ أملاً ) . فالمال عصب الحياة الإنسانية , به يؤدي الإنسان رسالته .
ومن هنا تحدث القرآن عن قيمة المال وأهميته فوصفه بأنه خيرٌ جُبلَ الإنسان
علي حبه , كما أخبر ربنا سبحانه قائلاً ( وإنه لحب الخير لشديد ) .. ولله دَر
القائل :
بالعلم والمال يبني الناسُ مُلكَهم .. ولم
يُبني مُلك علي جهل وإقلال .
ولما للمال من أهمية إلا أن الإسلام جعلهُ وسيلةً لا غاية , وسيلة للبر
وصلة الأرحام وسيلة للصلاح والإصلاح , وسيلة لدعم قضايا الوطن , المال وسيلة إذا
استُخدم في الصلاح كان نعمة , قال النبي صل الله عليه وسلم :
(
نعم المال الصالح للرجل الصالح ) .
أما إذا استُخدم المال في الفساد والإفساد
كان وبالاً وشقاءً وتعاسةً علي صاحبه كما حذرنا النبي صل الله عليه وسلم :
(تَعس عبدُ الدينار , وعبدُ الدرهم , وعبدُ
الخميصة , تعسَ وانتكس , وإذا شيك فلا انتقش ) . أي إذا أصابته الشوكة فلا أخرجت
منه بالمنقاش .
وبناءً عليه لا يجوز للإنسان أن يجعل المال
غاية في شئون حياته . والمال إما أن يكون عام أو خاص , فالمال العام هو ما تملكه
الشعوب من الأعيان والمنافع مما لا يقع تحت ملكية فردية , والمال العام ركيزة
الأمم به تُدير شئونها , وتُقيم مُؤسساتها , وتُحفظ أرضها , وتُقدم خدماتها ,
وتنشر الخير والأمن والاستقرار في جنباتها .
ولقد حذر القرآن من إهدار المال العام فقال
سبحانه وتعالي :
( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم تُوفي
كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلمون ) .
وقد وعد الله تعالي أن من أهدر المال العام بأي
وسيلة كانت , وأمر بحفظه وصيانته من الفساد حتي يُؤدي المال دوره باعتباره قيمةً
لا غني عنها في حفظ نظام الحياة الإنسانية , فمن خالف ذلك فهو داخل في وعيد الله
سبحانه وتعالي إذ قال :
( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم
بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم
ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً , ومن يفعل ذلك عُدواناً وظلماً
فسوف نُصليه ناراً وكان ذلك علي الله يسيراً ).
فالمال العام أمانه عند كل فرد من أفراد
المجتمع سواء أكان مسئولاً عنه أم مُستخدماً له , يجب عليه أن يحافظ علي تلك
الأمانة وأن يرعاها وأن يردها كاملة غير ناقصة .. قال تعالي :
( إن الله يأمركم أن تُؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بَصيراً ) .. فعلينا أن نحافظ علي المال العام ونتصدي لكل ألوان التخريب أو الإفساد , وأكد الشرع أن المساس به يُعد جريمة شرعية وخيانة وطنية .