حكايات مصرية.. الهيئة الوطنية لـ"البتنجان"
اسمح لى عزيزى القارئ أن أكتب هذه المرة فى موضوع مختلف عما اعتدت الكتابة عنه، هو موضوع بعيد عن تخصصى أو دائرة اهتمامى إلى حد ما، لكنه قريب من كل أسرة، ويمس حياة الناس بشكل مباشر وأحوالهم المعيشية، والأهم قطعًا صحة المواطنين وميزانيتهم الشهرية.
فمن منا لا يحب أكل الباذنجان أو كما نطلق عليه فى اللغة الدارجة "البتنجان"، فالبتنجان أكلة الأغنياء والفقراء، وهو فعلًا يدخل فى كل الأكلات، فى الفطار نأكله إما مقليًا أو مشويًا أو مخللًا، ويمكن أكل الباذنجان بطريقة البابا غنوج، وهى أكلة محببة عند كل الطبقات الاجتماعية، ومنها من يأكل البابا غنوج مضافة إليه الطحينة، أو يمكن أكله بخلطة مكونة من الثوم والفلفل والشطة والخل والليمون، ولأن البتنجان من الأكلات ذات الفائدة العالية.. والطعم اللذيذ فقد تجده على سفرة الأغنياء بأشكال مختلفة، فهو طبق أساسى في كبرى مطاعم الأسماك، وشريك أساسى فى طبق المحاشى المميز عند الأغنياء والفقراء، والبَاذِنْـجَان أو البَادنْـجَان أو البَتنْـجَان هو نبات حولى عشبى يتبع الفصيلة الباذنجانية واسمه العلمي Solanum melongena سولانوم ملونجينا، وهو نوع من الخضروات الموسمية، ويتميز بلونه البنفسجى الداكن أو الأسود، وبَاذِنْـجَان هى التسمية الأكثر شيوعًا للنبات، والاسم أصله سرياني ومن أسمائه العربية الفصيحة أيضًا، الأَنـَب والحَـدَق والحَـيْصَل والقَهْقَب والكَهْكَب والكَهْكَم والمَـغْد والمَـغَد.
توجد أصناف متعددة من الباذنجان، تختلف فيما بينها في الحجم والشكل واللون -الذي يكون في الغالب إحدى درجات البنفسجى أو البرتقالى الفاتح، تسود في أوروبا وأمريكا الشمالية زراعة الباذنجان البيضاوى الطويل، حيث يتراوح طوله من 12 إلى 25 سم وعرضه من 6 إلى 9 سم بلون بنفسجي غامق.
توجد في الهند وبلدان آسيوية أخرى أصناف أكثر تنوعًا وتفاوتًا، فقد يصل حجم حبة الباذنجان إلى كيلو، خاصةً في حوض نهري الغانج ويمنا، وتتنوع ألوانه بين الأبيض والأخضر والبنفسجي الغامق والفاتح والوردي والبنفسجي أو الأخضر المخطط بالأبيض، أما الباذنجان الصينى فهو طويل ورفيع ويشبه الخيار.
وللبتنجان فى بلدنا أشكال عدة، فمنه الأبيض وهو غالبًا يتم حشوه ولا يتم قليه، ومنه العروس أى الأسود الرفيع، ومنه يتم عمل المحشى، ومنة البتنجان الرومى، أى التخين الممتلئ، ومنه يتم عمل البابا غنوج أو يتم تقطيعه للقلى أو للشوى.
ويستهلك البتنجان كميات كبيرة من زيت الطعام خاصة فى حالة القلى، ويحذر خبراء التغذية من قلى أى نوع آخر من الأطعمة عقب قلى البتنجان، لأنه يتأكسد ويتفاعل مع الأطعمة ويجب التخلص من زيت البتنجان فورًا.
ويفيد البتنجان مرضى السكر حسب وصف جمعية السكر الأمريكية، حيث إنه غنى بالألياف والتي تساعد على التحكم فى سكر الدم، ومرضى الكوليسترول، حيث يساعد في خفض نسبة الكوليسترول لاحتوائه على الألياف الذائبة التى تمنع امتصاص الكوليسترول من المعدة، إلى جانب الوقاية من السرطان، حيث يحتوى على العديد من مضادات الأكسدة التى تحمي الخلايا من التلف، وهو أيضا مهدئ للأعصاب.
وفى تقرير نشر عام 1993 فى مجلة "نيو إنجلاند الطبية"، أكد أن البتنجان يحتوى على النيكوتين أكثر من التبغ مما يساعد على هدوء الأعصاب، ومرضى الضغط فيساعد فى خفض ضغط الدم لاحتوائه على البوتاسيوم الذي يساعد في خفض الصوديوم بالدم، أخيرا تقوية الجنس، وهو معروف بفوائده منذ زمن بعيد فى الطب الهندى القديم.. أعتقد أن كل ما سبق يبرر إنشاء هيئة وطنية للبتنجان لإدارة إنتاجه وحماية المواطنين وتوعيتهم بفوائده، فهو داخل فى كل بيت ويصل إلى كل الأعمار.