قَـل الحيــاء.. فحــل البلاء
رأت السيدة عائشة – رضى الله عنهـا فى منامها أن ثلاثة أقمار سقطن من عليائهافى حُجرتها , فلمـا ذهبت إلى أبيها أبى بكر الصديق وقالت له : يا أبتى رأيت فيمـا يُرى للنائم أن ثلاثة أقمار سقطن من عليائهافىحُجرتى– نبئنـا بتأويله – فقال لها : سيُدفن فى حُجرتك ثلاثٌ من أعاظم الرجال , وفعلا أول من دُفن فى حُجرتها فكان زوجها – صل الله عليه وسلم , وبعد ذلك كان أبى بكر الصديق , ثم دُفن إلى جوارهمـا ثالث عمر بن الخطاب ..
لما دُفن فى حجرتها زوجهـا وأبيهـا كانت تدخل عليهـم بثيــاب شفافة رقراقة , ولما دُفن إلى جوارهمــا ثالث عمر بن الخطاب استحت السيدة عائشة أن تدخل عليهـم إلا بثياب فضفاضة واسعـة .. السيدة عائشة كانت تستحى من الأموات , فما بال شبابنـا اليوم إلا من رحم ربى لا يستحى من أموات ولا من أحيــاء ..
عن أنس – رضى الله عنه – أن النبـى صل الله عليه وسلـم قال :
(ما كان الفُحش فىشئ قَط إلا شانه , ولا كان الحَيـاء فىشئ قط إلا زانـه ).
فحرىٌ بكل من أراد لنفسـه الخير فى الدنيا والآخرة أن يستقيـم على الحيـاء , عن ابن مسعود أن النبى– صل الله عليه وسلم قال :
(إن مما أدرك الناس من كلام النُبوة الأولى , إذا لم تستح فاصنع ماشئت ) رواه البخارى . ولقد تحُـث الأخلاق على التحلى بالحياء فى المسألة وكما قال آباؤنا الأولون (أطلبوا الأشيـاء بعزة نفـس , فإن الأمور تجرى بمقـادير ) .
وقد أفرد النُسـاخ للكُـتب على الصحابى الجليل على بن أبى طالب بعبارة كرم الله وجهه دون سائر الصحابة , حيث بلغ من حيائه أنه لم ينظر لعورتــه أبداً طيلــة حياته .
روى مسلم عن عائشة أن رسول الله – صل الله عليه وسلم : كان مضطجعاً فىبيتى , كاشفاً عن ساقيـه , فاستأذن أبو بكر فأذن له , وهو على تلك الحال , فتحدث , ثم استأذن عمر , فأذن له , وهو على تلك الحال , فتحدث , ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله , وسوى ثيابه , فدخل فتحدث , فلما خرج قالت عائشة : دخل أبو بكر ولم تباله , ثم دخل عمر ولم تباله , ثم دخل عثمان فجلست وثويت ثيابك – فقال ( ألا أستحى من رجل تستحى من الملائكة ).
ورسالتى إلى بناتنا ونسائنا ومن أرادت قضاء مصالح الدنيا , فلتكن قدوتك بنات نبى الله شعيب حيث خلد تبارك وتعالى فعلهن فى القرآن – لما قال عز وجل :
( فجائته إحداهمـا تمشى على إستحيــاء ) القصـص :25 .
وعلى شبابنا أن يقتدى بالنبى عن أبى سعيد الخدرى قال :
(كان رسول الله أشد حياءً من العذراء فى خدرها , فإذا رأى شئ يكرهه , عرفناه فى وجهه) ..