شباب وشابات من ذهب
لا أحد منا ينكر أن كرة القدم هى الرياضة الأكثر جماهيرية فى العالم، ولا أحد ينكر أننا جميعًا نلتف حول الشاشات والفضائيات حينما يكون منتخبنا يشارك فى مباراة خارج مصر، ومعروف للجميع أن لاعبى كرة القدم جماهيريتهم كبيرة وشهرتهم تفوق أقرانهم فى الرياضات الأخرى، التى نهملها كثيرًا.
لكن الألعاب الرياضية الأخرى سواء كانت فردية أو جماعية فى حاجة إلى التشجيع والدعم والرعاية من الدولة والإعلام ومنا جميعًا؛ لأن أبناء مصر مؤخرًا حققوا فيها تفوقًا عالميًا نفتخر به، وهذا تم بدعم أسرهم فقط، ورغبتهم فى النجاح.
لقد انشغل المصريون بشكل لافت للنظر بمتابعة المنتخب المصرى فى مباريات كرة القدم، ثم أصيبوا بإحباط بسبب فشل المنتخب واتحاد الكرة، وكثرة الدعاية والإعلانات باهظة التكاليف والإنفاق المادى الملايينى الذى صاحبه، وكأنهم أبطال مصر، وذلك قبل أن يلعبوا أو يفوزوا، وكأن لا يوجد لدينا أبطال غيرهم فى رياضات أخرى.
وذهب عدد كبير من المواطنين على نفقتهم الخاصة، وعدد آخر تمت دعوتهم بواسطة شركة اتصالات مصرية لدعم وتشجيع الفريق وكأنه سيفوز فعلًا، ما أثار غضب الشعب المصرى على المبالغ الكبيرة التى تم إنفاقها فى ذلك، وقبلها فى الدعاية لهم طوال شهر رمضان الكريم لكنهم خذلوا الجميع.. وأثار الأداء المصرى الضعيف استياء الجميع وما زالت أصداء الفشل فى بطولة العالم بروسيا مستمرة.. ومع كل الضجة حول كرة القدم والاهتمام بها من قبل الشعب المصرى، لم يحظَ أبطال وبطلات مصر فى الألعاب الفردية باهتمام كافٍ رغم أنهم استطاعوا أن يحققوا لنا نجاحًا كبيرًا فى ألعاب دورة البحر المتوسط التى تقام فى نفس الوقت.. ورغم أنه نجاح نفخر به جميعًا ويستحق أن تدعمه الدولة وأجهزتها والوزارات المعنية، بحيث يصبح الاهتمام بهم وتقديرهم ودعمهم منهجًا وخطة مدروسة وليس مجرد نجاحات فردية لأبطال تلقوا دعمًا كبيرًا من أسرهم، أو من مدربيهم فقط. إن كل بطل رياضى وبطلة رياضية حقق ميدالية يستحق التحية والتقدير لأنه تسبب فى رفع علم مصر فى إسبانيا بين الدول، وتسبب فى إذاعة السلام الجمهورى المصرى فى إسبانيا، وتحية لكل أم أو أب ساند ودعم ورعى التفوق الرياضى لابنه أو ابنته.. لقد حصد الرياضيون المصريون فى الألعاب الفردية ٣٢ ميدالية، منها ١٢ ذهبية والباقية بين فضية وبرونزية، حصدت مصر بها المركز الخامس فى ترتيب الدول الأكثر حصدًا للميداليات.. فتحية لبعض أسماء منهم: فريدة عثمان وسمر سمير وجابر فرحان ومحمد إيهاب وأحمد سعد ورجب عبدالحى وجيانا فاروق وهيثم فهمى.. ولا بد أن أذكر لفتة تقدير أسعدت اللاعبين وكانت خطوة موفقة منه، حيث استقبلهم أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، فى مطار القاهرة الدولى.. لكن أيضًا بالإضافة إلى ذلك فإن هذا لا يكفى، فلا بد أن يساعد الإعلام فى جعل الرياضات الفردية أكثر جماهيرية مثل كرة القدم.. وأيضًا الألعاب الرياضية الأخرى مثل كرة اليد وكرة الماء والكرة الطائرة والتنس وتنس الطاولة وغيرها من الرياضات التى تُمارس فى مصر. ولا بد أن تضع الدولة ممثلة فى الوزارات المختصة، مثل وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالى، خطة لكيفية دعم المتفوقين رياضيًا حتى يتم التنسيق بين التفوق الرياضى والتفوق الدراسى طوال سنوات الدراسة.. بل لا بد من توفير حوافز مغرية ومناخ عام فى المدارس لتعود الرياضة لتأخذ المكانة اللائقة والضرورية فى المدارس ومكافأة المتفوقين من خلال سياسة تتبناها وزارة التربية والتعليم.
لا بد أن يكون الاهتمام بالرياضة منهجًا ونظامًا متاحًا ومدعمًا من جانب الوزارات المعنية فى بلدنا لدى النشء منذ سن مبكرة، وأن يصبح اكتشاف وتشجيع المواهب وتنميتها أيضًا نشاطًا مهمًا وضروريًا فى المدارس.. وأن يقوم الإعلام بنشر الوعى بالألعاب الفردية والرياضات الأخرى وتسليط الأضواء على المتفوقين منهم، خاصة من فازوا فى الخارج فى المباريات العالمية.. لا بد أن نحتفل بالمتفوقين رياضيًا منذ سنوات الدراسة الأولى ومنحهم درجات إضافية، ورعايتهم بكل الطرق الممكنة.. إن الرياضة ضرورية فى بناء جسد سليم وهى صمام أمان للشباب فى مواجهة التشدد وأفكار التطرف والظلام.. وأيضا فى مواجهة الانحراف والسلوكيات العدوانية والفراغ.
هى أيضًا وسيلة لبناء عقول متفتحة وقابلة للتدريب والتعلم والانضباط والنظام الصحى والروح الرياضية والعمل الجماعى.
لكل هذه الأسباب، فإننى أرى ضرورة إدراجها فى المدارس- فى كل المدارس- ومتابعتها من قبل مسئولى التعليم فى بلدنا نظرًا لأهميتها فى حياة الشباب والشابات.
استمعوا للمتفوقين رياضيًا لأن لهم مطالب مشروعة ليستكملوا مسيرتهم الرياضية بنجاح، ولا بد أن يلقوا الدعم المناسب من الدولة.