"مدرب سباحة" انتصر على السرطان بالتحدى
على حمام السباحة، بداخل أحد النوادى السكندرية، يقف بين الأطفال المتدربين على رياضة السباحة، متخذًا من عزيمته ظهرًا، راسمًا على وجهه ابتسامة أمل وتحدٍ، إنه الكابتن "كريم ندا" مدرب السباحة.
تخرج كابتن كريم ندا فى كلية التربية الرياضية، ويعمل مدربًا للسباحة واللياقة البدنية منذ ١٠ سنوات، إلا أن عدوًا سكن جسده، ولكنه استطاع تطويعه ليصبح رفيقًا، فقد أصيب "كريم" بمرض السرطان منذ سنتين بلا إنذار مسبق، عندما أحس بألم في ساقه اليسرى، وعندما أخبره الطبيب بأنها سليمة وما يشعر به مجرد حالة نفسية، ذهب إلى سيوة ودفن ساقه في الرمال هناك، واستعان بالحجامة، ولكن في النهاية اكتشف أنه أصيب بالسرطان الذى بدأ رحلته بداخل جسد كريم من الكلى وانتشر في عظام جسده، ما جعله يستأصل الكلية اليمنى، والانتهاء من مرحلة العلاج الكيميائي، وفي انتظار مرحلة المسح الذري.
"الحمد لله، قدر الله وما شاء فعل".. أول ما تلفَّظ به "كريم" عند علمه بما أصابه، "شعرت بأنها آية من الله فيا للناس، فلو كنت دمرت نفسيا، كانت ستنتشر طاقة يأس بين المحيطين بي، فكنت أشاركهم خطوات علاجي بكتابة منشور على صفحتي على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، بدعاء ما، بجملة إيجابية وغيرها، فكانت كلمات الناس لي تساندني، وشعرت تجاه مرض السرطان بالتحدى، لنرى من فينا سيهزم الآخر".
استمر كريم برحلة علاجة بداخل مستشفى أيادى المستقبل المجانية، والذي تابع مراحل علاجه منذ بدايته، مع توفير كامل العلاج، موجهًا رسالة إلى أصحاب الشكوى في أي تقصير يحدث سواء من مستشفيات التأمين أو المجاني، بأن تحضير العلاج الكيميائي يحتاج وقتًا ومجهودًا من العاملين عليه من الأطباء والمرضى، خاصة مع زيادة أعداد المصابين بالسرطان، مضيفًا: "لو المرضى فهموا شوية تلك الإجراءات لتحضير العلاج الدنيا هتهدا".
لقد شاهد كريم مرض السرطان يعتصر والدته، واستمر معها ٢٠ عامًا، وعاصر ما تحملته من صبر واحتمال لقسوة العلاج.
علاقة كريم بأولياء أمور الأطفال المتدربين طيبة، كما قال: "فهم من بدأوا يتخذون من تجربتى نموذجًا ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي، فحب الناس والطاقة الإيجابية التي أحصل عليها من هؤلاء الأطفال مصدر قوتي الأساسية، فالطفل يحبك دون مقابل، وهى علاقة خالية من أي مصالح، مش هسمح إن حد فيهم يزعل عليا أو يبكي، حبهم عندى بالدنيا، فأنا أحب أن أبدأ بنفسى وأشتغل بضمير، وعندما وقعت واحتجت لتواجدهم بجانبى، لم يقصر الله معي".
ويرى كريم أن المرض عبارة عن درس للإنسان، يجعله يفكر كثيرًا ويراجع نفسه في أمور كثيرة، فروح التحدى ستجعل مرضى آخرين في حالة مرضية أسوأ منه يتقوون به، ولا بد أن نصبر على عطية الله: "أنا بتحدى نفسي وهقف على رجلى من جديد وهشتغل وهرجع أحسن من الأول إن شاء الله، فالله يعطينا نعمًا كثيرة، أهمها نعمة الرضا، فإذا تحلينا بتلك النعمة، سنستطيع تقبل كل ما يحدث معنا والشعور بباقي نعم الله".
"الوقاية خير من العلاج".. يقول كريم: "لا بد من منع السرطان منذ البداية، وتوفير مراقبة ذاتية على الطعام والشراب، وكل مسببات الإصابة بمرض السرطان، هذا لا يقل أهمية عن جمع التبرعات بعد الإصابة بالمرض خاصة مع زيادة أعداد المصابين به".
ويعلق: "أجمع تبرعات علشان مرض ناس ولاّ أخلّى الناس أصحاء من الأساس، وأقلع عن أسباب حدوثه من الجذور، فمن الأولى أن يكون هناك جمع للتبرعات لعمل دراسات وأبحاث علمية لكيفية الوقاية من مرض السرطان وتقليل أعداد المصابين به".